بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب في أوكرانيا، تمكنت روسيا في نهاية المطاف من بسط السيطرة الكاملة على مقاطعة لوغانسك، الواقعة شرقاً في منطقة دونباس، والتي اعترفت موسكو باستقلالها عن أوكرانيا تحت مسمى "جمهورية لوغانسك الشعبية" إلى جانب "جمهورية دونيتسك الشعبية" المجاورة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن "تحرير" مقاطعة لوغانسك بعد السيطرة على مدينة ليسيتشانسك، التي بقيت بعد سقوط سيفيرودونيتسك آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في مقاطعة لوغانسك، وسط توقعات بأن يمهد التقدم الروسي في دونباس لإجراء استفتاءات تقرير المصير لضمها إلى روسيا.
وليسيتشانسك هي فعليا مدينة متلاحمة بسيفيرودونيتسك، يفصل بينهما نهر سيفيرسكي دونيتس وكانت تربطهما ثلاثة جسور، دمر اثنان منهما بواسطة المدفعية الروسية، والثالث على أيدي القوات الروسية أو الأوكرانية، حسب مصادر متضاربة.
وجاءت السيطرة الروسية على ليسيتشانسك بعد شهر من فرض طوق حولها ومحاصرة القوات الأوكرانية فيها واحتدام أعمال القتال داخلها، بالتزامن مع التقدم في سيفيرودونيتسك المتلاحمة والتي سيطر عليها الجيش الروسي متحالفا مع قوات الانفصاليين في نهاية الشهر الماضي.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، إلى أن قوات روسيا وحلفائها اتبعت في سيطرتها على ليسيتشانسك استراتيجية محاصرة القوات الأوكرانية، فشن هجوم مكثف عليها بواسطة المدفعية والطيران، فدخول المدينة.
ويقول بلوخين في حديث لـ"العربي الجديد": "تندرج السيطرة على كامل أراضي مقاطعة لوغانسك ضمن الأهداف الروسية المعلنة في أوكرانيا، وأبرزها تحرير أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وحماية الأراضي الروسية من أي خطر محتمل قادم من أوكرانيا، وإن لم تزل هناك ثغرات، وقد تعرضت مقاطعتا بيلغورود وكورسك الروسيتان لقصف أوكراني الليلة".
وحول الاستراتيجية التي اتبعتها روسيا للسيطرة على مقاطعة لوغانسك، يضيف: "اتبعت روسيا والقوات المتحالفة معها استراتيجية فرض الأطواق ومحاصرة القوات الأوكرانية، ثم عُرض عليها الاستسلام مثل ما جرى في مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول الساحلية، ثم مصنع آزوت في سيفيردونيتسك، وكانت تُشن هجمات مكثفة في حالة الرفض".
ويعلق على استراتيجية القوات الأوكرانية لمواجهة التقدم الروسي قائلا: "كانت القوات الأوكرانية تتبع استراتيجية تدمير مواقع البنية التحتية حتى لا تسقط بين أيدي القوات الروسية أو قوات دونيتسك ولوغانسك، إدراكا منها أن هذه الأراضي لن تعود إلى سيطرة كييف بأي حال من الأحوال".
وتتزامن سيطرة روسيا على مقاطعة لوغانسك مع تزايد التسريبات الإعلامية حول عزم روسيا إجراء استفتاءات تقرير المصير في مناطق جنوب شرق أوكرانيا لضمها إلى السيادة الروسية، وفق نموذج ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وذكرت صحيفة "إر بي كا" الروسية، نقلا عن مصادرها مطلع يوليو/ تموز الجاري، أن الكرملين لا يستهدف إجراء استفتاءات تقرير المصير بجميع الأراضي الأوكرانية الخاضعة لسيطرة موسكو في آن معا (أي مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون)، بل السيناريو الأساسي اليوم هو إجراء استفتائي ضم "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين".
وكان الرئيس الشيشاني رمضان قديروف قد أعلن، أمس السبت، عن عبور الوحدات الشيشانية والفيلق الثاني للشرطة الشعبية لـ"جمهورية لوغانسك الشعبية" مدينة ليسيتشانسك بأسرها، والوصول إلى وسط المدينة ونصب راية حمراء رمزا للنصر.
وفي وقت سابق من اليوم، أبلغ وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بـ"تحرير جمهورية لوغانسك الشعبية".
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان أوردته وكالات إعلام روسية: "اليوم 3 يوليو/ تموز 2022، أبلغ وزير الدفاع الروسي، جنرال الجيش سيرغي شويغو، القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسية فلاديمير بوتين، بتحرير جمهورية لوغانسك الشعبية".
وأوضحت الوزارة أن القوات المسلحة الروسية والشرطة الشعبية لـ"جمهورية لوغانسك الشعبية" سيطرت بشكل كامل على ليسيتشانسك وعدد من البلدات المحيطة، وأكبرها بيلوغوروفكا ونوفودروجيسك ومالوريازانتسيفو وبيلايا غورا.
وأضاف البيان أن "المساحة الإجمالية للأراضي المحررة خلال الـ24 ساعة الماضية بلغت 182 كيلومترا مربعا".