حذر عدد من مؤسسات المجتمع المدني والأهلي الفلسطيني، اليوم الإثنين، من خطورة ما يتم الحديث عنه من قبل بعض القوى السياسية عن إمكانية تأجيل الانتخابات الفلسطينية العامة، بذريعة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يوافق على إجرائها في القدس وفق الاتفاقات الدولية.
وقال مدير عام "مؤسسة الحق" الفلسطينية شعوان جبارين، لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر صحافي عقد بمدينة رام الله، اليوم: "إننا نشعر بقلق نتيجة التصريحات الأخيرة التي تصدر يوميًا عن قوى سياسية فلسطينية، منها قوى ثانوية ورئيسية، كحركة فتح، حول أنه لا انتخابات في القدس، وأن الاحتلال لم يعط موافقة على إجرائها، لأن من يقول ذلك لا يريد للانتخابات أن تجرى في المدينة".
وأضاف جبارين: "موقفنا واضح، وهو ضرورة إشراك القدس، وأن يكون ذلك تحديًا للاحتلال، واعتبار إجراء الانتخابات في المدينة ضرورة وطنية، ولكن على الطريقة الفلسطينية، وليس كما يريد الاحتلال".
وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد قبل ساعة من اجتماع للقوى الفلسطينية يبحث بإجراء الانتخابات في القدس، قال جبارين: "هناك فريقان حول إجراء الانتخابات في القدس؛ أحدهما مع إشراك القدس وانتظار ضوء أخضر من الاحتلال ليوافق على إجرائها، والآخر يقول إنه يجب ألا نضع القدس تحت أوامر الاحتلال"، مشيرا إلى أن "من ينتظر الاحتلال فهو لا يرغب بإجراء الانتخابات".
وفي إجابة عن أسئلة الصحافيين بشأن ما إذا كان هناك فعلاً تأجيل للانتخابات، قال مدير عام "مؤسسة الحق": "سوف نستمر في الدعوة إلى تجديد النظام السياسي الفلسطيني على كل المستويات، باعتبار الانتخابات مدخلاً لتجديد الشرعيات في كل المؤسسات الفلسطينية".
بدوره، قال مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" حلمي الأعرج: "هناك إجماع من كل أبناء الشعب الفلسطيني على أنه لا انتخابات بدون القدس، وهناك فرق بالشعار المستخدم، حيث يجب أن تجري الانتخابات بالقدس بقرار فلسطيني، دون انتظار موافقة أحد، ولا ينبغي العودة إلى اتفاقات أوسلو التي لم يتلزم بها الاحتلال".
وأضاف الأعرج: "ينبغي أن يكون هناك توافق فلسطيني لتحويل القدس إلى معركة بهذه الانتخابات التي يجب أن تجري، ولا نعطي الاحتلال فيتو لإجرائها، وفق إجماع فلسطيني على آلية خوض هذه المعركة وإدارتها، وبإمكاننا تحويلها لمعركة وطنية وديمقراطية، ونحرج بذلك الاحتلال أمام العالم".
بدوره، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري: "إن القدس شاركت بكل العمليات الانتخابية السابقة، حيث اقترع 5630 مقدسياً لهم حق التصويت في صناديق البريد بحسب الاتفاقات الدولية، والباقي في مناطق القدس الواقعة خارج جدار الفصل العنصري، وحالياً يوجد إجماع مقدسي على المشاركة بالانتخابات تحت كل الظروف كقضية نضالية، ويجب ألا تكون القدس ضمن مؤشرات إلغاء الانتخابات".
في غضون ذلك، دعا الباحث في مجال الإعلام والقانون ماجد العاروري القوائم الانتخابية إلى حوار وطني مع كل القوى المجتمعية للبحث عن آلية تنفيذ الانتخابات في القدس والمساهمة بمعركة إجرائها، وتحويلها لمعركة فلسطينية حقيقية.
أما مدير مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات عارف جفال، فقد أشار إلى أن "القدس تستخدم حجة للدفع نحو تأجيل الانتخابات"، وقال: "لقد اقترحنا أن يتم إجراء الانتخابات في القدس كدائرة انتخابية منفصلة، لكن رفض رأينا بحجة أنهم يريدون الوطن كله دائرة انتخابية واحدة، لكن ما يحدث الآن هو أن البعض يبحث عن مدخل قانوني للطعن بإجراء الانتخابات في القدس".
وأشار جفال إلى أن "الانتخابات التي جرت في المرات السابقة كانت وفق البروتوكول الخاص بإجرائها، بحسب اتفاق أوسلو وكان يشرف عليها موظفون إسرائيليون".
إلى ذلك، تلا خالد ناصيف، من مركز رام الله لحقوق الإنسان، بيان مؤسسات المجتمع المدني والأهلي، الذي أكدت فيه على "حق الشعب الفلسطيني في مدينة القدس بالمشاركة في الانتخابات العامة، 2021، من خلال اجتراح الحلول والأفكار والأدوات التي تساهم في تمكينه من ذلك".
ودعت المؤسسات إلى "وقف التصريحات الإعلامية الداعية لإلغاء الانتخابات في حال رفضت دولة الاحتلال إجراءها في القدس"، داعية إلى "تبني خطاب يؤكد على إجراء الانتخابات في مدينة القدس؛ خطاب مواجهة مع المحتل، بإظهار السيادة على مدينة القدس للشعب الفلسطيني، وأنه يمارس حقه في المشاركة السياسية بإرادته لا بقرار أو بإرادة المحتل".
وحذرت المؤسسات من اتخاذ قرار منفرد بإلغاء الانتخابات، بذريعة رفض الاحتلال الإسرائيلي إجراءها في مدينة القدس، لما له من تداعيات خطيرة على مستقبل النظام السياسي الفلسطيني، والسلم الأهلي، واستمرار حالة التردي في الحقوق والحريات، ومستقبل القضية الوطنية، فيما أعلنت المؤسسات شروعها بتنفيذ كافة الأنشطة المتعلقة بالانتخابات، وأنها ستعمل على مراقبة العملية الانتخابية في كافة مراكز الاقتراع داخل مدينة القدس، وستواجه إجراءات الاحتلال الرافضة لهذه الأنشطة.