أرجأ المجلس الأعلى للدولة الليبي جلسته المقرر عقدها اليوم الثلاثاء لمناقشة تعديل الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت) الذي أقرّه مجلس النواب، إلى يوم الخميس المقبل، وسط اختلاف كبير بين أعضائه بشأن الموافقة عليه.
وبدأ مجلس الدولة، الأحد الماضي، مداولاته ونقاشه حول تعديل الإعلان الدستوري، وسط تباين كبير بين أعضائه بشأن الموافقة عليه، استمرّ لمدة يومين، ما اضطر رئاسة المجلس إلى تعليق الجلسة، على أن يتم التصويت عليه خلال جلسة كان من المقرّر أن تعقد اليوم الثلاثاء.
وكان مجلس النواب قد أعلن، الأربعاء الماضي، إحالته التعديل الدستوري إلى مجلس الدولة، من أجل "الاطلاع عليه وإبداء الرأي، وفقاً لما تم الاتفاق عليه"، بحسب منشور للناطق الرسمي باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، على صفحته على "فيسبوك".
وأقر مجلس النواب، خلال جلسته في السابع من الشهر الجاري، بالإجماع، تعديلاً للإعلان الدستوري ليكون أساساً للقاعدة الدستورية الخاصة بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ ديسمبر/ كانون الأول من عام 2021.
وفيما أكدت عضو المجلس الأعلى للدولة نعيمة الحامي، تأجيل رئاسة المجلس الجلسة الخاصة بمناقشة التعديل الدستوري إلى يوم الخميس، أصدر عشرون عضواً بالمجلس بياناً مشتركاً، في وقت متأخر ليل أمس الإثنين، أكدوا فيه عزمهم مقاطعة الجلسة في حال عقدها اليوم.
وأوضح البيان المشترك أن تعليق الجلسة لمرتين متتاليتين مخالف للنظام الداخلي للمجلس، محذرين من محاولة تمرير التعديل بأغلبية بسيطة وباستعجال، ومن أن ذلك سيقود إلى الطعن فيه أمام الدائرة الدستورية، ما يمثّل عقبة إضافية في مسار الانتخابات.
وطالب الأعضاء بمزيد من الوقت للنظر في التعديل، وهو ما اضطر رئاسة المجلس إلى تأجيل الجلسة إلى يوم الخميس المقبل.
وفي تصريحها، أوضحت الحامي أن جلسة الإثنين انتهت إلى الاتفاق على "تشكيل لجنة للنظر في التعديل" قبل التصويت عليه، كاشفة النقاب عن تباين كبير في الآراء بين أعضاء المجلس، وقالت: "هناك من يرى تعديل بعض المواد، ومن يرى التحفظ فقط على بعض المواد، حتى أن هناك من يرى عدم الموافقة على التعديل بالكامل".
ويتكون التعديل من 32 مادة، تختص بنظام الحكم، حيث تسمّى السلطة التشريعية بـ"مجلس الأمة"، الذي سيتكون من غرفتين: مجلس للنواب في بنغازي، توزع فيه المقاعد بناءً على الكثافة السكانية، وآخر للشيوخ في طرابلس من 60 عضواً موزعين بالتساوي بين أقاليم ليبيا الثلاثة، طرابلس، وبرقة، وفزان.
ولم يحسم التعديل أمر المواد الخلافية في قاعدة الانتخابات، وأحال البت فيها للجنة تتكون لاحقاً من 12 عضواً بالمناصفة بين مجلسي النواب والدولة.
وفي سياق قريب، أعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، استعداد المجلس للتعاون مع المؤسسات التشريعية، لوضع إطار دستوري لإنجاز الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفقاً لـ"آليات بديلة لتحقيق تطلعات الشعب في اختيار قيادته".
وأكد المنفي، خلال سلسلة تغريدات نشرها على حسابه على "تويتر" ليل أمس، أن "إنجاز الانتخابات عام 2023 يتطلب انخراط الجميع في ترتيبات مالية لتحديد أولويات الإنفاق العام وحياده السياسي، عبر لجنة وطنية تحفظ سيادة ليبيا على قرارها ومواردها"، معتبراً أن ملف المصالحة الوطنية الذي يقوده المجلس "أساس كل المسارات".
1/3
— محمد المنفي - Mohamed Menfi (@LPCLYM) February 20, 2023
إنجاز الانتخابات عام 2023 يتطلب انخراط الجميع في ترتيبات مالية لتحديد أولويات الإنفاق العام وحياده السياسي عبر لجنة وطنية تحفظ سيادة ليبيا على قرارها ومواردها.
وفي سياق مختلف، قال رئيس البعثة الأممية في ليبيا عبد الله باتيلي، أنه أجرى سلسلة لقاءات مع القادة الليبيين قبل مغادرته إلى نيويورك لتقديم إحاطته إلى مجلس الأمن يوم 27 من الشهر الجاري.
وأوضح باتيلي، عبر تغريدة على حسابه في وقت متأخر ليل أمس الإثنين، أن مشاوراته التي أجراها أخيراً شملت لقاءه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيسي مجلس النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري، ووفداً يضم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، مشيراً إلى وجود تقارب متزايد في الآراء بشأن وجوب إجراء الانتخابات في عام 2023.
2/2 هناك تقارب متزايد في الآراء بشأن وجوب إجراء الانتخابات في عام 2023. إنني أرحب بالتزام الجميع لإيجاد حل بقيادة ليبية للأزمة السياسية الراهنة. يجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لإنهاء المأزق الحالي وتلبية تطلعات الشعب الليبي.
— SRSG Abdoulaye Bathily (@Bathily_UNSMIL) February 20, 2023
ورحب المبعوث الأممي بالتزام الجميع بإيجاد حلّ بقيادة ليبية للأزمة السياسية الراهنة، مضيفاً: "يجب علينا جميعاً أن نعمل معاً لإنهاء المأزق الحالي وتلبية تطلعات الشعب الليبي".
ويدور الخلاف في ملف الانتخابات حول الأساس الدستوري، فمنذ أكثر من عامين، لم يتفق مجلسا النواب والدولة على قاعدة دستورية للانتخابات، وسط خلاف شديد حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وتحديداً أحقية مزدوجي الجنسية والعسكريين في الترشح، حيث يطالب مجلس النواب بضرورة السماح لهما بالترشح، فيما يطالب مجلس الدولة بمنعهما.