أرجأ مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، اليوم الأربعاء، الحسم في مقترح قانون إلغاء وتصفية معاشات المستشارين، في وقت يستمر فيه الجدل بشأن مقتضياته وتوقيت المصادقة عليه وعدم مسه بالمال العام.
جاء ذلك، خلال اجتماع أعضاء لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، اليوم، من أجل دراسة مقترح قانون إلغاء وتصفية معاشات المستشارين، الذي تم إقراره، أمس الثلاثاء، بالإجماع.
وبحسب مصادر برلمانية، فإن تأجيل المناقشة والتصويت على مقترح القانون القاضي بإلغاء وتصفية معاشات المستشارين، أملته "إثارة عدد من الملاحظات المسطرية بعد التوصل بصفة رسمية بالمقترح الذي أثرناه، وكوننا حصلنا اليوم بصفة رسمية على المقترح داخل الاجتماع"، مشيرة إلى أن "الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت من أجل الدراسة وتقديم ملاحظاتنا ومقترحاتنا والتعديلات، قبل المرور إلى عملية التصويت".
بالمقابل، اعتبر المستشار البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين، أن تصفية صندوق معاشات البرلمانيين بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) "اتسم بالاستباقية بالنظر إلى كونه سيصل إلى الإفلاس سنة 2023، نظراً لمحدودية موارده (اشتراكات 120 مستشارا فقط بينما وضع النظام على أساس مساهمات 376 مستشارا)، بالإضافة إلى تزايد المستفيدين من المعاش (حوالى 460 برلمانيا)، وهو ما جعل من المستحيل استمرار هذا النظام، خصوصا أن رئيس الحكومة عبّر عن أن حكومته غير مستعدة لضخ درهم واحد من أجل الإصلاح، وهو محق في ذلك".
وقال حامي الدين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن مقترح قانون تصفية معاشات مجلس المستشارين يهدف أولاً إلى تمكين المستشارين الحاليين من استرجاع اشتراكاتهم التي ساهموا بها منذ بداية هذه الولاية التشريعية، وثانيا إلى عدم الإخلال بحقوق المستشارين المستفيدين حاليا من المعاشات (المستشارين البرلمانيين السابقين) من خلال تمكينهم من مستحقاتهم من الرصيد المتبقي بعد استيفاء اشتراكات المنخرطين.
وأوضح أن هذا الرصيد هو في الأصل ملك للمحالين على المعاش بقوة القانون، وكان من المفروض أن يستمر في أداء معاشاتهم إلى حين وصول النظام إلى الإفلاس، لافتا إلى أنه بمجرد صدور مقترح قانون تصفية نظام المعاشات بالجريدة الرسمية بعد مصادقة مجلس النواب عليه، ستتوقف تلقائيا اشتراكات المنخرطين كما ستتوقف مساهمات مجلس المستشارين، وهو ما سيوفر على ميزانية المجلس أكثر من 4 ملايين و170 ألف درهم سنويا.
وفي الوقت الذي قال فيه القيادي في "العدالة والتنمية" إن القرار التوافقي بين جميع الفرق بخصوص مقترح قانون إلغاء وتصفية معاشات المستشارين جاء بعد الاستشارات التقنية مع خبراء الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، وصندوق الإيداع والتدبير، توجه انتقادات إلى المجلس مؤداها أنه "من غير المقبول على الأقل أخلاقياً في هذه الفترة العصيبة، التي تتطلب بعث إشارات إيجابية بخصوص المال العام" أن يتم إقرار مثل هذا المقترح.
وتبلغ ميزانية صندوق تقاعد المستشارين 13 مليون درهم (130 مليون دولار)، تتضمن نحو 98 مليون درهم (نحو 9.8 ملايين دولار) مساهمة المستشارين ومساهمة الدولة، فيما يقدر الباقي المسمى بفارق احتياطي النظام بحوالي 32 مليون درهم (نحو 3.2 ملايين دولار).
وكان مجلس المستشارين قد تعرض لانتقادات حادة بسبب ما اعتبر "فضيحة سياسية وأخلاقية" و"خطأ جسيماً"، بعد أن كان يعتزم التصويت، في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي، على مقترحي قانون بشأن إلغاء وتصفية معاشات البرلمانيين. وتمكن المجلس من الالتفاف على الانتقادات التي أثيرت في الساحة السياسية وفي مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب على وجه الخصوص، من خلال قرار عدم التصويت على مقترحي قانون بشأن إلغاء وتصفية معاشات البرلمانيين في الغرفة الثانية، وإرجاعهما إلى اللجنة المختصة (لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالمجلس).
ورغم أن صندوق معاشات البرلمانيين بالغرفة الثانية لا يعرف أية أزمة، في الوقت الراهن، وأن الدراسات الاستشرافية تشير إلى وقوع هذه الأزمة في غضون سنة 2023، إلا أن سبعة فرق ومجموعة برلمانية كانت قد وقعت على مقترح يروم تصفية معاشات المستشارين البرلمانيين التي أثارت جدلا واسعا في المغرب خلال السنوات الماضية.
وتُجمَع اشتراكات نظام معاشات البرلمانيين بالمغرب بُموجب اقتطاعات محددة في 2500 درهم (نحو 250 دولاراً) شهرياً من تعويضات كل عضو فيه، بينما تؤدي الدولة المبلغ نفسه كمساهمة منها في هذا النظام، وبمُوجب هذا النظام، يُصرف معاشٌ قدره 5000 درهم (نحو 500 دولار) شهرياً لكل عضو في مجلسي البرلمان مباشرةً بعد انتهاء الولاية التشريعية التي تمتد إلى خمس سنوات.
وكان مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، قد قرر في 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلغاء وتصفية نظام معاشات البرلمانيين، الذي كان طيلة السنوات الماضية محط رفض شعبي باعتباره "ريعاً سياسياً"، وجدل سياسي بين الفرق النيابية.