ماكرون يلتقي قائد الجيش اللبناني وتأكيد أن باريس لن تترك العسكريين

26 مايو 2021
رفعت باريس أخيراً من حدّة رسائلها وخطابها تجاه المسؤولين اللبنانيين (Getty)
+ الخط -

استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، قائد الجيش اللبناني جوزاف عون في قصر الاليزيه، وعرض معه لوضع الجيش والتحديات التي يواجهها في هذه المرحلة، وكان تشديد من ماكرون على أهمية دعم الجيش اللبناني بما في ذلك من استقرار للبنان.

وقال مصدرٌ دبلوماسي فرنسي لـ"العربي الجديد"، إن باريس تميّز في علاقاتها وطريقة تعاطيها بين المسؤولين السياسيين والمؤسسة العسكرية، وتفصل بينهما، حيث إنّ الجيش اللبناني كما الشعب برمته، ضحية ممارسات القوى السياسية التي لا تزال تتخبط بخلافاتها، وتعجز عن تشكيل حكومة، في وقت يرزح اللبنانيون والعسكريون والأمنيون تحت وطأة أسوأ وأخطر أزمة اقتصادية ومعيشية.

وأكد المصدر نفسه أن "فرنسا لن تترك الجيش اللبناني، وستساعده بشتى الوسائل والمجالات، وعبر الهبات والتدريبات، للصمود بوجه الأزمة النقدية والمالية الحادّة، والقيام بدوره في حفظ الأمن وضمان استقرار لبنان، وستبادر أيضاً إلى حشد الدعم له، ليس فقط فرنسياً، بل أوروبياً ودولياً، حيث هناك إجماع على ضرورة الوقوف إلى جانب المؤسستين الأمنية والعسكرية باعتبار أن الاستقرار الوحيد القائم اليوم ولو كان هشاً هو الأمني، ويجب المحافظة عليه".

ويلفت المصدر الدبلوماسي إلى أن "موقف باريس معروف لناحية رفض تقديم أي دعم نقدي مالي مباشر للدولة اللبنانية قبل تشكيل حكومة جديدة تعمل وفق برنامج إصلاحي يكافح الهدر والفساد، ويعيد الثقة الفرنسية كما الدولية والعربية بالدولة ومؤسساتها، لكنها في المقابل تحرص على تقديم الدعم اللازم للمؤسسات التربوية والتعليمية والصحية والثقافية بوسائل مختلفة، وقد وقفت إلى جانبها وما تزال بعد انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020".

من جهته، يقول مصدرٌ مسؤولٌ في قيادة الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ قائد الجيش وضع في لقاءاته المسؤولين الفرنسيين، في صورة الظروف التي تمر بها المؤسسة العسكرية والتحديات التي تواجهها كما البلاد برمتها، ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، وانعكاسات الأزمات على العناصر، وجرى بحث في سبل التعاون لتأمين الحاجات الأساسية للجيش.

وارتدت الأزمة النقدية والاقتصادية سلباً على العسكريين داخل مراكزهم، ولم تقتصر على حياتهم الشخصية، حيث يعانون منذ فترة طويلة من نقصٍ في المواد الغذائية وتغيير في وجباتهم التي باتت تخلو من أصناف كثيرة، منها اللحمة.

كذلك، دفعت الأزمة الحادة التي أدت إلى تآكل رواتب العسكريين التي يتقاضونها بالليرة اللبنانية وفقدانها أكثر من تسعين بالمائة من قيمتها في ظل انعدام القدرة الشرائية أيضاً والغلاء الفاحش، ببعض العناصر إلى ترك المؤسسة العسكرية.

وسبق لقائد الجيش أن حذر في مناسبات عدّة من خطورة الضغط المادي والمعنوي على الجيش، الذي قد يؤدي إلى انفجار إن لم تجد التنبيهات هذه آذاناً صاغية، وتطرق إلى معاناة العسكريين من الجوع كما الشعب، وعدم قدرة المؤسسة على تغطية رواتب العسكريين والأجور التعاقدية لفترة طويلة.

كما حرص على الدعوة إلى عدم إقحام الجيش في الزواريب السياسية الضيقة أو إدخال المؤسسة في اللعبة السياسية، وكان رفض من قبله للانصياع للأوامر السياسية، أشدّه عندما لم يلبِّ طلب الرئيس عون سريعاً بعد اجتماع قصر بعبدا الأمني، إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية بفتح الطرقات بعد تجدّد التظاهرات في شهر مارس/آذار الماضي. علماً أنّ الجيش تعرض في الوقت نفسه لانتقادات كبيرة من جانب الناشطين لإقدامه على قمعهم في التحركات السلمية المطلبية واستعمال الشدة معهم وتوقيفهم من دون مبررات أو بطرق تتجاوز الأصول والقوانين، عدا عن الاستدعاءات التي تخرج عن المحكمة العسكرية.

ويأتي اللقاء بين قائد الجيش اللبناني والرئيس الفرنسي ضمن زيارة يقوم بها عون إلى فرنسا، التقى خلالها أيضاً مسؤولين عسكريين فرنسيين، في وقتٍ بدأت باريس تعتمد أسلوباً جديداً في التعاطي مع لبنان، من خلال فرض عقوباتٍ على المعطلين والمعرقلين للعملية السياسية والشخصيات المتورطة في الفساد، وإقصاء الأحزاب التقليدية والقادة السياسيين عن اللقاءات الرسمية الفرنسية، وحصرها بالرئاسات الثلاث كما حصل عند زيارة وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان الأخيرة إلى بيروت، ورفض ماكرون قبل ذلك لقاء مسؤولين سياسيين أبرزهم صهر رئيس الجمهورية ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

ورفعت باريس من حدّة رسائلها وخطابها تجاه المسؤولين اللبنانيين، لتغليبهم أنانياتهم ومصالحهم الخاصة على حساب الوطن والشعب الذي يئن ويعاني من حصارٍ شامل اقتصادياً صحياً نقدياً اجتماعياً ومعيشياً، وعدم تلقفهم المبادرة الفرنسية الإنقاذية.

على صعيدٍ آخر، وجه البطريرك الماروني بشارة الراعي، اليوم الأربعاء، الدعوة إلى الحراك لـ"وضع خطة وتنظيم نفسه، وأن يعرف إلى أي طريق يتجه، وما هي أهدافه والوسائل وطرق الوصول، لأن مقولة فلتسقط الدولة لو كررناها مئة عام لن تغير في شيء"، على حدّ قول الراعي.

وأضاف البطريرك الماروني، خلال لقائه مجموعات من الحراك المدني، أن "المطلوب تغيير عقليّة المجتمع وتحضير بدائل وأجيال جديدة تستطيع تغيير التركيبة من الداخل، هذا هو طريقنا الوحيد لتُثمر جهود شباب وشابات الثورة.".

كذلك، جالت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا مع النائب الجديد للبعثة الديبلوماسية الأميركية في لبنان ريتشارد مايكلز، اليوم، على المسؤولين اللبنانيين، بدءاً بالرئيس ميشال عون إضافة إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وكان عرض للأوضاع العامة في البلاد وآخر المستجدات، وحث أميركي على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة.

وشهد لبنان، اليوم الأربعاء، إضراباً عاماً طاول جميع المحافظات والمناطق اللبنانية بدعوة من الاتحاد العمالي العام، شاركت فيه مختلف القطاعات النقابية والعمالية والهيئات والمصالح المستقلة وغيرها، حمل مطلباً أساسياً يتمثل في ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ سريعاً لمواجهة الأزمات، قبل حصول الانفجار الاجتماعي الكبير.

المساهمون