تظهر التقارير الصادرة من الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو" الأخرى نقل أعداد من قواتها إلى أوروبا الشرقية، وتأهبا للطائرات المقاتلة، في مؤشر على أن كلا الجانبين يستعدان لحرب مع روسيا، وهذا ما يعطي انطباعاً متزايداً لدى الكثيرين بأنهم مهددون بحرب كبرى.
وفي هذا الإطار، أبرزت صحيفة "راينشه بوست"، أنه ورغم ذكر الرئيس الأميركي جو بايدن أخيراً كلمة "حرب عالمية"، إلا أنه لم يهدد بالقيام بذلك، وعلى العكس قام بإخراج المواطنين الأميركيين من أوكرانيا في الوقت المناسب، حتى لا يضطر الجيش الأميركي لإجلائهم في حالة الطوارئ والاصطدام بالجنود الروس.
من جهته، نصب حلف "الناتو" نفسه كحلف دفاعي، وكان قد أكد أنه إذا ما هوجمت ليتوانيا ورومانيا، فإن قوات ضخمة ستتحرك من الحلف لدعمها، لكن مع أوكرانيا، فإن الوضع مغاير لأنها ليست جزءاً من الحلف. وفي السياق، تشير الصحيفة إلى أنه لتقديم المساندة والتدخل، ولو من الناحية النظرية، يجب إجراء استعدادات وتحريك القوات في أراضي دول "الناتو".
ومع ذلك، فان مخاطر الحرب في أوروبا تبقى محدودة، لأن التعزيز الإضافي للجنود على الجناح الشرقي لحلف "الناتو" بعدة آلاف من الجنود من بلدان مختلفة هو في نهاية المطاف ذو طبيعة رمزية، سيما وأن روسيا استقدمت حوالي 200 ألف عسكري لاستهداف أوكرانيا.
إلى ذلك، ولكي يتمكن الحلف من الانخراط في حرب مع روسيا، فإنه يجب نشر مئات الآلاف من جنود "الناتو"، وقوة الرد السريع التابعة للحلف، والتي يبلغ قوامها 40 ألف جندي تلقت أوامر قبل أسابيع قليلة من بدء الهجوم لتقليل انتشارها من 45 إلى 30 يوماً، في حين أنه وفي حالة الاستعداد القتالي يجب أن تكون جاهزة خلال 7 أيام، وليس 30 يوماً، ناهيك عن أن عمليات التعبئة العامة والتي ساهمت في تصعيد الصراع عام 1914 للحرب العالمية الأولى لم تكن واضحة.
وبمقارنة بسيطة، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها حشدت عام 1991 من أجل ضرب العراق حوالي 2700 طائرة مقاتلة في المنطقة تم استخدام 660 منها في الجولة الأولى من الهجمات وحدها، وحاليا نقل البوندسفير فقط 3 طائرات مقاتلة وأميركا 8 طائرات.
وفي خضم ذلك، تشير التعليقات إلى أن هناك فرقا حاسما بين الحرب العالمية الأولى والحرب الروسية الأوكرانية، من منطلق أن الحرب العالمية نشأت من شبكة معقدة من التحالفات، وتم دعمها من جميع الأطراف اعتقادا منهم بأنه يمكن الانتصار في النزاع بسهولة.
وبالطبع، هناك وعد واضح بالدعم اليوم من حلفاء "الناتو"، لكنه طالما أن بوتين لا يهاجم أراضي "الناتو"، فإنه سيدفع بلاده فقط إلى العزلة والدمار الاقتصادي لأن دول الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو" سترد بفرض عقوبات قاسية، ولن تكون هناك حرب عالمية. في المقابل، تخوف آخرون من تطور الوضع إلى حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا بعد أن تلاشى مثل ذلك الخوف على مدى عقود.
وفي سياق متصل، تفيد التحليلات بأن الحرب ضد أوكرانيا تمثل خطرا متزايدا على المدى الطويل، وبعدما تبين، وبفعل الخطوة الروسية، أن الضمانات من قبل قوة عسكرية شديدة التسلح لم تعد تساوي شيئا، وأن الدول الصغيرة عليها أن تتعلم من مصير أوكرانيا، لأن الدول المدججة بالسلاح هي التي يمكنها فقط التهرب من قبضة القوى العسكرية، وهذا ما قد يدفع إلى تجدد سباق التسلح النووي.
وهنا، قد تلقي الصين نظرة فاحصة على كيفية نجاح أو إخفاق بوتين في الوصول إلى مناطق"روسية تاريخية "، لأن بكين هددت مرارا وتكرارا بأنها تريد "حلا نهائيا" لمشكلة تايوان.