استمع إلى الملخص
- مشاركة شخصيات بارزة: شاركت شخصيات دولية بارزة، مثل فريتز إلدينغر ويانيس فاروفاكيس، في دعم القضية الفلسطينية، وحضر المؤتمر شخصيات يهودية معارضة للصهيونية، مما يعكس تنوع الدعم ورفض اتهامات معاداة السامية.
- مناقشة القضايا الفلسطينية: تناول المؤتمر قضايا الاحتلال الإسرائيلي، مثل الإبادة الجماعية في غزة، وانتقد السياسات الأوروبية الصامتة، مؤكداً على ضرورة تغيير الرأي العام لدعم حقوق الفلسطينيين.
يستمر اليوم الأحد "مؤتمر فلسطين"- فيينا بعد انطلاقه، أمس السبت، بأحد ضواحي العاصمة النمساوية، بعد محاولات حثيثة لمنعه من قبل بعض الجهات الرسمية واللوبيات الصهيونية. وحتى اللحظات الأخيرة وبكثير من "السرية" حول مكان الانعقاد قام منظمو المؤتمر من الحركات والشخصيات التي تقف وراء انعقاده بإبقاء المكان الجديد لمكانه محصوراً ببضعة أشخاص. فالأمر يعود إلى تجربة ملاحقة عقد مؤتمر فلسطين في برلين ربيع هذا العام، حيث تدخلت الشرطة والسلطات هناك لفضه ومنع انعقاده.
في نهاية المطاف تغلب المنظمون على ما واجهوه في فيينا. فبحسب معلومات "العربي الجديد" في النمسا، حدد هؤلاء مقرات بديلة لمكان انعقاده الأول، وهو بالفعل ما جرى، حين تراجعت الجهة المؤجرة للقاعة الأولى التي كان من المفترض أن ينعقد فيها "مؤتمر فلسطين" لينتقل بسرعة إلى المقر البديل، حيث وبطريقة ما تعود للمنظمين استطاعوا خلال لحظات حشد المشاركين في المقر الجديد، وترتيبه ليكون جاهزاً لإطلاق مؤتمرهم.
تحديات وحضور مميز في مؤتمر فلسطين
في سياق محاولات منع المؤتمر الفلسطيني في النمسا يؤكد لـ"العربي الجديد" منسقه الناشط السياسي النمساوي، فيلي لانغهالا، أن المؤتمر واجه عقبات كثيرة على مستوى محاولات التدخل السياسي والشرطي الأمني لمنعه على مدار الأسابيع الماضية. ويشير لانغهالا إلى أن بلدية فيينا مارست ضغوطاً على أصحاب القاعة الأولى، ليتراجعوا في نهاية المطاف، فقمنا سريعاً بالانتقال إلى الخطة "ب" وحققنا انتصاراً على تدخل السياسيين والشرطة، فلم يأتوا إلى مقر هذه القاعة الجديدة التي نعقد فيها المؤتمر اليوم.
وخلال الفترة الماضية تعرض مؤتمر فلسطين- فيينا لحملة عنيفة من قبل حزب الشعب اليميني الحاكم واللوبي الإسرائيلي، فقد ربط منتقدو عقد المؤتمر بينه وبين "السابع من أكتوبر". وتناولت وسائل الإعلام والصحافة المحلية لعبة محاولات المنع وإبقاء منظمو المؤتمر مقر الانعقاد سرياً حتى اللحظات الأخيرة. يعتبر القائمون على المؤتمر أن انعقاده يعد انتصاراً على اللوبي الصهيوني والصحافة التقليدية اللذين جهدا لمنعه.
ويبدو أن الأسماء المشاركة في فعاليات مؤتمر فلسطين-فيينا أقلقت اللوبيات الصهيونية وداعمي الاحتلال الإسرائيلي في كل من النمسا وألمانيا في محاولتهم فرض إلغاء فعالياته كما حدث مع مؤتمر برلين. ويشارك في مؤتمر فلسطين-فيينا، من بين شخصيات أخرى، المدير العام للجنة العلاقات العربية النمساوية، فريتز إلدينغر، والكاتب الجنوب أفريقي-البريطاني والناشط في دعم قضية فلسطين أندرو فيينشتاين، والسياسي والوزير اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، وأستاذة الفلسفة المعارضة للأبرتهايد والناشطة في بريطانيا ضد تزويد الاحتلال بالأسلحة ستافيت سناي.
أضف إلى ذلك فإن شخصيات أخرى تعارض الاحتلال وجرائم الإبادة من بين الجاليات اليهودية في أوروبا، من بينهم من حضر خصيصى من ألمانيا ومن دول أخرى، مثل شيلي ستاينبيرغ والنمساوية داليا ساريج من جماعة "ليس باسمنا". وأكدت ساريج لـ"العربي الجديد" أن "الساسة النمساويين يواصلون حتى اتهام اليهود المعارضين للاحتلال والصهيونية بمعاداة السامية، في مفارقة ساخرة تعبر عن جهل وعجرفة دعم جرائم الحرب والإبادة".
الناشطة المعارضة للصهيونية زوهر تشامبرلاين تذكر لـ"العربي الجديد" أن "كل ما تنطق به الصهيونية عن معاداة الفلسطينيين للسامية، وبأنهم يريدون إلقاء اليهود في البحر، تعبير في الواقع عن اعتراف بأنهم قاموا بكل الجرائم التي يتهمون بها الآخر". وتشير في السياق إلى أن "كل هذا الكلام عن معاداة السامية، حتى ضد الفلسطينيين واليهود، في ألمانيا هو في الواقع انعكاس لحالة ألمانية خاصة لم تنفك عن تاريخ ألمانيا نفسها، حيث عملية معاداة اليهود والمهاجرين تستمر فيها".
وخاطب في الجلسة الافتتاحية كل من السفير الفلسطيني في فيينا صلاح عبد الشافي، والسياسية الفلسطينية من الداخل حنين الزعبي، والكاتب المحاضر عزام التميمي، والمدير السابق للمعهد الأوكراني للعلاقات الدولية صلاح زقوت، والصحافية الفلسطينية هبه جمال، وغيرهم من الشخصيات المشاركة في المؤتمر الذي يحضره نحو 250 مشاركاً من دول أوروبية مختلفة.
في يومه الأول، سلط المؤتمر الضوء على قضايا متعددة تواجه القضية الفلسطينية والسيناريوهات التي يحاول الاحتلال فرضها تحت مسميات متعددة. وركز بعض المتحدثين على المساواة بين طبيعة دولة الاحتلال ونظام الأبرتهايد الذي ساد في جنوب أفريقيا سابقاً، وآليات العمل ضد نظام الفصل العنصري، من خلال فرض مزيد من المقاطعة والعقوبات على تل أبيب. ويعتبر البعض أن استدعاء بعض أدوات مواجهة الأبرتهايد السابق يمكنها أن تؤثر بخيارات الاحتلال ترسيخ سيناريوهاته المنكرة للوجود الفلسطيني ككل.
على مستوى حق المقاومة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال، سلط العديد من المتحدثين على هذا الحق "فالأمر ليس عائداً لنا نحن الأوروبيين لنقرر أي شكل من المقاومة يجب اتباعه، الأمر يعود للفلسطينيين لكونه الشعب الواقع تحت الاستعمار"، كما ذكر الجنوب أفريقي-البريطاني أندرو فيينشتاين. إلى جانب ذلك اعتبر المشاركون أن القضية الفلسطينية "لم تبدأ في السابع من أكتوبر"، وشدد عزام التميمي في خطبته التي أثارت حماس الحاضرين على حق مقاومة الاحتلال بكل السبل، بما فيها الكفاح المسلح. وأعاد السفير صلاح عبد الشافي التذكير بحاجة الفلسطينيين إلى دعم أوروبي لمواجهة الحالة الكارثية في غزة. وشدد عبد الشافي لـ"العربي الجديد" على أهمية المؤتمر، مؤكداً حصول تغير في اتجاهات الرأي العام في النمسا وعلى المستوى الأوروبي.
وتناول المؤتمر مسألة "الإبادة الجماعية" الجارية في غزة، وتوسع الحرب الإسرائيلية اليوم إلى لبنان. وينتقد المتحدثون الضيوف السياسات الأوروبية التي تصمت عن قتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفرض التجويع وهو جريمة حرب، وتشريد أكثر من مليوني فلسطيني. ويعتبر المؤتمر أن الحرب على غزة أدت إلى ارتكاب أفظع الجرائم باسم "حق الدفاع عن النفس، وهو تعبير يستند إلى عقلية استعمارية تهدف إلى السيطرة الحصرية على الأرض وتهجير السكان الأصليين، الشعب الفلسطيني". ويشدد المؤتمر على العمل أوروبياً لأجل فرض تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الأساسي في تقرير المصير، ورفض إخضاع الفلسطينيين لنظام الفصل العنصري.
ويرى المؤتمر أن العالم الغربي برغم محاولته قمع الفلسطينيين وأنشطتهم يشهد تحولات كبيرة على مستوى القضية الفلسطينية وتفهم سرديتها، وأن المزيد والمزيد من الرأي العام يسير في اتجاهات مخالفة للسياسات الرسمية والتغطيات الإعلامية. ووجه متحدثون نمساويون وألمان انتقادات لاذعة لساسة ووسائل إعلام دولتيهما على ما يسميانه قمع الحريات لمصلحة فرض السردية الإسرائيلية بكثير من التفاصيل والأمثلة التي تقدم للدلالة على أنه يجري استغلال شعار "معاداة السامية" لقمع الحريات، وإظهار التضامن مع الشعب الفلسطيني. ويرفض المتحدثون في المؤتمر، وبينهم أصوات يهودية معادية للصهيونية، اعتبار أن معارضتهم لدولة الاحتلال معاداة لليهود، مؤكدين أنها تهمة تهدف إلى تقييد حرية التعبير والتظاهر إلى حد الملاحقة الجنائية.
وقدم اليوم الأول من المؤتمر مرافعات قوية على مستوى مساواة حالة الأبرتهايد في جنوب أفريقيا سابقاً والفصل العنصري في فلسطينيّ اليوم. وأكد في ذلك استدعاء تجربة نضال المؤتمر الوطني الأفريقي ونيلسون مانديلا، مذكرين أنه اعتبر سابقاً إرهابياً، وهو ما يجري اليوم مع المقاومة الفلسطينية، رغم أنها مقاومة لا تتعارض والقانون الدولي. ويعتبر المؤتمر أن حق النضال الفلسطيني لا يجب أن يخضع للرؤية الغربية. ويشدد على العمل على مستوى أوروبا في سبيل وقف الاتحاد الأوروبي لوقف تمكين إسرائيل من مواصلة الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية، من خلال استمرار تدفق الأسلحة والحماية السياسية والدبلوماسية.
في كل الأحوال، يؤكد "مؤتمر فلسطين"، من خلال الإصرار على عقده وما يقدمه من تصورات وأفكار، أن "تنظيمه بحد ذاته هو صرخة أخلاقية من أجل مزيد من دعم المقاومة الفلسطينية ومقاومة الإبادة الجماعية"، رافضاً قبول جرائم الحرب، بحجة أن التشكيك بالرواية الصهيونية والاستعمار يعتبر "حماية ضد معاداة السامية".