يخوض المحامون التونسيون معارك قانونية مهمة هذه الأيام، بعد أن تجندوا من مختلف الفئات العمرية والمرجعيات الفكرية والسياسية للدفاع عن قضيتهم المركزية "رفض المحاكمات العسكرية".
وينتظر المحامون جلسة الأربعاء المقبل سعياً لإغلاق الباب أمام المحاكمات العسكرية للمدنيين، حيث سيتم الحكم من دائرة الاتهام في مدى اختصاص القاضي العسكري في محاكمة المحامي مهدي زقروبة، المتهم في ما يعرف بـ"قضية المطار"، آملين إحالة الملف إلى القاضي المدني.
وفي السياق، نظمت، اليوم السبت، حركة "أمل وعمل" التي يرأسها النائب السجين ياسين العياري وقفة تضامن معه، بحضور والدته وأفراد عائلته وعدد من أصدقائه، انضم إليها عدد من النشطاء الرافضين المحاكمات العسكرية.
وتظاهر المتضامنون مع العياري المسجون بقرار محكمة عسكرية، بسبب قضية تعود إلى 2017، أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، رافعين شعارات رافضة للمحاكمات العسكرية للمدنيين، ومنددين بإيقاف وسجن ياسين العياري على خلفية إثارة قضية عسكرية جديدة ضده بسبب تدوينات على صفحات التواصل الاجتماعي، وتعبيره عن أرائه ضد انقلاب 25 يوليو/تموز.
وحضر، أول من أمس الخمس، نحو مائة وخمسين محامياً خلال جلسة المحامي المهدي زقروبة بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس، في القضية التي عرفت بـ"اقتحام المطار" والاعتداء على أعوانه، فيما اصطف المحامون الباقون في البهو أمام القاعة، منشدين النشيد الوطني رفضاً لمحاكمة المحامي أمام القضاء العسكري، في مشهد لم يحدث منذ ثورة 2011 وحتى قبلها، بحسب المحامين.
وأكد الحقوقي والمحامي حبيب بن سيدهم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "ملف المحامي مهدي زقروبة أو ما يسمى بملف المطار، يتعلق بالمحامي وخمسة نواب من ائتلاف الكرامة، من بينهم محام آخر هو النائب سيف الدين مخلوف".
وبيّن أنّ "منطلق القضية يتعلق بامرأة مظلومة تم منعها من السفر في مطار تونس قرطاج بتعلة وجود ملحوظة منع من السفر (أس 17)، فاتصلت المعنية بمحاميها مهدي زقروبة وبعدد من النواب بالبريد الإلكتروني، وهو ما تم تقديمه للتحقيق".
وأوضح بن سيدهم أنّ زقروبة توجه بصفته محامي المعنية، والنواب بصفتهم البرلمانية، مشيراً إلى أنّ "من مهام المحامي حسب القانون الاتصال بالإدارة وتم تحرير محضر لها".
وأوضح المحامي أنّ 'الفيديوهات المسلمة من النقابات الأمنية أمام التحقيق تحولت من دليل إدانة ضد زقروبة إلى دليل براءة، لأنها أظهرت اعتداء عليه".
وأكد أنّ "حضور المحامين تجاوز 150 محامياً من كل الأعمار، المحاماة الشابة وشيوخ المهنة، ومن كل الأطياف السياسية من قوميين وإسلاميين واشتراكيين... جمعهم الأستاذ زقروبة"، بحسب تعبيره.
إذا أقرت دائرة الاتهام بأن القاضي العسكري مختص فإنها فتحت الباب لمحاكمة المدنيين عسكريا
وأكد أنّ "رئيس فرع المحامين بتونس طلب رفع الجلسة للتشاور والتنسيق حول قائمة الدفاع لتمثيلهم بـ10 محامين، لأنه في حالة رافعنا جميعاً ستتواصل الجلسة لـ5 أيام" وفق تقديره.
وأضاف: "سجلنا للتاريخ أن هذه المرة من المرات القليلة التي تترافع فيها النيابة العمومية، حيث دأبت العادة أن تطلب المحاكمة وتطبيق القانون، وفوجئنا بمرافعة كاملة لمساعد وكيل النيابة ضد زقروبة وترافع لسان الدفاع، ثم أصدر التحقيق قراره برفض الإفراج".
وأكد بن سيدهم أنه "ما زالت جولة أخرى أمام دائرة الاتهام يوم الأربعاء 15 سبتمبر/أيلول، التي ستقضي في مدى اختصاص القاضي العسكري بناء على طلبنا في التخلي لفائدة القاضي العدلي المدني، بحكم أنّ هناك قضية سابقة من مارس/آذار الماضي، في حين جاء القاضي العسكري بعد 25 يوليو/تموز للتعهد بالملف".
وبيّن أنّ "القضية مصيرية تتمثل في قرار يتعلق بمصير الحقوق والحريات بعد 25 يوليو، إذا أقرت دائرة الاتهام بأن القاضي العسكري مختص، فإنها فتحت الباب لمحاكمة المدنيين عسكرياً".
وقال إنّ ما يحدث "ملحمة من ملاحم المحاماة في تاريخ تونس المعاصر"، وقد عبّر عنه العميد البشير الصيد في مرافعته قائلاً "ليس مهدي زقروبة من يحاكم عسكرياً اليوم، بل المحاماة التونسية من تحاكم، المحاماة التي ناضلت وكانت دعامة للثورة التونسية".