ما هي الرسائل من القضية الجديدة لهشام جنينة؟

16 فبراير 2023
سُجن جنينة خمسة أعوام (Getty)
+ الخط -

جاء اتهام الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة في قضية "أمن دولة عليا" جديدة، بعد انتهاء مدة سجنه خمس سنوات في قضية "عسكرية"، ليثير تساؤلات عدة عن الهدف من وراء القرار.

وقال المحامي والحقوقي جمال عيد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "التحقيق مع المستشار هشام جنينة في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، وبعد قضائه العقوبة كاملة، رسالة ترهيب من أجل التزام الصمت، وبلاغ واضح من الجهاز الأمني يبلغه بأنه ما زال تحت النظر".

وحول إمكانية منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بسبب العقوبة التي قضاها، أوضح عيد أنه "من المفترض أن الحكم الصادر على جنينة لا يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية، لأن الجريمة التي عوقب على أساسها غير مخلّة بالشرف، ولكن كما تعودنا فالقوانين يمكن تطويعها حسب الحاجة"، وتابع: "كما أن إدراجه على ذمة قضية قيد التحقيقات لا يمنعه من الترشح، فمن المفترض أنه حتى المحبوس احتياطياً له حق الترشح والتصويت وممارسة الحقوق السياسية ما لم يصدر ضده حكم نهائي".

جمال عيد: من المفترض أن الحكم الصادر على جنينة لا يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية

وفي السياق، قال عيد إنه "حتى الآن لا توجد أي مؤشرات لانفراجة سياسية كما يدّعون، وخروج المستشار جنينة كان بعد قضاء عقوبته كاملة، ورجوع المهندس ممدوح حمزة بعد 3 سنوات من الغياب عن بلده هو بمثابة الرجوع عن قرار خاطئ من البداية. كل ما في الأمر أن شخصين استعادا حريتهما، لا أكثر ولا أقل".

أخبار
التحديثات الحية

مؤشرات لانفراجة سياسية؟

وأثارت تصريحات المهندس ممدوح حمزة، لدى عودته إلى القاهرة، بعد سنوات قضاها بالخارج في انتظار إسقاط اسمه من قوائم ترقب الوصول، والتي رحب خلالها بما وصفها بـ"الانفراجة"، انتقادات واسعة من جانب نشطاء سياسيين وحقوقيين، اعتبروا أن ترويج حمزة لحدوث "انفراجة" في ملف الحريات العامة أمر "مضلل" و"غير واقعي".

وقال حمزة، الذي يتوقع نظر محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بإعادة إجراءات محاكمته، في 26 إبريل/ نيسان المقبل، في مقطع فيديو مباشر صوره من صالة كبار الزوار عقب وصوله إلى مطار القاهرة: "بعد دخولي المطار لواء استقبلني وقال لي: مصر ترحب بأولادها المخلصين وفاتحة دراعاتها ليعودوا لبلدهم وتستفيد منهم". وتابع حمزة: "ما حدث اليوم يجعلني متفائلاً جداً، وما فهمته وأسعدني جداً أن هناك انفراجة وبالتأكيد لن تقتصر عليّ".

من جهته، قال الناشط السياسي رامي شعث، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "إبقاء المستشار جنينة على ذمة قضية، هو استمرار لنهج التهديد والبلطجة القانونية، واستخدام القانون والقضاء لقمع المعارضين، كما يُمكِّن الأمن من استخدام القضية مستقبلاً في حال أراد التضييق عليه (الغلاسة عليه) أو تهديده أو إعادة اعتقاله".

وأضاف شعث أنه "لا توجد في مصر انتخابات ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه، وهناك انهيار في النظام القضائي، ورغم ذلك يتم التنكيل بكل من يمكن أن ينافس على السلطة، وينطبق الأمر على سامي عنان وعبد المنعم أبو الفتوح، وحتى على جمال مبارك نفسه"، وأشار إلى أنه "صدر حكم قضائي على زياد العليمي وتم إدراجه على قوائم الإرهاب من أجل منعه من ممارسة حقوقه السياسية لمدة خمس سنوات".

شعث: لا توجد في مصر انتخابات ديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه، وهناك انهيار في النظام القضائي

وتنص المادة الثانية من الفصل الأول من القانون رقم 45 لسنة 2014 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، على أنه "يحرم مؤقتاً من مباشرة حقوقه السياسية... المحكوم عليه بحكم نهائي في جناية".

وقال شعث: "لا أحد لديه القدرة على الترشح في ظل هذا الجو من القمع والتهديد الأمني، الذي لا يشمل الشخص نفسه فقط، بل يمتد لأهله وأصدقائه. وأيضاً في ظل هذا الامتهان الكامل للنظام القضائي، من المستحيل أن يثق رجال الأعمال في مناخ كهذا للاستثمار، وهم يرون بأعينهم كل القرارات التي تصدر من أعلى السلطة من أجل ضرب المعارضين أو المنافسين".

وعن عودة حمزة، قال شعث إنه "أمر جيد، ولكن هذا يحدث بقرارات شخصية (بالمزاج) وليس بالقانون، وبمدى إحساس المسؤول أن الشخص تم تهديده بشكل كامل"، وأضاف أن "من حق الشعب المصري كله أن يعيش بكرامة، ومن حق جميع المنفيين قسراً العودة إلى أوطانهم من دون انتظار إذن الضباط".

5 سنوات في السجن

يذكر أن جنينة قضى أعواماً عديدة في القضاء المصري، ختمها بسنوات ثلاث كان فيها على قمة أكبر جهاز رقابي في مصر (الجهاز المركزي للمحاسبات)، حتى صدر قرار جمهوري من الرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس/ آذار 2016 بإعفائه من منصبه، وتعيين هشام بدوي قائماً بأعمال رئيس الجهاز. ثم انتهى الأمر بمحاكمته أمام القضاء العسكري وسجنه 5 سنوات، قضاها كاملة في السجن، وقبل إخلاء سبيله، تم إدراجه كمتهم في القضية رقم 441، المعروفة بـ"الحراك الإخواني".

بدأ جنينة مسيرته العملية كضابط في وزارة الداخلية، وبعدها التحق بالنيابة العامة عام 1976، وطوال فترة عمله في سلك القضاء، كان واحداً من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في مصر، وهو ما جعل الكثيرين يقولون إن "من شابه أباه فما ظلم". فالمعروف أن المستشار هشام جنينة الذي ولد بمحافظة الدقهلية سنة 1945، هو ابن المستشار أحمد جنينة، الذي كان أحد أبرز رموز تيار استقلال القضاء في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وخلفه الرئيس أنور السادات، حيث كان رئيساً لنادي القضاة.

وكان جنينة قد كشف، في حوار صحافي، عن امتلاك الفريق سامي عنان مستندات وصفها بـ"بئر الأسرار"، تتضمن وثائق وأدلة "تدين الكثير من قيادات الحكم بمصر الآن، وهي متعلقة بالأحداث التي وقعت عُقب ثورة 25 يناير" عام 2011 التي أزاحت الرئيس الراحل حسني مبارك عن الحكم.

وبسبب تاريخه السياسي والعدلي ومواقفه في مواجهه "الفساد" إبان عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك، وما بعده، طُرح اسم المستشار هشام جنينة كمرشح محتمل لرئاسة الجمهورية، وذلك من قبل قوى سياسية، منها ما يسمى بـ"ائتلاف الديمقراطيين".