لا تزال مشاركة الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 27"، المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ بمصر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (من 6 إلى 18 نوفمبر) غير محسومة، في ظلّ تضارب المؤشرات وغياب أي موقف رسمي أميركي.
مشاركة بايدن غير مؤكدة
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قبل أيام تقريراً بشأن إمكانية حضور بايدن، إذ نقلت عن مصدرين وصفتهما بـ"المطلعين على خطط الرئيس الأميركي"، أن الأخير سوف يحضر إلى مصر للمشاركة في القمة. لكنها نقلت أيضاً عن المتحدث باسم البيت الأبيض عبد الله حسن، قوله إن "سفر الرئيس غير مؤكد".
كما أشارت الصحيفة في تقريرها إلى توقع بعض المسؤولين الأميركيين أن بايدن "لن يسافر إلى مؤتمر المناخ بسبب تضارب موعدها مع قمم عالمية أخرى في جنوب شرقي آسيا، وموعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في نوفمبر، بالإضافة إلى كون الرئيس ملزما بالعودة إلى واشنطن بحلول 19 نوفمبر لحضور حفل زفاف حفيدته في البيت الأبيض".
لم ترد السفارة الأميركية بعد أيّ إشارة بشأن مشاركة بايدن
ووفقاً لمعلومات "العربي الجديد"، فإن "السفارة الأميركية في مصر لم تردها أي إشارة رسمية من الخارجية الأميركية تفيد بمشاركة بايدن في قمة المناخ". وقال دبلوماسي في السفارة الأميركية بالقاهرة إنه "حتى اللحظة لا يوجد قرار نهائي بمشاركة الرئيس جو بايدن في القمة المرتقبة"، مرجحاً في الوقت ذاته "صعوبة المشاركة على المستوى الرئاسي من جانب الإدارة الأميركية، لأسباب مرتبطة بجدول أعمال الرئيس في نوفمبر المقبل".
حضور قمة المناخ رهن الإصلاحات الحقوقية
في هذه الأثناء، قال حقوقي مصري يتمتع بعلاقات قوية بدوائر في واشنطن، وسبقت له المشاركة في لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى زيارة الأخير للقاهرة، في مايو/أيار من العام الماضي، لـ"العربي الجديد"، إن "حضور بايدن مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، رهنته الإدارة الأميركية منذ البداية بمجموعة من الإصلاحات على مستوى الأوضاع الحقوقية في مصر وملف السجناء السياسيين".
وأشار الحقوقي المصري إلى أن الإدارة الأميركية "كانت قد اشترطت في وقت سابق، بعد تقديرات للحالة الحقوقية في مصر، إطلاق سراح مجموعة من النشطاء السياسيين والحقوقيين والسياسيين البارزين، كخطوة أولية لتعديل التقييم الأميركي لحالة حقوق الإنسان في مصر، وهو الأمر الذي يرتبط بشكل مباشر بخطط الرئيس الأميركي بشأن تحديد جولاته وزياراته الخارجية".
واستبعد الحقوقي المصري أن يحضر بايدن إلى مصر للمشاركة في مؤتمر المناخ، قائلاً إن "هناك مؤشرات قوية على ذلك، أولها أنه كانت هناك رغبة مصرية لترتيب لقاء بين الرئيس الأميركي ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، لكن تلك الترتيبات فشلت". وأضاف أن هذا الفشل "كان من الأسباب الرئيسية التي دفعت الرئيس المصري لإلغاء سفره للمشاركة في الاجتماعات، وتم الاكتفاء بقيادة وزير الخارجية سامح شكري للوفد المصري المشارك فيها".
حقوقي مصري: من الصعب أن يشارك بايدن في ظلّ استبعاد ممنهج من جانب السلطات المصرية للمنظمات المدنية المصرية التي تتناول الملف البيئي من منظور حقوقي
وتابع الحقوقي المصري أن "الإدارة الأميركية تنتظر أن يحدث تقدم ملحوظ في ملف سجناء الرأي والنشطاء تحديداً"، موضحاً أن "أبرز الأسماء التي قُدّمت في تقرير للخارجية الأميركية في وقت سابق، تضمنت المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، وزياد العليمي النائب البرلماني السابق والمحبوس على ذمة القضية المعروفة إعلاميا بخلية الأمل، والناشط علاء عبد الفتاح، بالإضافة إلى المحامي الحقوقي محمد الباقر".
واعتبر الحقوقي المصري أنه "من الصعب أن يشارك بايدن في ظلّ استبعاد ممنهج من جانب السلطات المصرية للمنظمات المدنية المصرية التي تتناول الملف البيئي من منظور حقوقي". وأكد أن "أكثر من منظمة مصرية كشفت عن سلوك ممنهج لمنعها من التسجيل لحضور القمة، بسبب غياب الشفافية بشأن عملية التسجيل، وتحكم جهات سيادية في الدولة في عملية التسجيل واختيار الأشخاص والكيانات المشاركة".
وأشار الحقوقي المصري إلى التقرير الصادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" أخيراً، والذي تناول صوراً عدة مما وصفها بالضغوط التي تتعرض لها الجمعيات البيئية على يد السلطات المصرية.
من جهته، قال دبلوماسي مصري سابق، إنه "إذا حدث وقرر بايدن المشاركة، فسيكون في حالة واحدة، وهي وجود رغبة لديه لتوجيه رسالة معينة مرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، ترفع من أسهمه الانتخابية، والتي تعاني تراجعاً كبيراً".
وأوضح المصدر أن "كل المؤشرات تؤكد أن الرئيس الأميركي لن يفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة، وهذا مأزق يمكن أن يكون الدافع الوحيد لبايدن للتفكير في الحضور إلى مصر، وإظهار قوته أمام العالم، لا سيما مع الهزائم التي تتعرض لها روسيا في أوكرانيا".