مؤشرات تسخين بين أميركا وروسيا في سورية

06 يوليو 2023
جنود أميركيون وروس قرب الحسكة، أكتوبر 2022 (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

بدأت روسيا تدريبات عسكرية مشتركة مع قوات النظام السوري، بالتزامن مع تدريبات مشابهة تجريها أميركا مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شريكة التحالف الدولي في محاربة الإرهاب، ما يؤكد أن الأجواء تتجه إلى التسخين بين موسكو وواشنطن في سورية.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن رئيس "المركز الروسي للمصالحة في سورية" الأدميرال أوليغ غورينوف قوله، أمس الأول الثلاثاء، إن تدريبات عسكرية مشتركة للقوات الجوية وقوات الدفاع الجوي الروسية والسورية ستبدأ في سورية أمس الأربعاء، وتستمر ستة أيام.

تدريب روسي سوري مشترك

وأوضح أنه "من المقرر في إطار التدريب التطرق إلى مسائل العمل المشترك للطيران والدفاع الجوي وقوات الحرب الإلكترونية رداً على الضربات الجوية". وجاءت التدريبات الروسية بعد يومين من اتهام مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، سيرغي ناريشكين، في بيان، الولايات المتحدة بـ"الاستعداد لتنفيذ عملية استفزاز باستخدام المواد الكيميائية السامة، بهدف تعطيل عملية التطبيع العربي - السوري".

وقال ناريشكين إن "الأنغلوساكسون، كما يفعلون عادة، يستعدون لدعم مكائدهم بحملة إعلامية قوية، هدفها هو أن يُظهروا لدول العالم العربي أن خيارهم المتمثل باستئناف الحوار مع الرئيس (السوري) بشار الأسد كان خطأ استراتيجياً، وأن أولئك الذين لا يوافقون على هذا النهج مهددون بشكل مباشر بالعقوبات".

رشيد حوراني: موسكو تصعّد بسبب رفض قسد التنازل للنظام في المفاوضات التي جرت بينهما

وزعم البيان أن نائب قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي، جيمس ميلوي، يقود أنشطة "داعش" في جنوب سورية ودمشق، وأنه سلّم التنظيم صواريخ برؤوس حربية مليئة بالمواد السامة في منطقة قريبة من بلدتي الحوية وزافريا القريبة من قاعدة التنف العسكرية الأميركية الواقعة في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي.

ودأب الجانب الروسي على اتهام أطراف متعددة في سورية بالتحضير لهجمات بأسلحة محرمة دولياً لتبرير التصعيد الذي يعقب عادة كل اتهام. وفي السياق، أعلنت قوة المهام المشتركة الأميركية في سورية، الثلاثاء الماضي، البدء بمناورات عسكرية مشتركة مع "شركائها المحليين" في شمال شرقي سورية، تتضمن تدريبات جوية في محافظتي الحسكة ودير الزور أو بالقرب منهما لـ"التحقق من أنظمة الأسلحة والحفاظ على كفاءة الطاقم واستعداده".

وجاءت هذه التدريبات بعد يوم واحد من تدريبات مماثلة أجراها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة مع فصيل "جيش سورية الحرة" المعارض في منطقة الـ55 والتي تعد حرماً لقاعدة التنف يحظر على أي قوات "غير صديقة" دخولها.

هدف التصعيد الروسي

وتعليقاً على التصعيد الروسي في سورية ضد الولايات المتحدة، رأى المحلل العسكري في مركز "جسور" للدراسات النقيب رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "موسكو تصعّد بسبب رفض قسد التنازل للنظام في المفاوضات التي جرت بينهما". واعتبر أن هذا التصعيد يندرج أيضاً في سياق محاولات موسكو إخراج القوات الأميركية من سورية، مستندة إلى دعم تركي وإيراني ظهر في بيان جولة أستانة الأخيرة.

وتنتشر قوات أميركية وأخرى تابعة للتحالف الدولي في شمال شرقي سورية، مهمتها مساندة "قوات سوريا الديمقراطية" في محاربة خلايا تنظيم "داعش" في شمال شرقي سورية. وتتخذ من حقول وآبار النفط والغاز في محافظتي دير الزور والحسكة مقرات لها، فضلاً عن قاعدة التنف التي باتت من أهم القواعد الأميركية في المنطقة. في المقابل، تنتشر القوات الروسية في قاعدة حميميم على الساحل السوري، وفي قاعدة أخرى داخل مطار القامشلي شمال شرقي سورية غير بعيد عن قواعد أميركية في أقصى الشمال الشرقي من سورية. كما تنتشر في العديد من النقاط في المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام.

وأعرب المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد عن اعتقاده أنه "لن يحدث صدام عسكري مباشر بين موسكو وواشنطن في سورية"، مضيفاً أن الأمور تتجه نحو تصعيد لحدة التوتر في العلاقات بينهما في سورية، وليس أكثر من ذلك.

عبد الواحد: لن يحدث صدام مباشر بين موسكو وواشنطن

وتابع عبد الواحد، لـ"العربي الجديد": "ربما تقع بعض الحوادث التي ستُحسب على أنها "صدام نتيجة خطأ"، أو قد يقول الروس إنه "صدام بسبب عدم التزام واشنطن بالمذكرة الثنائية حول عدم الاشتباك وتجنب الصدام في سورية".
ولا يستبعد حدوث مواجهات "بالوكالة"، أي بين قوات مدعومة من روسيا أو حليفة لها، وبين القوات المدعومة أميركياً من الجانب الآخر، ليس أكثر.

تداعيات خطيرة للنزاع بين قوتين نوويتين 

وأوضح أن أي نزاع مسلح بين قوتين نوويتين ستكون له تداعيات خطيرة ومباشرة على الأمن والاستقرار، إقليمياً ودولياً، وهذا ما لا تريده موسكو واشنطن. وأشار إلى أن من أهداف التصعيد الروسي في سورية "إرغام دول الغرب على إعادة التفكير بشأن موقفهم من روسيا بشكل عام، والانصياع للمطالب الروسية بشأن اتفاقية الضمانات الأمنية التي عرضتها موسكو على واشنطن نهاية عام 2021، وردت واشنطن عليها بالرفض".

وبرأيه فإنّ سورية ستكون ساحة ساخنة للمواجهة بين واشنطن وموسكو، ودرجة السخونة رهن بمدى تحقيق كل طرف لأهدافه، معتبراً أن روسيا تريد بناء عالم متعدد الأقطاب، والولايات المتحدة تريد كبح الصعود الروسي.

المساهمون