سمحت الولايات المتحدة الأميركية لأوكرانيا باستخدام صواريخ ATACMS الباليستية التي زودتها بها في وقت سابق لشن هجمات داخل روسيا للمرة الأولى منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، ما يمثل تحولاً كبيراً في سياسة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه الحرب. وكانت كييف تضغط على واشنطن منذ فترة طويلة للحصول على الإذن الذي أتى قبل شهرين من رحيل إدارة بايدن.
وتُعرف هذه الصواريخ باسم أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش واختصاره ATACMS (أتاك إم)، ومن المرجح أن تُستخدم في البداية لدعم القوات الأوكرانية في منطقة كورسك بغرب روسيا ضد القوات الروسية والكورية الشمالية، ونستعرض أهم ما ورد في تقرير لصحيفة نيويورك تايمز عن ميزات هذه الصواريخ ومدى فعاليتها ودورها المتوقع في الحرب الروسية الأوكرانية.
ميزات صواريخ ATACMS
- صواريخ ATACMS هي من صناعة شركة لوكهيد مارتن
- هي صواريخ باليستية قصيرة المدى يمكنها ضرب أهداف على بعد 190 ميلاً (نحو 300 كم) برأس حربي يحتوي قرابة 375 رطلاً (نحو 170 كيلوغراماً) من المتفجرات.
- تطير الصواريخ الباليستية أعلى بكثير في الغلاف الجوي من صواريخ المدفعية وأبعد عدة مرات وتعود إلى الأرض بسرعة عالية لا تصدق بسبب قوة الجاذبية.
- ويمكن إطلاق هذه الصواريخ من قاذفات HIMARS المتنقلة التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا، وكذلك من قاذفات M270 القديمة المرسلة من بريطانيا وألمانيا.
ويُشار غالباً إلى ATACMS باسم "الصواريخ بعيدة المدى" والمقصود هنا أنها طويلة المدى مقارنة بأنواع أخرى مثل صواريخ HIMARS التي يبلغ مداها قرابة 50 ميلاً (نحو 80 كيلومتراً)، كما جاءت هذه التسمية بسبب قدرتها على الوصول إلى مدى أبعد من أي صاروخ تملكه أوكرانيا، لكنها لا تستطيع السفر لمسافة بعيدة مثل صواريخ كروز أو الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
- طُوّرَ صاروخ ATACMS في الثمانينيات لتدمير الأهداف السوفييتية عالية القيمة في عمق خطوطه، وتم بناؤها سلاحاً موجهاً نادراً في وقت اعتمدت فيه الولايات المتحدة بشكل أساسي على "القنابل الغبية" والذخائر غير الموجهة الأخرى.
- ويمتلك الجيش الأميركي صواريخ ATACMS مزودة بنوعين من الرؤوس الحربية عنقودي وآخر يحمل شحنة متفجرة واحدة.
لماذا لم تسمح واشنطن باستخدامها حتى الآن؟
كان القرار بشأن ما إذا كان سيتم تسليح أوكرانيا بـATACMS موضوعاً حساساً منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ وقت مبكر بعد اندلاع الحرب بتزويد بلاده بأسلحة يمكن أن تضرب في عمق الأراضي التي احتلتها روسيا وفي العمق الروسي أيضاً. ورغم أن الولايات المتحدة زودت أوكرانيا بصواريخ ATACMS العام الماضي إلا أن إدارة بايدن امتنعت حتى الآن عن الموافقة على استخدامها عبر الحدود ضد أهداف في قلب روسيا.
ولطالما عبر البيت الأبيض عن قلقه من أن يقود استخدام أوكرانيا لهذه الصواريخ إلى تصعيد روسي بالمقابل، وقال بايدن: "نحاول تجنب الحرب العالمية الثالثة"، كما عارض بعض مسؤولي البنتاغون إعطاء هذه الصواريخ للأوكرانيين. إلا أن زيلينسكي يقول بالمقابل إن جيش بلاده يحتاج هذه الصواريخ للقيام بشن هجوم مضاد أوسع نطاقاً، وأصر على أنه ليس لديه خطط لضرب المدن الروسية أو استهداف المدنيين، وقال زيلينسكي أول أمس الأحد إن القيود الأميركية قد رُفعت، مشيراً إلى أن "مثل أشياء كهذه لا يُعلن عنها. الصواريخ ستتحدث عن نفسها".
أين ستستخدم أوكرانيا صواريخ ATACMS؟
وجاءت الموافقة على استخدام الصواريخ في الوقت الذي تستعد فيه القوات الروسية لشن هجوم كبير بما يقدر بنحو 50 ألف جندي، بما في ذلك قوات من كوريا الشمالية، على المواقع الأوكرانية المحصنة في منطقة كورسك بهدف استعادة كل الأراضي الروسية التي استولى عليها الأوكرانيون في أغسطس/آب الماضي. ومن المتوقع أن يستخدم الأوكرانيون صواريخ ATACMS لضرب تجمعات القوات الروسية والكورية الشمالية، وتجمع المعدات العسكرية ومستودعات الذخيرة وخطوط الإمداد في عمق روسيا. وهذا من شأنه أن يساعد الأوكرانيين على إضعاف فعالية الهجوم الروسي الكوري الشمالي.
وكان بايدن وافق العام الماضي على توريد عدة مئات من صواريخ ATACMS لاستخدامها ضد القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها موسكو، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، ولذلك من غير الواضح كما تقول نيويورك تايمز عدد الصواريخ المتبقية لدى الأوكرانيين في ترسانتهم لاستخدامها في منطقة كورسك.
متى استخدمت الولايات المتحدة هذه الصواريخ؟
استخدم الجيش الأميركي نحو 30 صاروخ ATACMS عام 1991 في معارك تحرير الكويت، واستُخدمت لضرب منصات إطلاق الصواريخ الباليستية متوسطة المدى ومواقع الصواريخ أرض-جو العراقية. وكانت إصدارات الصواريخ التي تحمل ذخيرة عنقودية من الجيل الأول قادرة على الطيران لمسافة 100 ميل (160 كيلومتراً) تقريباً وتطلق 950 قنبلة صغيرة. وأطلق الجيش الأميركي أكثر من 400 صاروخ برأس عنقودي في غزو العراق عام 2003.
وقيّد البنتاغون لاحقاً استخدام الذخائر العنقودية لأنها غالباً ما تفشل وتملأ ساحات القتال بقنابل غير منفجرة خطيرة، تقتل وتجرح الجنود والمدنيين بعد انتهاء القتال، وجدّدَ الجيش الأميركي العديد من أنظمة ATACMS المبكرة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين واستبدل القنابل العنقودية برأس حربي متفجر واحد.
وكان نواب روس كبار قالوا، أول أمس الأحد، إن قرار واشنطن السماح لكييف بضرب عمق روسيا بصواريخ أميركية بعيدة المدى من شأنه أن يصعد الصراع في أوكرانيا، وقد يتسبب بحرب عالمية ثالثة، وكان بوتين قد حذّر، في سبتمبر/أيلول الماضي، من أن الغرب سيكون في مواجهة مباشرة مع روسيا إذا سمح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى غربية الصنع، وهي الخطوة التي قال إنها ستُغير طبيعة الصراع ونطاقه، وأشار إلى أن روسيا ستضطر إلى اتخاذ ما سماها "قرارات مناسبة" بناء على التهديدات الجديدة.