خاطب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، يوم الخميس، كلا من: رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومستشاري المحكمة العليا، بعدم اعترافه بالمستشار محمد الحافي رئيسا للمحكمة العليا، مطالبا المجلس بضرورة تنفيذ قرار نقل مقر المحكمة إلى البيضاء.
وأستند صالح في ذلك إلى قرار صادر عن مجلس النواب يلغي كل قرارات المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) الصادرة بعد تولي مجلس النواب السلطة التشريعية.
وأوضح صالح أن مجلس النواب عقد أولى جلساته في أغسطس/آب 2014، بينما عاد المؤتمر الوطني ليمارس أعماله في إطار الانقسام السياسي الحاصل في البلاد عام 2014، وأصدر تكليفا للحافي برئاسة المحكمة العليا في مايو/أيار 2015.
وفيما أكد صالح أن مجلس النواب لم يصدر قرارا بتعيين الحافي رئيسا للمحكمة العليا، أشار إلى قرار سابق لمجلس النواب بإعادة هيكلة المحكمة العليا، ومنها نقل مقرها الرسمي إلى مدينة البيضاء، شرق البلاد، مطالبا المجلس الأعلى للقضاء بضرورة تنفيذ قرار نقل مقر المحكمة إلى البيضاء.
في المقابل، خاطب رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، كلا من المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العليا، يطالبهم فيه بعدم الاعتداد بخطاب صالح، خصوصا ضرورة انعقاد جلسات المحكمة العليا في مدينة البيضاء.
وبحسب المشري، فإن خطاب صالح "اعتمد على قرار صادر من غير ذي صفة"، موضحا أنه "بدخول الاتفاق السياسي حيز التنفيذ فإن جميع القرارات التي تتعارض مع بنوده تعتبر لاغية".
ويأتي خطاب صالح إلى المجلس الأعلى للقضاء في إطار الخلافات الدائرة بينه وبين المحكمة العليا، التي رفض رئيسها محمد الحافي تنفيذ قرار مجلس النواب بشأن تعيين 45 مستشارا فيها، الأسبوع قبل الماضي، إذ أكد الحافي أنه "لن يعتد بأي إجراء مخالف للقانون للحفاظ على هيبة واستقلال القضاء"، مشيرا إلى أنه أرسل ثلاث خطابات سابقة لمجلس النواب يؤكد فيها أن "المحكمة لم تطلب أي تعديل لقانونها ولم تقم بإحالة أي خطاب رسمي لطلب تعيين مستشارين بالمحكمة".
وشدد على أن الجمعية العمومية للمحكمة قررت "عدم الاعتداد بأي قرار أو إجراء مخالف للقانون، وضرورة التشاور معها؛ صـونًا لاستقلال وهيبة مؤسسة المحكمة العليا والقضاء الليبي".
جاء قرار تعيين مجلس النواب للمستشارين الجدد بناء على تعديل أجراه قانون تشكيل المحكمة العليا، ويتضمن التعديل أن يؤدي مستشارو المحكمة اليمين أمام رئاسة مجلس النواب، بدلا من أداء اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة العليا، وهو ما أبدى الحافي اعتراضا بشأنه، معتبرا أن تعديل قانون تشكيل المحكمة يجب أن يجري بالتنسيق والتشاور مع المحكمة، طبقا لقانون إنشائها.
ومنذ فترة سعى مجلس النواب للتدخل في السلطة القضائية، من خلال قرار إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، الذي وزعت نصه وسائل إعلام مقربة من رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأثار جدلا واسعا باعتبار انتشاره تزامنا مع نظر المحاكم الليبية في الطعون المقدمة من المترشحين للانتخابات الرئاسية.
وكان نائب رئيس مجلس النواب فوزي النويري قد نفى أن يكون القرار قد صدر عن مجلس النواب، مؤكدا، في حينه، أنه سيشكل لجنة للتحقيق في صدوره ومن المسؤول عن توزيعه في ذلك التوقيت، لكنه تراجع عن تصريحاته دون أن يصدر من جانب مجلس النواب أي توضيح بشأنه.
وإثر انتشار نص قرار مجلس النواب، أعلن المجلس الأعلى للقضاء، في 15 ديسمبر الماضي، عن اجتماع وفق قرار مجلس النواب القاضي بأن يكون رئيس المجلس الأعلى للقضاء نائب رئيس المحكمة العليا، وليس رئيس المحكمة العليا، فيما أعلن الحافي، رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس المحكمة العليا، عن رفضه للخطوة، وقال في تصريحات لــ"العربي الجديد"، إنه لم يسلّم رئاسة مجلس القضاء الأعلى لنائبه، موضحاً أنّ إصدار أي قانون يمسّ المؤسسة القضائية "يجب إشراك مجلس القضاء فيه".