على الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الذي تعرّض فجر الأحد الماضي لمحاولة اغتيال باستهداف منزله بطائرات مسيرة مفخخة، معرفته بما وصفها بـ"الجهات المنفذة" التي حاولت قتله، إلا أن لجنة التحقيق التي شكلتها السلطات العراقية لهذا الغرض لم تعلن أي مستجدات بما يتعلق في الحادثة، وسط حديث عن إمكانية التسوية السياسية للحادثة.
وشكل المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي لجنة عليا للتحقيق في محاولة الاغتيال، يرأسها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وتضم بعضويتها وكيل شؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية الفريق أحمد أبو رغيف.
وأجرى الأعرجي الأسبوع الفائت عدة لقاءات مع قيادات الفصائل المسلحة العراقية، بعضها لم يُعلَن، في إطار تحركاته للتحقيق في الملف.
ووفقاً لمسؤول حكومي مطلع، "تؤكد نتائج التحقيق أن الهجوم تقف خلفه فصائل مسلحة نافذة في بغداد، وتحديداً فصيلين مسلحين عُرفا بمواقفهما المحتدة من الكاظمي، وإطلاق تهديدات بحقه بين وقت وآخر"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، بشرط عدم ذكر اسمه، أن "رئيس الوزراء على تواصل مباشر مع لجنة التحقيق، لمعرفة ومتابعة تطورات التحقيق".
وشدد على أنّ "من الصعب الكشف عن النتائج دون اكتمالها، إذ إن القوى السياسية تطالب بأدلة، لا مجرد اتهامات، كذلك إن الحكومة تتجنب توتير الأجواء خلال هذه المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد"، مبيناً أن "حسم النتائج لا يعني إعلانها بكل الأحوال، ولا سيما مع وجود ضغوط تمارس من قبل بعض الأطراف على الحكومة لتسوية الملف".
وكان المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسن ناظم، قد أكد أمس السبت، أن "التعامل مع موضوع الأطراف المتورطة في محاولة اغتيال الكاظمي سيكون كما تم التعامل مع المتورطين في قضية اغتيال الخبير السياسي هشام الهاشمي وآخرين"، مشدداً في تصريح صحافي على أن "الدولة لن تتفاوض على سيادتها، بغضّ النظر عما إذا كانت هذه الأطراف تمتلك أسلحة أو لا".
وأضاف: "الحكومة ملتزمة الدستور والقانون. والهجوم على منزل الكاظمي لم يكن هجوماً شخصياً، بل هجوماً على الرمز الوطني للعراق"، مؤكداً أنه "سيُكشف عن الجناة من خلال لجنة التحقيق. لقد حاولوا اغتيال الكاظمي وأرادوا استخدام القوة والانقلاب للسيطرة على الحكم".
إثارة الشكوك
في الأثناء، تواصل الفصائل المسلحة الناشطة في العراق وقياداتها السياسية إثارة الشكوك حول حقيقة محاولة الاغتيال.
وجدد زعيم تحالف "الفتح" الممثل لـ"الحشد الشعبي"، هادي العامري، شكوكه بذلك، وقال يوم أمس: "تحدثنا مع القيادات الأمنية باجتماع خاص بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ونطالب بإجراء تحقيق شفاف ودقيق لمحاسبة من قام بهذا العمل أياً كان، ولن تكون هناك لملمة لهذا الموضوع".
واستدرك قائلاً: "لكن هل هذا الحدث موجود أصلاً أم لا؟ استهداف بطائرات مسيرة حقيقي أم لا؟ وأنا أكثر الناس تشدداً لكشف من قام بهذا العمل أياً كان وتقديمه للقضاء لينال جزاءه"، مشيراً إلى أن "منصب رئيس الوزراء منصب للشيعة وليس هناك شيعي عاقل يهاجمه، لكن ربما الأعداء يفعلون ذلك. نحن والأخوة في الفصائل المسلحة أكدنا لرئيس الوزراء رفضنا لهذا الفعل، وشددنا على محاسبة كل من يقف وراءه".
خلط الأوراق
إلى ذلك، عبّر النائب في البرلمان المنحل، عن مليشيا "العصائب" محمد البلداوي، عن استغرابه ما أسماه "المماطلة" في إظهار الحقائق بشأن محاولة الاغتيال، وقال في تصريح صحافي إنّ "من المعيب أن تتهم الحكومة أطرافاً عراقية ثبت ولاؤها للعراق في حرب داعش، وتترك المتهم الحقيقي يستغل الظروف لخلط الأوراق".
وتابع قائلاً: "من المفترض أن أجواء المنطقة الخضراء مؤمنة من قبل منظومة (السي رام) الأميركية، وأن الطيران الأميركي مستمر بالأجواء العراقية، ما يعني أن القوات الأميركية هي المتهم الأول والأخير بذلك".
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، قد أعلن الخميس الماضي، أن التحقيق في حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لا يزال في مراحله الأولى، ولم يعرض بعد على القضاء.
وتواصل القوات الأمنية العراقية إجراءاتها المشددة وانتشارها الواسع في العاصمة بغداد، ولا سيما داخل المنطقة الخضراء التي تضمّ مباني الحكومة والبرلمان ومقار البعثات الدبلوماسية وفي محيطها، ضمن خطة لبسط سيطرتها على الوضع المرتبك الذي تصاعدت حدته إثر محاولة الاغتيال.