ماكرون يلتقي قادة دول الساحل الأفريقي: هل يسحب القوات الفرنسية؟

13 فبراير 2021
من غير المتوقع أن تعلن فرنسا عن أي انسحاب لقواتها (فرانس برس)
+ الخط -

تعقد فرنسا وحليفاتها الخمس في الساحل الأفريقي، الأسبوع المقبل، اجتماعاً لمناقشة تصاعد التوتر في المنطقة التي تمزقها نزاعات، وتبحث باريس عن دعم يتيح لها خفض عديد قواتها فيها.

ويعقد قادة دول الساحل الخمس - بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر - في العاصمة التشادية نجامينا، يوم الاثنين، لقاء سيشارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر الفيديو.

وتأتي القمة، التي تستمر يومين، بعد عام على تعزيز فرنسا انتشارها في منطقة الساحل على أمل استعادة الزخم في المعركة التي طال أمدها. لكن رغم ما يوصف بأنه نجاحات عسكرية، لا تزال التنظيمات المسلحة تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي وتشن هجمات إرهابية بلا هوادة.

وقتل ستة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي هذا العام وحده، وخسرت فرنسا خمسة جنود منذ ديسمبر/كانون الأول.

وظهرت الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل في شمال مالي أولاً في 2012، خلال تمرد قام به انفصاليون من الطوارق، وتدخلت فرنسا لدحر المتمردين، لكن المسلحين تفرقوا إلى وسط مالي ثم إلى بوركينا فاسو والنيجر.

وقتل آلاف الجنود والمدنيين، حسب الأمم المتحدة، بينما فر أكثر من مليوني شخص من منازلهم.

وتعزز هذه الحصيلة فكرة أن التنظيمات المسلحة لا يمكن هزيمتها بالوسائل العسكرية وحدها.

وقال مدير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية جان إيرفيه جيزيكيل، لوكالة "فرانس برس"، إن العمل العسكري التقليدي فشل في توجيه ضربة قاضية. وأضاف أن المسلحين "قادرون على إدارة ظهورهم وتجاوز النظام والاستمرار".

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الثلاثاء، إلى "تعزيز العمل الدبلوماسي والسياسي والتنموي" للاستجابة للوضع.

سحب القوات؟ 

العام الماضي، زادت فرنسا عديد قوتها في إطار مهمة برخان في منطقة الساحل من 4500 جندي إلى 5100، وهي خطوة سمحت بتحقيق سلسلة من النجاحات العسكرية الواضحة.

وقتلت القوات الفرنسية زعيم تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال، وكذلك القائد العسكري لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة للقاعدة.

لكنّ الهجمات الأخيرة رفعت أيضاً عدد القتلى الفرنسيين في المعارك في مالي إلى 50، ما استدعى نقاشاً في الداخل الفرنسي حول كلفة مهمة برخان والفائدة منها. وفتح الرئيس إيمانويل ماكرون الشهر الماضي الباب أمام إمكانية الانسحاب، ما يشير إلى أن فرنسا قد "تعدّل" التزامها العسكري.

ورغم الشائعات، من غير المتوقع أن تعلن فرنسا عن أي انسحاب لقواتها خلال اجتماع نجامينا. بدلاً من ذلك، ولتخفيف العبء، تأمل فرنسا في الحصول على مزيد من الدعم العسكري من شركائها الأوروبيين من خلال مهمة "تاكوبا" التي تساعد مالي في قتالها ضد التنظيمات .

وفي 2017، أطلقت مجموعة الدول الخمس قوة قوامها خمسة آلاف عنصر، لكنها لا تزال متعثرة بسبب نقص الأموال وسوء المعدات والتدريب غير الكافي. وأوضح مثال على ذلك هو أن الجنود في بوركينا فاسو غالباً ما يتركون قواعدهم.

وقبل عام، تعهدت تشاد، التي توصف بأنها تملك أفضل جيش بين الدول الخمس، بإرسال كتيبة إلى نقطة "الحدود الثلاثية" حيث تلتقي مالي والنيجر وبوركينا فاسو. لكن الانتشار العسكري لم يحصل بعد.

تأمل باريس أيضاَ أن تؤدي نجاحات العام الماضي إلى تعزيز الإصلاح السياسي في دول الساحل، حيث أدى ضعف الحكم إلى تغذية الإحباط وعدم الاستقرار.

وفي مالي، بؤرة أزمة الساحل، أطاح ضباط الجيش الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا في أغسطس/آب الماضي، بعد أسابيع من الاحتجاجات على الفساد وفشله في إنهاء نشاط الجماعات المتطرفة.

وتعهدت الحكومة المؤقتة بإصلاح الدستور وإجراء انتخابات عامة، لكن منتقدين يقولون إن وتيرة التغيير بطيئة.

وبالكاد حقّق اتّفاق إقليمي أبرم عام 2015 بين حكومة مالي وجماعات المتمردين في الشمال تقدمًا، لكنه أحد الخيارات القليلة في البلاد لتجنب العنف. وبعد سنوات من الصراع الطاحن، بدأ التفاؤل يتراجع.

وقال وزير العدل المالي السابق مامادو كوناتي إنه يعتقد أن "قمة نجامينا لن تكون ذات أهمية، مثل القمة السابقة والمستقبلية".
وأشار مسؤول يعمل في الرئاسة الفرنسية، طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن القادة قد يناقشون إمكانية استهداف كبار قادة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.

لكن يبدو أن فرنسا على خلاف بشأن هذه النقطة مع قادة مالي الذين يُبدون رغبة متزايدة بفكرة إجراء حوار مع التنظيمات المسلحة لوقف إراقة الدماء.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون