أقدمت مجموعة من الشبان على قطع الطريق المحوري في مدينة السويداء، جنوب سورية، بالإطارات المشتعلة، ورفعوا لافتات تطالب بالعصيان المدني في كل أنحاء البلاد وطرد إيران و"حزب الله" اللبناني منها، في خطوة تصعيدية أنهوها ببيان يشرحون فيه مطالبهم.
وتشهد محافظة السويداء، جنوب سورية، احتجاجات شبه يومية ووقفات صامتة، كان آخرها يوم الإثنين الماضي في ساحة الكرامة بمدينة السويداء، طالب فيها المحتجون بتنفيذ القرار الأممي 2254 ومحاسبة المسؤولين عن الدمار الذي لحق بالبلاد، وخروج كل القوات الأجنبية التي جلبها النظام السوري لحمايته، كما وجهوا رسائل عديدة لكافة المحافظات السورية بالخروج معهم كي ينقذوا ما بقي من سورية.
الناشط المدني منيف رشيد قال لـ"العربي الجديد"، إن المجموعة الشابة التي خرجت صباح اليوم تحمل لافتات عن الوضع المعيشي والسياسي، هي مجموعة جديدة على الساحة، مشيراً إلى أن رقعة الاحتجاجات تتسع ولم يعد أحد قادرا على الصمت والصبر على الخطابات الرسمية لموظفي النظام عن الصمود والعقوبات والحصار.
وأنهى المحتجون وقفتهم ببيان مصور للرأي العام، قالوا فيه: "نحن نطالب الحكومة السورية بالحفاظ على مؤسسات الدولة، وبالمقابل تسرق هذه المؤسسات وتنهب كافة المواد المخصصة للمواطنين في السويداء وتحرمهم من جميع مستلزمات الحياة اليومية وتحولها إلى جيوبهم الخاصة، أو يتم بيعها إلى المقربين منهم، وإلى تجار محسوبين على النظام في عملية فساد لم تشهدها المحافظة من قبل".
وأضاف البيان: "تتهمنا السلطات السورية بعمليات تخريب المحافظة عبر مظاهراتنا السلمية، وهي تقوم من خلال أجهزتها الأمنية بحماية تجار المخدرات والعصابات الإرهابية لنشر المخدرات بين الأطفال والشباب وتهديد البنية الاجتماعية والقيم والأخلاق التي تربينا عليها، حيث سيتم من جميع الشرفاء في هذه المحافظة التصعيد بكافة الوسائل السلمية المتاحة".
واتهم البيان النظام السوري بفرض حصار اقتصادي ممنهج على السويداء من خلال حواجز الأمن والجيش التابعة له على الطرقات المؤدية إلى المحافظة أو حتى داخل المحافظة نفسها، وفرض الرشاوى، ما يؤدي إلى غلاء أسعار كافة المواد والمستلزمات المعيشية للمواطن.
واتهم المحتجون في بيانهم السلطة الحاكمة بالإرهاب الذي تتعرض له المحافظة، "والمدعوم من الأجهزة الأمنية التي جلبت (داعش) إلى محافظة السويداء وتآمرت معه في قتل سكان المحافظة في قرى المقرن الشرقي. فالسلطات والضابط الذين تسلطوا على رقاب الشعب هم من ينهبون المال ويأخذون الحصص في كل شيء حتى من الحوالات المالية التي تأتي من المغتربين وتصادرها بحجة أنها قادمة من إسرائيل".
وأردف البيان: "كل من يقف إلى جانب السلطة من أبناء السويداء هو مستفيد ومشارك في الفساد ومتورط في تجارة المخدرات والتسويق للمشروع الإيراني الطائفي للتغيير الديموغرافي في جبل العرب".
وأعلن المحتجون عن خطوات تصعيدية تبدأ من اليوم، وفق البيان الذي أصدروه، حيث جاء فيه: "إطلاق حال عصيان مدني في السويداء على مراحل متصاعدة. والعصيان المدني في هذا اليوم هو أول خطوة من خطوات هذا التصعيد، حتى تحقيق المطالب التالية: تحسين الوضع المعيشي وتأمين المحروقات والكهرباء والماء. وإلقاء القبض على الفاسدين مهما كانت سلطتهم ومهامهم المكلفين بها إلى المحاكم فلا أحد فوق القانون، وطرد الأجهزة الأمنية الداعمة لتجار المخدرات، وصولاً للانتقال السياسي".
الناشط الإعلامي حمزة المعروفي قال لـ"العربي الجديد": "تبرز أهمية الاحتجاجات الأخيرة في السويداء من خلال تبنيها خطابا جامعا للسوريين بالدرجة الأولى، ولكونها نتاجا لنضوج وعي سياسي واجتماعي لدى فئة الشباب ثانيا".
ويرى أن هذا الوعي يتجلى من خلال المطالب المطروحة والشعارات المتبناة، ما يفتح المجال لإعادة استنهاض الهمم في باقي المحافظات، وتوحيد المطالب والابتعاد عن تسييسها أو جرها لأي نوع من الأدلجة.
كما أن "حجم الاحتجاجات مقارنة بالأعوام السابقة ينبئ بأن حالة الانقسام المجتمعي بين موال ومعارض بدأت بالتلاشي، ومن حيث النوعية، فقد شكلت تمثيلا حضاريا لكافة ألوان المجتمع في السويداء من حيث الطيف الديني والفكري والعمري ومن حيث الحضور الواضح للعنصر النسائي في هذه النسخة من المظاهرات".