محادثات فيينا النووية: إشاعات وإشارات حول "مسودة" اتفاق

04 يونيو 2021
تكهنات بحصول اختراق قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية (Getty)
+ الخط -

 في اليومين الماضيين، تصدّر موضوع محادثات النووي الإيراني في فيينا، المؤتمر الصحافي اليومي في وزارة الخارجية الأميركية وشغل مساحة ملحوظة من الأسئلة والأجوبة.

عدّة أمور دفعته إلى الواجهة، من بينها همس تردد في واشنطن حول أن تكون الأطراف قد توصلت أو اقتربت من التوصل إلى مشروع "مسودة" اتفاق للعودة إلى صيغة 2015.

وما عزّز عدم استبعاد هذا الاحتمال، أن ردود وزارة الخارجية الأميركية جاءت بلغة مشفرة تحتمل التفسير في هذا الاتجاه، أكثر من أي مرة سابقة.

الناطق الرسمي نيد برايس، في رده على سؤال إن كان قد جرى التوافق على تحديد العقوبات التي سترفع عن إيران في حال عودتها إلى الامتثال لاتفاق 2015، كما على تحديد الخطوات الإجرائية المطلوبة من طهران؛ قال: "ما يجعل العملية اليوم مختلفة هو أن الصيغة (اتفاق 2015) جاهزة، ولو أننا لا نملك بعد كل الأجوبة". في ذلك إشارة مبطّنة إلى ما يبرر مسبقاً اختصار مدّة المفاوضات، لو صدقت الإشاعة، أو ربما التسريبة.

ويوم الثلاثاء، لمّحت نائبة الناطق جالينا بورتر إلى ما يُجاري هذه النغمة، عندما قالت: "ليس لدي ما أعلنه" الآن حول المسودة. عدم نفي القصة، أو على الأقل عدم وضعها في خانة التطور السابق لأوانه، زاد من نسبة الجدّية فيها.

تواكب مع ذلك تأكيد الخارجية، أمس الخميس، أن المبعوث روبرت مولي "هو في طريقه الآن (الخميس)" إلى واشنطن، بعدما كانت قد توقعت عودته "في نهاية الأسبوع للتشاور"، من غير أن تعلن "أي شيء عن مفاوضات لاحقة" أو عن موعدها.

وفي معرض شرحه، كشف برايس عن أن "تركيز مولي يقتصر الآن على النووي"، وبما يعني ضمناً أن المفاوضات في طورها الحالي لا تشمل برنامج الصواريخ ولا الحضور الإيراني بالوكالة في المنطقة.

وإن كان هذا قصده فمعنى ذلك أن المفاوضات تجزأت لتنهي وبسرعة الشق النووي على أن تتبعه مفاوضات بشأن القضايا الأخرى بعد أن يجلس الجانبان، الأميركي والإيراني، وجهاً لوجه إلى الطاولة.

بموازاة هذه التلميحات، تواصل الإدارة خطابها الغامض والمتنافر لناحية أنها "ليست متفائلة أو متشائمة" وأن الجولات الخمس التي انقضت "حققت بالتأكيد تقدماً" وأن واشنطن "لم تحصل بعد على كل الأجوبة". وكأنها تتحدث عن بلوغ التفاوض مرحلة حسم ما تبقى من جوانب عالقة من المتوقع أن تصل قريباً إلى خواتيمها.

ولا يبدو صدفةً أن تتزامن زيارة وزير الأمن الإسرائيلي بني غانتس لواشنطن ولقاؤه، أمس، نظيره الأميركي لويد أوستن، مع نهاية الجولة الخامسة من مفاوضات فيينا. ربما وصول هذه الأخيرة إلى نقطة فاصلة هو الذي استوجب هذه الزيارة التي قيل في واشنطن إنها تتعلق بإعادة تعويض إسرائيل ما فقدته من شبكة القبة الحديدية في العدوان الأخير على قطاع غزة. لكن هذا التعويض سبق وتعهد به الرئيس جو بايدن والكونغرس، حسب السناتور الجمهوري لاندسي غراهام، وهو متحمس لمساعدة عسكرية بقيمة مليار دولار لإسرائيل وبالتالي لا يفترض أن تكون هناك ضرورة لزيارة بهذا المستوى وفي هذا الوقت السياسي المضطرب في إسرائيل للبحث في مساعدة لا عوائق في مجراها الأميركي.

منذ بداية الحديث في مايو/أيار الماضي عن "حصول تقدم " في محادثات فيينا، سرت تكهنات بأنه ليس من المستبعد حصول "اختراق قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية".

استند هذا الاستنتاج إلى تقاطع مصلحة الطرفين الأميركي والإيراني في العودة إلى الاتفاق كما إلى ضغط عامل الزمن، ناهيك بأن إدارة بايدن أعطت الأولوية لهذا الملف منذ ما قبل مجيئها إلى الحكم وشبه تعهدت بالعودة إلى الاتفاق. يضاف إلى ذلك أنها استمرت منذ بداية المفاوضات في تقييم جولاتها بلغة واعدة وإن حذرة. وعليه ليس من المستغرب أن يكون الكلام عن التوصل إلى صياغة "مسودة"، أبعد من مجرد إشاعة.

 
المساهمون