محاذير أميركية من "المجهول" في سورية ما بعد إسقاط بشار الأسد

15 ديسمبر 2024
سوريون يحتفلون بإسقاط الأسد في ساحة الأمويين بدمشق، 8 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مخاوف بشأن مرحلة ما بعد بشار الأسد في سوريا، مشيرًا إلى تحديات مثل الإرهاب وحقوق الأقليات، وسط ظروف غامضة لانهيار النظام السوري.
- تزامنت زيارة بلينكن إلى بغداد والأردن مع تقارير عن انسحاب روسي محتمل من سوريا، مما يعكس قلقًا من تطورات أمنية قد تعجز موسكو عن التعامل معها بسبب انشغالها في أوكرانيا.
- أعلنت الإدارة الأميركية عن تواصل مع هيئة تحرير الشام لدعم النظام الجديد في سوريا، مع استعدادات لرفع اسم الهيئة من لائحة الإرهاب وإعادة فتح السفارة الأميركية في دمشق.

عزز ما كشفه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، بعد لقاء العقبة، ما تتقاطع عنده القراءات الأميركية منذ أسبوع بأن سورية تتجه نحو "المجهول" في مرحلة سورية ما بعد بشار الأسد، إذ إن أمام القيادة الجديدة لسورية أكثر من اختبار، وعليها اجتياز حقول من الألغام التي لفت بلينكن إلى أخطرها، مثل تهديد الإرهاب الذي طلب منها "منعه من التمركز في سورية"، كما توقف عند "حقوق الأقليات وضرورة احترامها". 

وبدا بلينكن في تصريحاته وكأنه كان أيضاً يخاطب ويحذر ضمناً "قوى النظام الذي تهاوى" من اللجوء إلى هذه الخيارات، وكأنه توفّرت لواشنطن معطيات أو ما يثير مخاوف مشروعة من هذه المخاطر المحتملة التي قد تهدد الوضع الجديد قبل استكمال انطلاقته. ويعود التوجس من مثل هذه المخاطر وغيرها من المحاذير إلى "الظروف الغامضة والسرية التامة" التي أحاطت بالانهيار السريع للنظام. فمنذ البداية وحتى هذه اللحظة، ما زال الاعتقاد السائد في واشنطن بأن هروب الأسد بالطريقة التي غادر فيها ينطوي على "لغز ما".

ثم جاء تمديد زيارة الوزير بلينكن لتشمل بغداد والأردن ومشاركته في لقاء العقبة الموسّع ليعززا هذا الاعتقاد، الذي اقتضى سرعة وتوسيع دائرة التحرك في محاولة لقطع الطريق على التهديدات والإعداد لإحباطها. كما صبّ في هذا المجرى ما انكشف الجمعة عن أن طائرتي شحن روسيتان غادرتا مطار حميميم بحمولة لمعدات عسكرية بدت بمثابة بداية "الانسحاب الروسي" من سورية، وفق بعض التقديرات، فيما حسبها آخرون أنها قد تكون "خطوة استباقية" لتطورات أمنية قادمة في سورية، وقد يتعذر على موسكو المشغولة في حرب أوكرانيا أن توفر الحماية لهذه القاعدة الجوية. وترددت معلومات مشابهة عن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس. 

تحليلات
التحديثات الحية

وترافق مع هذا التطور كلام وإشارات عن زعزعة أمنية قد تقوم بها قوى من الداخل لتشويه صورة الوضع الجديد ومحاصرته بالشكوك، وبما يؤدي إلى تعاظم الفوضى؛ وبالتالي إلى ضرب عملية التغيير لو أمكن. وقد أشار الوزير بلينكن إلى هذا التهديد عندما لفت إلى سوابق "أدى فيها السقوط السريع للنظام القمعي إلى المزيد من النزاعات والفوضى". وللطمأنة، أو ربما لتحذير جهات قد تكون في طور الإعداد لعمليات إرهابية تستهدف الوضع الأمني أو الأقليات، كشف الوزير عن أن الإدارة الأميركية مدّت جسور التواصل "المباشر" مع هيئة تحرير الشام، بالرغم من أن هذه الأخيرة ما زالت على لائحة الإرهاب الأميركية، ليكون أشبه بالتبني للنظام الجديد، وبما ينطوي ضمنا على التزام بدعمه.

وسبق لوزارة الخارجية أن أفصحت عن هذا الدعم، ولو أنها ربطته بـ"قيام الهيئة بخطوات عملية وتوفير شروط" كانت القيادة الجديدة قد أعلنت التزامها بها، مثل موضوع الأقليات وتشكيل حكومة "جامعة" لإقامة حكم مدني، وغير ذلك. ويذكر في هذا السياق أن موضوع رفع اسم الهيئة من اللائحة متداول، وكذلك موضوع إعادة فتح السفارة الأميركية في دمشق، ما جعل إمكانية تحقيق الأمرين "مسألة وقت". كما تجدر الإشارة إلى أن فريق الإدارة القادمة لم يصدر عنه أي تحفظ بشأن ما أعلنه الوزير بلينكن عن الاتصال المباشر مع القيادة السورية الجديدة. 

وحسب ما نقل عن أجواء الرئيس دونالد ترامب من أن فريقه "متعاون" مع إدارة بايدن في هذا الخصوص، وبما يفيد بأنه يرحب بحل ما أمكن من إشكالات الوضع السوري قبل تسلمه سلطاته في 20 يناير/ كانون الثاني القادم. ولا يقوى أي رئيس أميركي على تجاهل الأزمة السورية، ولو أن ترامب وصف سورية مؤخرا بأنها "أرض الدم والرمال"، وأن أميركا غير معنية بها. لكن في المقابل، لا ينكر أحد أن إخراج سورية من تركة أكثر من نصف قرن مع ما يحيط بها من وضع إقليمي مضطرب وغارق في الحروب "ليس عملية سهلة"، ولا من دون مخاطر، بل ليس من عمليات الانتقال التي يمكن التكهن المسبق بنتائجها.

المساهمون