عبّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الثلاثاء، عن أمله في انتهاء التوتر الدبلوماسي القائم مع الجزائر قريباً. وقال ماكرون في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر"، وفق "رويترز": "نرجو أن نتمكن من تهدئة الأمور، لأنني أعتقد أن من الأفضل أن نتحدث بعضنا إلى بعض وأن نحرز تقدماً"، مؤكداً أنه تربطه علاقات "ودية جداً" مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وأعرب ماكرون، وفق "فرانس برس"، عن "ثقته" بنظيره الجزائري، قائلاً: "أكن احتراماً كبيراً للشعب الجزائري، وأقيم علاقات ودية فعلاً مع الرئيس تبون"، عازياً التوترات الحالية إلى الجهود المبذولة في فرنسا حول عمل الذاكرة بشأن حرب الجزائر.
وتمنى ماكرون حصول "تهدئة" بين فرنسا والجزائر بشأن مواضيع الذاكرة، داعياً إلى "السير معاً"، مضيفاً: "أتمنى حصول تهدئة لأنني أظن أنه من الأفضل التحاور والمضي قدماً"، داعياً إلى "الاعتراف بالذاكرات كلها والسماح لها بالتعايش"، مؤكداً أن "هذه ليست مشكلة دبلوماسية بل هي في الأساس مشكلة فرنسية-فرنسية".
Emmanuel Macron souhaite l’apaisement avec l’#Algérie mais prévient : “Il y aura d’autres tensions, mon devoir c’est de faire cheminer ce travail”@LeaSalame #le79Inter
— France Inter (@franceinter) October 5, 2021
Retrouvez la suite de l'entretien : https://t.co/IIEnmlhZLI pic.twitter.com/8L0BdxlaKo
ويأتي تصريح ماكرون بعد أيام من أزمة نشبت بين البلدين على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي أمام مجموعة من الطلبة الجزائريين ومزدوجي الجنسية وفرنسيين من أبناء الأقدام السوداء (المعمرون السابقون في الجزائر) التقاهم الخميس، قال فيها إنّ الرئيس الجزائري تبون رهين لنظام متحجّر، وقال في تلميح إلى أن الرئيس تبون محاصر بسبب هيمنة العسكر على السلطة وصناعة القرار: "نحن نرى النظام الجزائري متعباً والحراك أنهكه، لدي حوار جيد مع الرئيس تبون، لكني أرى أنه عالق في نظام صلب (متحجر) للغاية"، كما هدد ماكرون بإزعاج ما وصفه بـ"المجتمع الحاكم في الجزائر"، عبر منع التأشيرات على المسؤولين الجزائريين وأبنائهم وعدم تسهيل حياتهم (تنقلاتهم).
كما شكك ماكرون في وجود كيان للأمة الجزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، وقال: "هل كانت أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ كان هناك استعمار سابق، (يقصد الحكم العثماني في الجزائر)، أنا منبهر بقدرة تركيا على جعل الناس تنسى ذلك تماماً وتركز فقط على أننا المستعمرون الوحيدون للجزائر".
ووصفت الرئاسة الجزائرية، مساء السبت، تصريحات ماكرون بـ"غير المسؤولة"، واعتبرتها "تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي".
وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأنّ الجزائر ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخُّل في شؤونها الداخلية، وقال البيان: "أمام هذه التصريحات اللامسؤولة، قرّر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا للتشاور"، مشيراً إلى أن "تصريحات ماكرون حملت مساساً غير مقبول بذاكرة خمسة ملايين و630 ألف شهيد ضحوا بحياتهم منذ المقاومات الشجاعة ضد الاستعمار الفرنسي وخلال الثورة التحريرية المظفرة، وجاءت عشية إحياء الجزائريين لذكرى مجازر 17 أكتوبر/تشرين الأول 1961"، وذكّر بيان الرئاسة الجزائرية باريس "بالجرائم التي ارتكبتها في الجزائر، وترفض أن تعترف بها، والتي تشكل القواعد الأساسية لحرب الإبادة.
وقررت الجزائر، الأحد، إغلاق أجوائها أمام عبور الطائرات العسكرية الفرنسية التي تعبر في الغالب الأجواء الجزائرية عند توجهها إلى مناطق ودول الساحل، حيث توجد القوات الفرنسية في عدد من الدول، مثل مالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو وأفريقيا الوسطى.
ماكرون: "الاعتراف الدولي بطالبان له ثمن"
إلى ذلك، وفي سياق متّصل بالأوضاع في أفغانستان، قال ماكرون إنه يتعين على قمة مجموعة العشرين المقبلة توجيه رسالة واضحة لحركة "طالبان" بشأن شروط الاعتراف الدولي بها، لافتاً إلى أنّ هذه الشروط يجب أن تشمل تحقيق المساواة للنساء والسماح بالعمليات الإنسانية الأجنبية ووقف التعاون مع الجماعات الإرهابية.
وتابع ماكرون، وفق ما نقلته "رويترز": "أعتقد أنّ الاعتراف الدولي يجب أن يكون له ثمن، وكرامة المرأة الأفغانية والمساواة بين النساء والرجال يجب أن تكون واحدة من النقاط التي يتعين التأكيد عليها ويجب أن تكون شرطاً بالنسبة لنا".
وفي إشارة لقمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في روما في وقت لاحق من هذا الشهر، قال ماكرون "سنتحدث عن أفغانستان. يتعين علينا ذلك، ونحن نعني الأوروبيين والأميركيين والصين وروسيا والقوى الكبرى في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادي وأميركا اللاتينية مجتمعين، يجب أن تكون لدينا رسالة بالغة الوضوح بأننا سنضع شروطاً للاعتراف بطالبان".