ردّت رئيسة الحكومة البريطانية ليز تراس على معارضيها في جلسة المساءلة التي اختتمت اليوم الأربعاء، في مجلس العموم، بالقول: "أنا مقاتلة، ولست انهزامية"، مقتبسة هذه العبارة من السياسي العمالي بيتر ماندلسون التي قالها بعد استقالته من منصبه كوزير، لتثير في وقت لاحق سخرية الصحف البريطانية لأنها ربما لا تدرك السياق الذي جاءت فيه العبارة المقتبسة.
وكانت هذه الجلسة الأسبوعية هي الثالثة لتراس منذ تولّيها المنصب في الخامس من سبتمبر/أيلول، في وقت تعيش فيه لحظات حاسمة وسط معارضة الأغلبية ومطالب التنحّي.
ونجت تراس لأيام ربما بعد جلسة المساءلة اليوم، وكانت على عكس التوقّعات متماسكة، حتى وإن لم يحمل خطابها أي جديد بين السطور إلا أن نبرتها الواثقة تروق للمتشدّدين والمؤثرين في الحزب، من محبّي الصوت العالي والصراخ بغض النظر عمّا يعبّر عنه ذلك الصوت.
وجدّدت تراس اعتذارها عن الأخطاء التي ارتكبتها واعترفت من جديد أنها ربما ذهبت بعيداً في استراتيجيتها وبخطوات أسرع من اللازم، كما استجابت للانتقادات التي طاولتها هي والمستشار الجديد جيرمي هانت بشأن المعاشات التقاعدية، معلنة التزامها بالحفاظ على "القفل الثلاثي للمعاشات التقاعدية" بعد أن كان هانت قد أعلن قبل يومين نيّة الحكومة دراسة تأجيله.
إلا أن إعلانها المتعلق بالمعاشات التقاعدية، سرعان ما سيخبو بريقه، حيث أنه لو دلّ على شيء فإنه يدل على التخبّط الذي تعيشه الحكومة ورئيستها التي اضطرت للتخلّي عن كل سياساتها التي كانت تدافع عنها الأسبوع الماضي فقط، إضافة إلى التخلي عن كل الوعود التي أطلقتها خلال حملتها الانتخابية.
وواجه زعيم حزب العمال كير ستارمر، تراس، خلال جلسة اليوم بالخطط والوعود التي تخلّت عنها، سواء تلك المتعلقة بإلغاء أعلى معدل ضرائب (45 بنساً)، إلى التسوق المعفي من الضرائب، إلى تجميد فواتير الطاقة لمدة عامين لكل البريطانيين، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وصولاً إلى التخلي عن المستشار السابق كواسي كوارتنج.
وكان لافتاً أن يطالبها خلال الجلسة عضو البرلمان "المحافظ" وليام راغ بالتنحّي قائلاً بشكل علني إنه أرسل مسبقاً إلى رئيس لجنة 1922 غراهام برادي خطاب حجب الثقة عن رئيسة الحكومة ليصبح بذلك سادس عضو برلمان عن الحزب الحاكم يدعوها علانية إلى التنحّي.
وفي سياق منفصل عن الجلسة لكن مرتبط بالمأزق الذي تعيشه تراس، أعلن "داونينغ ستريت" اليوم الثلاثاء، عن إلغاء زيارة لتراس كانت مقررة بعد ظهر اليوم إلى شركة تصنيع إلكترونيات وكان من المفترض أن تلتقي بالصحافيين وتجيب عن أسئلتهم.
ولم يقدم "داونينغ ستريت" أي مبرّرات لإلغاء هذه الزيارة التي كانت مؤكّدة حتى وقت قريب.