رئيس وزراء مالطا يعلن من طرابلس قرب افتتاح قنصلية بلاده في ليبيا
يرى محللون ليبيون أن مؤشرات التنافر بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة واللواء المتقاعد خليفة حفتر تتزايد يوما بعد يوم.
آخر تلك المؤشرات كانت على خلفية مشاركة الرئيس الدبيبة، ونائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، في "حفل تخريج دفعة من القوى المساندة لينضووا تحت مظلة الجيش الليبي"، مساء أمس الأحد.
وبحسب الصفحة الرسمية لوزارة الدفاع، فإن الدبيبة شارك في الحفل بصفته وزيرا للدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، إلى جانب مشاركة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي الفريق أول ركن محمد الحداد، ورؤساء الأركان بالجيش وضباط وجنود الكلية العسكرية بطرابلس.
وأشار الإيجاز، الذي نشرته الصفحة الرسمية لوزارة الدفاع، إلى أن الحفل، الذي حضره أيضا "عدد من سفراء الدول"، افتتحه الدبيبة، فيما ألقى اللافي كلمة المجلس الرئاسي بصفته "القائد الأعلى للقوات المسلحة"، بالإضافة إلى كلمة للحداد بصفته رئيسا لأركان الجيش والذي أعطى الإذن لبدء العرض العسكري أمام المنصة وتكريم الخريجين.
ويعلق الباحث الليبي في الشأن الأمني الصيد عبد الحفيظ بأن حفل التخرج "خطوة هامة" كونه يهدف إلى دمج المتخرجين من القوات المساندة في مؤسسة الجيش، وتشير هذه الخطوة إلى سعي الدبيبة إلى دمج المجموعات المسلحة، التي كانت تقاتل في صفوف حكومة الوفاق السابقة تحت مسمى "القوات المساندة" في المؤسسة العسكرية، لكنه في نفس الوقت يلفت إلى أن حفل التخرج جاء متزامنا مع ذكرى هجوم اللواء خليفة حفتر قبل سنتين على طرابلس، في الرابع من إبريل/نيسان 2019.
ويلفت عبد الحفيظ، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الصورة لم تكتمل حتى الآن، فــ"ربما نرى مشاركة الدبيبة أو غيره من قادة السلطة الجديدة في حفل تخرج أو أي نشاط عسكري في معسكر حفتر خلال الأيام المقبلة"، لكن حتى ذلك الوقت، فظهور الدبيبة في حفل التخرج إلى جانب الحداد، وبصفته رئيسا لأركان الجيش وفي ذكرى هجوم حفتر على طرابلس، قد يؤدي إلى ردة فعل من جانب الأخير ومعسكره.
وأعلن رئيس حكومة الوفاق السابقة فائز السراج، في 28 أغسطس/آب الماضي، تعيين آمر المنطقة العسكرية الوسطى، المنحدر من مصراته، اللواء محمد الحداد رئيسا لأركان الجيش الليبي وترقيته إلى رتبة فريق أول، بينما لا يعترف معسكر حفتر بالقوات التابعة لحكومة الوفاق ويصفها بـ"المليشيات"، خصوصا بعد هجومه على طرابلس.
وقد اعتبر الدبيبة، في تصريحات عدة، أن "توحيد الجيش" من أهم أولويات السلطة الجديدة، كما أنه شارك في اجتماع برفقة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، في 23 فبراير/شباط الماضي، لبحث "توحيد المؤسسة العسكرية ودعم لجنة 5 +5". وفي منتصف مارس/آذار الماضي، التقى أعضاء لجنة 5 + 5 للمرة الثانية وللأهداف ذاتها.
عديد المؤشرات التي تدل على وجود تنافر بين الدبيبة وحفتر
ويعتبر عبد الحفيظ أن الصور التي نشرتها الصفحة الرسمية لوزارة الدفاع، وتظهر الدبيبة إلى جانب الحداد، رسالة قوية ومباشرة لحفتر الذي حاول المناكفة أكثر من مرة، وآخرها إطلاق استعراض عسكري قرب بنغازي شاركت فيه طائرات ودبابات حديثة، نهاية الأسبوع الماضي، وسط إصرار من حفتر على استمراره في المشهد بصفته قائدا عاما للجيش.
من جانبه، يعبر الناشط السياسي الليبي خميس الرابطي عن خشيته غياب المنفي عن حفل التخرج، كونه قد يكون مؤشرا على تسرب الخلافات والمواقف داخل ردهات السلطة الجديدة، وقال: "قد يكون رافضا لمثل هذه الخطوة التي يمكن أن تؤدي إلى رد فعل عكسي من جانب حفتر، وربما من مكونات قبلية في شرق ليبيا التي ينتمي لها المنفي".
لكن الرابطي يرصد في السياق عديد المؤشرات التي تدل على وجود تنافر بين الدبيبة وحفتر، منها غيابه عن مراسم التسلم والتسليم من الحكومة المؤقتة المنبثقة من مجلس النواب، لافتا إلى أن مشاركة الدبيبة في حفل التخرج بالأمس تزامنت مع تكريم حفتر لرئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، لـ"دوره في مساندة القوات المسلحة في الحرب على الإرهاب".
ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المواقف التي يمكن رصدها عديدة، أولها طلب الدبيبة من مكتب النائب العام التحقيق في حادثة العثور على 11 جثة ملقاة بأحد أحياء بنغازي في 18 مارس الماضي، بل غرد بقوله إنه "من غير الممكن السماح بتكرار هذه الأحداث أو التستر عليها".
وأشار الناشط الليبي إلى أن وسائل إعلام مقربة من حفتر هاجمت الدبيبة إثر إعلان استنكاره حادثة الجثث الـ11، وقال: "أعتقد أن الدبيبة التقط من بيانات القبائل المطالبة بالتحقيق في قضايا القتل والإخفاء القسري فرصة واستثمرها ضد حفتر بشكل غير مباشر".
وفيما يرى الرابطي أن عدم زيارة الدبيبة لبنغازي يعد موقفا يؤكد تعمده تجاهل حفتر، يؤكد أن إعلانه بالأمس عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الداخلية للتحقيق في حادثة المقابر الجماعية في ترهونة، قد يكون ردا مباشرا على عدم الاستجابة لمطالبه في التحقيق في حادثة الجثث في بنغازي، معتبرا أن مواقف الدبيبة وحفتر لا تزال غير مباشرة، لكن الخطوات الأخيرة في ترهونة وحفل التخرج في طرابلس والاستعراض العسكري لحفتر في بنغازي ستسرع عملية وضوح مواقفهما قريبا.
في شأن آخر، استقبل الدبيبة رئيس وزراء مالطا روبرت أبيلا، ظهر اليوم الاثنين، في العاصمة طرابلس، بحسب منشور للمكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية.
وفي بيان مقتضب للمكتب الإعلامي، فإن الدبيبة سيبحث العلاقات الثنائية مع أبيلا، مشيرا إلى أن الجانب المالطي أكد عزمه افتتاح القنصلية المالطية "قريبا" في طرابلس، وكذلك عودة الرحلات الجوية بين البلدين، تزامنا مع بدء الإجراءات الخاصة بإعادة افتتاح السفارة في طرابلس.
وأجرى الدبيبة اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية المالطي إيفاريست بارتولو، الذي أكد له استعداد بلاده لتسليم مخزون كبير من الدينار الليبي، كانت السلطات المالطية احتجزتها في مايو/أيار العام الماضي، بعدما طبعتها روسيا لصالح البنك المركزي في بنغازي، واشترطت فاليتا "موافقة الأمم المتحدة" على تسليم المال لسلطة ليبية موحدة.
وفي سياق آخر، أجرى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي اتصالا هاتفيا مع الأمين العام لاتحاد دول المغرب العربي البكوش، لبحث "أهمية تفعيل الاتحاد المغاربي".
وقال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي إن البكوش قدم التهنئة للمنفي على توليه رئاسة المجلس الرئاسي، معربًا عن نيته زيارة ليبيا في أقرب وقت ممكن.