تستمر الجهود المصرية والإيرانية لتطوير مستوى العلاقات بين البلدين، على غرار ما حدث في العلاقات المصرية التركية خلال الأيام الماضية، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية مصرية.
وكشف دبلوماسي مصري عن "محادثات مصرية إيرانية، جرت خلال الأيام الماضية، تم خلالها التوافق على الذهاب إلى سلسلة لقاءات استكشافية بشأن الملفات التي تشغل صانعي القرار في البلدين، وذلك على غرار اللقاءات الاستكشافية التي جرت بين المسؤولين في مصر وتركيا".
وأوضح الدبلوماسي المصري، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" شريطة عدم ذكر اسمه، أن "هناك لجنة مشتركة من الجانبين في الوقت الراهن، تتولى ترتيب وتنسيق الخطوات المتعلقة بمسار استعادة العلاقات بين البلدين، وتحديد الملفات والقضايا التي تحتاج إلى إزالة الخلافات بشأنها، في ظل رغبة من الجانبين بتطوير تلك العلاقات، وذلك في إطار التغيرات التي تشهدها المنطقة أخيراً".
دبلوماسي مصري: توافُق على سلسلة لقاءات استكشافية
وبحسب المصدر، فإنّ مصر "لا تزال تتعامل بحذر مع ملف العلاقات مع إيران، نظراً لتقاطعاته الدولية، وكذلك دور إيران الإقليمي، الذي تعتبره القاهرة، حتى الآن، تهديداً مباشراً لمصالحها، وهو ما يحتاج لصياغات واتفاقات واضحة ترسم شكل العلاقات المستقبلية بين البلدين".دبلوماسي مصري: ال
من جانبه قال دبلوماسي مصري آخر، إنّ "ما يجعل الحركة بطيئة من الجانب المصري حتى الآن بشأن مسار عودة العلاقات بين البلدين، هو تباين الرؤى داخل الدوائر الأمنية" لافتاً إلى أنه "على المستوى الدبلوماسي، فإنّ الخارجية أبلغت قيادة الدولة، استعدادها لبدء المحادثات الرسمية في أقرب وقت ممكن".
وأشار الدبلوماسي نفسه إلى أنّ الجانبين المصري والإيراني "قطعا خلال محادثات متعددة جرت بوساطة عراقية وعمانية، شوطاً كبيراً بشأن تقريب وجهات النظر الخاصة ببعض الملفات الإقليمية". ولفت إلى أن "أبرز الملفات التي شهدت تقارباً بين الجانبين خلال الفترة الماضية، ملف الأوضاع في قطاع غزة، والعلاقة بين طهران وفصائل المقاومة الفلسطينية، وكذا ملف محددات الأمن القومي المصري".
وقال إنّ "هناك اتفاقاً مبدئياً واضحاً بين الجانبين على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل منهما". كما لفت إلى أن هناك "محادثات جديدة بين مسؤولين أمنيين في البلدين، جرت عقب زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للقاهرة منتصف يونيو/حزيران الماضي، من دون أن يوضح طبيعة تلك المحادثات، وما إذا كانت جاءت عبر لقاءات بين الجانبين أم مجرد اتصالات".
من جانبه، قال مصدر إيراني، مطلع على المباحثات بين البلدين، إن "الدولة المصرية حتى الآن (غير متحمسة) لإعادة العلاقات بشكل طبيعي مع إيران، وأنا غير واثق من حدوث تطور إيجابي في شكل العلاقات بين البلدين في الفترة القريبة المقبلة".
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أنه "لا يوجد تفسير واضح لسبب عدم الحماسة المصري، خصوصاً بعد حدوث التطبيع بين إيران والمملكة العربية السعودية، قد يكون الأمر مرتبطاً بعلاقة مصر بإسرائيل، وقد يكون السبب أنّ مصر تخشى تطبيع العلاقة مع إيران يؤثر على علاقتها بإسرائيل، ولكن في كل الأحوال، لا يوجد تفاعل إيجابي من الجانب المصري وهناك بطء في الخطوات".
مصدر إيراني: مصر غير متحمسة حتى الآن لإعادة العلاقات بشكل طبيعي مع إيران
من جهته توقع رئيس مركز الحضارة العربية للتنمية الثقافية، علي عبد الحميد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تشهد العلاقات المصرية الإيرانية تطورات إيجابية ومتلاحقة على المدى الزمني القريب، خصوصاً أن التصريحات الإيرانية الإيجابية من أعلى المستويات الرسمية، تعبّر عن رغبة إيرانية في استعادة العلاقات بين الدولتين. وفي التاسع والعشرين من مايو/أيار الماضي، وخلال زيارة لسلطان عمان، هيثم بن طارق، إلى طهران، قال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إنّه "يرحب باستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين مصر والجمهورية الإسلامية".
كما أكد مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، في تصريحات إعلامية أخيراً، أن "استئناف العلاقات بين طهران والقاهرة مهم لكلا البلدين والمنطقة والعالم الإسلامي"، مضيفاً أن "استئناف العلاقات مع مصر، سيؤدي على الأرجح إلى توازن إقليمي جديد، بمشاركة المملكة العربية السعودية".
وأعلنت نقابة خدمات السفر الجوي والسياحة الإيرانية، في الثاني من يوليو/تموز الحالي، أن الدفعة الأولى من السياح الإيرانيين ستتوجه إلى مصر خلال 45 يوماً. كما نقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن نقابة السفر الإيرانية أن مفاوضات عودة رحلات السياحة لمصر تجري بوساطة العراق. وبحسب نقابة السفر الإيرانية، فإن وفداً من وزارة السياحة المصرية سيزور طهران قريباً.
من جهته، قال باحث الدكتوراه بقسم العلاقات الدولية في جامعة "إسطنبول أيدن"، عمار فايد، لـ"العربي الجديد" إن "هناك أسبابا تجعل مصر تنظر للعلاقة مع إيران على أن لها فوائد، حتى والخلاف قائم مع الدور الإيراني في المنطقة". وأضاف: "مثلاً مصر تستهدف لعب دور في مشاريع إعادة الإعمار في العراق، ولديها قناعة أن هذا الدور لن يحدث بدون ضوء أخضر إيراني بسبب النفوذ الإيراني داخل أجهزة الدولة في العراق.
وبالتالي تعطل إيران أي انفتاح استراتيجي بين العراق وأي دولة أخرى تراها إيران دولة منافسة، فهناك فرص لمصر للعب دور في مشاريع إعادة الإعمار في العراق، وفي سورية بعد ذلك، إذا كانت هناك تفاهمات أوسع، ومصر في ظل تعرضها لضغوط من دول الخليج قد تجد في إيران شريكا اقتصاديا في بعض المجالات لكن هذا الأمر مرتبط أيضاً برفع العقوبات عن إيران".
كما أشار إلى أنّه "أصبح هناك تقدير استراتيجي لدى الإيرانيين من بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني (في 3 يناير/كانون الثاني 2020)، بأنّ الرد طويل المدى على عملية الاغتيال، هو إضعاف الوجود الأميركي في الشرق الأوسط عن طريق خلق توازن إقليمي جديد".