محافظة درعا المضطربة: بين أجهزة الأمن و"داعش" وتجار المخدرات

11 مارس 2023
عناصر من قوات النظام في درعا البلد، سبتمبر 2021 (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

منذ استعادة قوات النظام السوري السيطرة على محافظة درعا، جنوبي سورية، عام 2018 بمساندة روسية، تتواصل الأوضاع المضطربة في المحافظة، بسبب تداخل ثلاثة عوامل أساسية: أولها المجموعات التابعة للنظام التي تعبث بأوضاع المحافظة لأهداف خاصة، والثاني نشاط العناصر المرتبطين بـ"داعش"، أما الثالث فتجارة المخدرات التي تشارك فيها أطراف مختلفة.

وفي آخر التطورات الميدانية، قُتل ثلاثة عناصر من قوات النظام، أول من أمس الخميس، بعد استهداف سيارتهم على الطريق الدولي بين دمشق ودرعا قرب بلدة خربة غزالة في الريف الشرقي، فيما سقط أحد عناصر المجموعة المهاجمة، وهو عنصر سابق في "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة)، في درعا.

مواجهات "اللواء الثامن" في درعا

وجاءت العملية في منطقة شهدت خلال الأيام الماضية مواجهات عنيفة بين "اللواء الثامن" المدعوم سابقاً من روسيا، ويتبع نظرياً للأمن العسكري، ومجموعات محلية في بلدة أم المياذن، متهمة بالضلوع في تجارة المخدرات والتنسيق مع خلايا نائمة لتنظيم "داعش". وانتهت تلك المواجهات بمقتل قائد مجموعة رئيسية يدعى فايز الراضي، المتحدر من بلدة نصيب الحدودية مع الأردن والمجاورة لأم المياذن.

حملة "اللواء الثامن" مثار تساؤل كونها انتقائية ولا تشمل جميع المتورطين بتجارة المخدرات

وقال الناشط أبو محمد الحوراني لـ"العربي الجديد"، إن المواجهات بين الطرفين لا تتصل فقط بقضية المخدرات، فمن المعتقد أن مجموعة الراضي سهّلت خروج عناصر وقيادات "داعش" من درعا البلد، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي خلال العملية الأمنية التي شنّها "اللواء الثامن" والمجموعات المحلية ضد فلول التنظيم في درعا البلد وطريق السد، بما في ذلك تسهيل هروب اثنين من أبرز المطلوبين، وهما محمد المسالمة ومؤيد حرفوش، المتهمان بإيواء عناصر وقيادات من التنظيم، وارتكاب جرائم أخرى.

وأضاف الحوراني أن أجواء التوتر بين الطرفين تواصلت في نهاية الشهر الأول من العام الحالي بعد احتجاز إسماعيل القداح، القيادي في مجموعة الراضي، من قبل حاجز للأمن العسكري في درعا المحطة، وما تخلل ذلك من اشتباكات تسببت في مقتل علي سعد، طبيب الأعصاب الوحيد المتبقي في محافظة درعا، قبل أن يتدخل "اللواء الثامن" لاحتوائها.

أما التوتر الأخير، فقد بدأ مع اعتقال "اللواء الثامن" تجار مخدرات في بلدة صيدا ينتمون إلى مجموعة فايز الراضي التي بادرت إلى استهداف أحد حواجز "اللواء الثامن"، فرد باعتقال العديد من أفرادها.

تبعت ذلك محاولة من جانب مجموعة الراضي لاقتحام البلدة أحبطها "اللواء الثامن"، ووسّع نشاطه إلى البلدات المجاورة في شرقي درعا لملاحقة مهربي المخدرات في بلدة أم المياذن، في عملية شهدت قصفاً متبادلاً بين الجانبين وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص من مجموعة الراضي، واعتقال عشرات الأشخاص، ثم مقتل الراضي نفسه، ومعه شخص آخر في عملية اغتيال استهدفتهما بإطلاق نار في بلدة الطيبة، شرقي درعا. والراضي هو قيادي سابق في فصيل "جيش اليرموك" المعارض وقد انضم إلى "الأمن العسكري" التابع للنظام بعد إجراء تسوية عام 2018.

ونقل "تجمع أحرار حوران" عمن قال إنه مصدر مقرب من "اللواء الثامن"، أن الهدف من الحملة هو التخلص من فايز الراضي وإسماعيل القداح بأوامر مباشرة من مسؤول الفرع العسكري التابع للنظام في درعا، العميد لؤي العلي، بسبب خلافات بين الطرفين على نسبة العلي من عمليات التهريب.

وأشار التجمع إلى أن هذه العملية لن تستهدف جميع العاملين في تهريب وترويج المخدرات، خصوصاً الأسماء التي تدفع إتاوات شهرية للعلي ونسبة محددة من كل عملية تهريب.

الورقة الجديدة القديمة في يد أجهزة مخابرات النظام هي محاولة إحياء وتحريك خلايا "داعش"

وكان المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو محمود قد أفاد "العربي الجديد" بأن حملة "اللواء الثامن" تعد مثار تساؤل لدى العديد من الأهالي في المنطقة كونها "انتقائية" ولا تشمل جميع المتورطين بتجارة المخدرات المعروفين في المنطقة الشرقية.

وبشأن ارتباط العملية بعناصر "داعش"، رأى أبو محمود أن لؤي العلي يريد أن يظهر أمام قياداته في دمشق، وأمام الأهالي في درعا، بمظهر من يطارد عناصر التنظيم، فيما توجد صلات قوية بين الفرع الذي يديره، وخلايا التنظيم، كما اتضح في أحداث بلدتي جاسم وطفس في نهاية العام الماضي.

واستدرك أبو محمود بالقول إن "اللواء الثامن"، وإن كان يتبع نظرياً للأمن العسكري ويتلقى عناصره رواتبهم من هذا الفرع، لكن عناصره وقياداته "هم في النهاية من أبناء درعا، ولا تتطابق أجندته دائماً مع أجندة النظام، وهو حريص على إحكام سيطرته على مناطق الريف الشرقي في المحافظة، والتخلص من أي مجموعات لا تعمل تحت إمرته، سواء من تجار المخدرات، أم من خلايا "داعش".

تحريك خلايا "داعش"

ويبدو أن الورقة الجديدة - القديمة في يد أجهزة المخابرات التابعة للنظام هي محاولة إحياء وتحريك خلايا تنظيم "داعش"، والذين تطلق تلك الأجهزة سراح بعضهم بين الفينة والأخرى، أو تسمح لهم بالوصول من البادية السورية عبر السويداء.

ورغم محاولات استخدام عناصر التنظيم من جانب أجهزة الأمن، إلا أن القيادي السابق في "الجيش الحر" أبو عدي، استبعد أن يتمكن التنظيم من تأسيس قاعدة قوية في محافظة درعا.

وأشار في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن أغلب مناطق درعا باتت خالية من عناصر "داعش" الموجودين اليوم على شكل خلايا صغيرة أو أفراد يجري توظيفهم بشكل منفصل من جانب أجهزة الأمن لتنفيذ اغتيالات ضد المطلوبين للنظام، بعضهم موجود في بلدة نصيب بحماية أجهزة النظام، ويسعون للانتقال إلى المناطق الشرقية، حيث سيطرة "اللواء الثامن"، لكن جهودهم تبوء بالفشل.

وكان النظام قد عمد عام 2019 إلى إطلاق سراح العشرات من عناصر وقادة "جيش خالد" الموالي لتنظيم "داعش" من سجونه بعد اعتقالهم في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي عام 2018، بهدف توظيفهم في بثّ الفتن وتنفيذ اغتيالات بحق المعارضين للنظام.

المساهمون