قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، اليوم الثلاثاء، إن أميركا لا تسمح لحلفائها الأكراد بـ"التحاور مع دمشق"، معتبراً أن الوجود الأميركي في سورية "غير شرعي في مناطق مهمة اقتصادياً لسورية في شرق الفرات، وكذلك الحال في جنوب سورية في منطقة التنف".
كلام بوغدانوف جاء في تصريحات صحافية على هامش مشاركته بالنسخة العشرين من محادثات أستانة في كازخستان التي انطلقت اليوم الثلاثاء بمشاركة روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري.
وأضاف بوغدانوف: "الأميركيون يدعمون عدداً من المنظمات الكردية التي أنشأت شبه دويلة مع إدارة خاصة بها. هذا أمر غير مقبول إطلاقاً"، وزعم أن بلاده "تقف مع حل مشاكل الأكراد من خلال الحوار".
وكانت موسكو رعت خلال السنوات الفائتة عدة جولات حوار بين النظام والإدارة الذاتية، الذراع الإدارية لـ"قوات سوريا الديمقراطية /قسد"، إلا أنها لم تحقق أي تقدم يحسم مصير الشمال الشرقي من سورية أو ما بات يُعرف بـ "شرقي الفرات".
ويسعى النظام السوري لاستعادة هذه المنطقة، التي ينظر إليها على أنها جزء من "سورية المفيدة" لغناها بالثروات، دون شروط ما خلا بعض الحقوق الثقافية للأكراد السوريين.
بينما تبحث الإدارة عن اعتراف دستوري بها، واعتبار "قسد" جزءاً من المنظومتين الأمنية والعسكرية للنظام، مقابل التفاهم على اقتسام الثروتين النفطية والزراعية. وتتلقى هذه القوات، منذ تأسيسها أواخر عام 2015، دعماً غربياً واسعاً باعتبارها الذراع البرية للتحالف الدولي في محاربة تنظيم "داعش".
وكان موقع "باسنيوز" الإخباري الكردي نقل، أمس الاثنين، عن "مصادر كردية سورية" قولها إن حواراً بين النظام السوري وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، أبرز أحزاب الإدارة الذاتية، "فشل" و"توقف بشكل نهائي بضغط من دول الجوار"، مؤكداً أن "الجانب الروسي لم يول أي اهتمام بمقترحات PYD ولم يقم بدوره كوسيط بين الجانبين".
بيد أن المكتب الإعلامي للاتحاد الديمقراطي نفى في بيان وجود أي حوار حالياً مع النظام، مشيراً إلى أن هذه الأنباء "تندرج ضمن سلسلة الحرب الخاصة التي تستهدف مكتسبات شعبنا في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية"، وفق البيان.
ويرى سيهانوك ديبو، عضو الهيئة التنفيذية لحزب الاتحاد الديمقراطي، في حديث مع "العربي الجديد" أن الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية "أفضل ترجمة لمضامين القرار الدولي 2254 لحل الأزمة السورية"، مضيفاً أن "استراتيجية الإدارة الذاتية هي حل الأزمة السورية وفق الحوار، ومن أجل ذلك كانت هناك منذ نهاية عام 2016 سلسلة معلنة من جلسات الحوار بين الإدارة ودمشق، ونحن لا نتحمل مسؤولية تعثّرها".
الى ذلك، أكد الباحث السياسي فريد سعدون في حديث مع "العربي الجديد" أنه "خلال العام الفائت عُقدت سبع جولات حوار بين الطرفين"، مضيفاً: "على المستويين العسكري والأمني تبدو الأمور جيدة لأنه ليس هناك أي صدام او اشتباك بين النظام و"قسد"، بل على العكس هناك تعاون وخاصة في غربي الفرات وهناك غرف عمليات مشتركة ضد الإرهابيين.
وأشار سعدون إلى أن "المشكلة تكمن في المستويين السياسي والاقتصادي"، مضيفاً: "إلى الآن ليس هناك تفاهم على تقاسم الموارد الاقتصادية في شرق الفرات، رغم وجود شراكة في بعض الجوانب وخاصة في مجال الحبوب. الخلافات حول كيفية تقاسم الموارد".
ويرى سعدون أن واشنطن "لا تمانع الحوار بين قسد ودمشق"، فالأميركيون يريدون الاستقرار في المنطقة، ونجاح الحوار "يتطلب إرادة إقليمية ودولية"، وأشار سعدون إلى وجود "فيتو تركي ورفض إيراني. هناك تدخل إقليمي يكبح هذا الحوار".
وقال سعدون إن نية التوصل لاتفاق غير متوفرة عند الطرفين، "دمشق لا تريد تقديم تنازلات، لأنها تشعر بأنها قوية، والإدارة الذاتية تريد الحصول على حقوق وخصوصية للمنطقة مقابل الدماء التي قدمتها في مواجهة داعش".
وتسيطر "قسد"، على مساحة كبيرة من الجغرافية السورية في شرقي الفرات وغربه، وهي بنظر أنقرة نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني وتشكل خطراً على الأمن التركي القومي، إلا أن الولايات المتحدة ترى أن هذه القوات ضمانة لعدم ظهور تنظيمات متشددة، أبرزها "داعش"، مرة أخرى في شرق الفرات.
ولم تحدث قطيعة كاملة بين هذه القوات والنظام السوري الذي لا يزال يحتفظ بمربعين أمنيين داخل مدينتي الحسكة والقامشلي وبضع قرى في محيطهما. ويجري مسؤولون في النظام زيارات دورية الى محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي التي تضم العدد الأكبر من الكرد السوريين.