استمع إلى الملخص
- **ترحيب ودعم دولي للمبادرة الأممية**: رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي والسفارة الأميركية يرحبان بالمبادرة، داعين لحل الأزمة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي.
- **مواقف متباينة وتصعيد مستمر**: اللواء خليفة حفتر يرفض تغيير إدارة المصرف، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح يؤكد أن تعيين المحافظ من اختصاص مجلس النواب، مشدداً على احترام الشرعية الدستورية.
أعلنت البعثة الأممية لدى ليبيا عن عزمها على عقد "اجتماع طارئ" بمشاركة الأطراف الليبية المعنية بأزمة المصرف المركزي. جاء ذلك في بيان أصدرته البعثة ليل الاثنين - الثلاثاء، بعد عدة لقاءات أجرتها القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية ستيفاني خوري مع قادة الأطراف الليبية خلال الأيام الماضية.
وأعربت البعثة في بيانها عن "عميق أسفها لما آلت إليها الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب"، معتبرة أن إصرار الأطراف على قراراتها "أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي".
وأعلنت البعثة عن اعتزامها "عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة المصرف المركزي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية"، مشددة على "مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة"، داعية الأطراف الليبية إلى جملة خطوات وصفتها بـ"الملحة"، أبرزها "تعليق العمل بكل القرارات الأحادية المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي"، و"الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط والكف عن إقحام مصدر الدخل الرئيسي للبلاد في الصراعات السياسية"، و"وقف التصعيد والإحجام عن استعمال القوة لتحقيق مآرب سياسية أو منافع فئوية"، كما دعت إلى ضرورة "ضمان سلامة موظفي المصرف المركزي وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي".
ووصفت حل أزمة المصرف بـ"الضرورة الملحة لتهيئة الظروف المواتية لعملية سياسية شاملة"، بهدف تحقيق توافق واسع لإجراء انتخابات وطنية، بما في ذلك "التوافق على حكومة موحدة، لإنهاء أزمة تآكل شرعية المؤسسات وانقسامها".
وجاء قرار البعثة بعد أسبوعين من التصعيد الحاد بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب على خلفية إقدام الأول على إصدار قرار لتغيير إدارة المصرف المركزي ومحافظه، ورفض الثاني للقرار، وسط تنازع كليهما عل شرعية إصدار القرارات الخاصة بالمؤسسات السيادية. وارتفع مستوى التصعيد، أمس الاثنين، بإعلان إدارة المصرف الجديدة المكلفة من المجلس الرئاسي عن تسلمها مهامها من داخل مقر المصرف، فيما أعلنت حكومة مجلس النواب عن وقف إنتاج النفط في خطوة مقابلة لإصرار المجلس الرئاسي على إنفاذ قراره بشأن المصرف.
المنفي وواشنطن يرحبان بالدعوة
ورحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بالدعوة لعقد الاجتماع، مؤكداً أن قرار المجلس الرئاسي بشأن تغيير إدارة المصرف المركزي جاء لحلّ الأزمة في ظروف التوتر الأمني السائد في البلاد. وقال المنفي، في بيان له اليوم الثلاثاء، "نتفهم قلق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسبب التباس التوصيف لقراراتنا وتداخل الاختصاصات"، في إشارة لاعتبار البعثة الأممية قرار المجلس الرئاسي بشأن تعيين إدارة جديدة للمصرف المركزي ضمن "القرارات الأحادية" التي اعتبرها سبباً في أزمة المصرف.
وأكد المنفي أن المجلس الرئاسي اتخذ قراره "مجتمعاً"، لتعزيز "سيادة القانون، وحقق قرار اختيار ممثلي الشعب لمحافظ يتمتع بالنزاهة والكفاءة، مرفقاً بقرار آخر بتشكيل مجلس إدارة لأول مرة منذ سنوات طويلة"، متهماً مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بالتخلي عن مسؤوليتهما حيال اختيار شاغلي المناصب السيادية، ومنها محافظ المصرف المركزي. وأكد المنفي أن المجلس الرئاسي مارس اختصاصه وفقاً للاتفاق السياسي "بتعيين كبار الموظفين، محققين التمثيل السياسي الواسع لكل القوى والأطراف، بما انعكس عنه تحقيق الاستقرار من دون التخلي عن خبرة وكفاءة العناصر". كما أكد المنفي أن قرار المجلس الرئاسي بتعيين مجلس إدارة جديد للمصرف جاء في وقت تشهد فيه البلاد احتقاناً في الآونة الأخيرة، متهماً مجلس النواب ومحافظ المصرف المركزي المكلف منه الصديق الكبير، باتخاذ قرارات أحادية لفرض ضرائب كان لها أثرها على حياة المواطن.
وأشار المنفي إلى أن المجلس الرئاسي اتخذ "تدابير أمنية واقتصادية ضرورية، حافظت على استقرار العاصمة طرابلس ومؤسساتها، وخاصة مصرفنا المركزي، من صراع مسلح وشيك كان يهدد أمنها واستقرارها"، وطالب القيادات العسكرية بمنع ما وصفها بـ"مغامرات إغلاق ما تبقى من النفط الليبي"، في إشارة لقرار حكومة مجلس النواب، أمس الاثنين، بشأن وقف إنتاج النفط رداً على قرار الرئاسي تغيير إدارة المصرف المركزي. وفيما أكد المنفي ضرورة حل الخلافات الداخلية "بالحوار غير المشروط القائم على السيادة ورفض الإملاءات الخارجية"، دعا مجلس النواب لـ"العودة إلى الاتفاق السياسي الذي جمّده بقرار أحادي"، وإلى الاستناد إليه في قيامه بمهامه باختيار محافظ المصرف المركزي، مشدداً على ضرورة عقد مجلس النواب "جلسة قانونية علنية وشفافة، وبالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة" لاختيار محافظ للمصرف المركزي.
بدورها، رحبت السفارة الأميركية لدى ليبيا، اليوم الثلاثاء، بمبادرة البعثة الأممية، وحثت "جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة"، معتبرة، في منشور على "إكس"، أن تصاعد مواقف الأطراف حول المصرف "تقوِّض الثقة بالاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا بنظر المواطنين الليبيين والمجتمع الدولي، وزيادة احتمالات المواجهة الضارة".
تقدّم مبادرة بعثة الأمم المتحدة للدعم في #ليبيا لاستضافة محادثات بين الأطراف الليبية الرئيسية مسارًا للمضي قدمًا في حلّ الأزمة المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي، وتحثّ سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة. لقد تصاعدت التوترات في الأيام الأخيرة، ممّا أدّى… https://t.co/gnQQi41Ane
— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) August 27, 2024
وفيما بدت حكومة الوحدة الوطنية تصطف إلى جانب المجلس الرئاسي في حراكه الرامي لتغيير إدارة المصرف، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن رفضه للقرار ودعوته إلى "احترام الجهات الشرعية المخولة بالنظر في المناصب السيادية وفقاً للاتفاق السياسي"، في إشارة إلى مجلس النواب.
والثلاثاء الماضي انتقدت خوري خلال إحاطة قدمتها إلى أعضاء مجلس الأمن ما وصفته بـ"الإجراءات الأحادية" التي اتخذتها الأطراف الليبية، محذرة من "تدهور الأوضاع السريع في البلاد". ولأجل احتواء الأوضاع والحد من تفاقمها، اقترحت خوري إطلاق مسار تفاوضي شامل بين جميع الأطراف لاستئناف العملية السياسية، مشيرة إلى أن هذا المسار يجب أن يبنى على محادثات لوضع مجموعة من تدابير بناء الثقة بين جميع الأطراف لخلق بيئة أكثر ملاءمة.
بيان رئيس مجلس النواب
وعقب دعوة المنفي لمجلس النواب عقد "جلسة قانونية علنية وشفافة، وبالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة" لاختيار محافظ للمصرف المركزي، أصدر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بياناً أكد فيه حرص مجلس النواب "على القيام بمهامه وأداء اختصاصاته، وأن تعيين محافظ لمصرف ليبيا المركزي اختصاص أصيل لمجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة".
وفي رد على إصرار المنفي على إنفاذ قرار المجلس الرئاسي بشأن تغيير إدارة المصرف المركزي وتعيين محافظ جديد، قال صالح: "نؤكد أن تعيين المحافظ ليس من اختصاص المجلس الرئاسي إطلاقاً، وما قام به المجلس المذكور مخالف للقانون والإعلان الدستوري والاتفاق السياسي".
وفيما حمّل صالح المجلس الرئاسي المسؤولية "عن حالة الإرباك في القطاع المصرفي داخلياً وخارجياً، وما قام به من تعد على الأمن والاستقرار"، طالب النائب العام "بتحريك الدعوى الجنائية" ضد المجلس الرئاسي، متهماً المجلس بارتكاب "فعل اقتحام المصرف المركزي".
وطالب صالح جميع الأطراف بــ"ضرورة احترام جميع الأجسام السياسية ومكونات المجتمع للشرعية الدستورية المنبثقة عن الإعلان الدستوري، والاتفاقيات الدولية المبرمة والمتضمنة دستورياً والمحددة في الاتفاق السياسي"، مشيراً إلى أن الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، حصر صلاحية تعيين محافظ المصرف المركزي وعزله في مجلس النواب بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة.
وذكر صالح أن مجلس النواب أصدر قراراً باستمرار الصديق الكبير محافظاً للمصرف المركزي، وأنه أوقف قراره السابق بتعيين المصرفي محمد الشكري محافظاً للمصرف، دون أن يشير إلى تشاور مجلس النواب مع مجلس الدولة في هذا القرار.
وأعلن صالح، خلال بيانه، عن استمرار "منع تدفق النفط والغاز إلى حين رجوع محافظ مصرف ليبيا المركزي لممارسة مهامه القانونية"، معتبراً قرار المجلس الرئاسي بشأن تغيير محافظ المصرف "اعتداء صارخاً على رغبة الشعب ومصادرة إرادته في اختياره وانتخابه لمن يمثله".
وختم صالح بيانه بقوله: "على كل من تجاوز صلاحياته ونسي مهامه العودة للحق وتجنب التورط في إصدار قرارات واتخاذ إجراءات من شأنها زعزعة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي". وفي رد ضمني على إعلان البعثة الأممية اعتزامها عقد "اجتماع طارئ" بمشاركة كل الأطراف المعنية بأزمة المصرف للتوصل إلى حل لها، قال صالح إن "أي تسوية سياسية لا تضمن حقوق الأقاليم في الثروة مرفوضة، للمحافظة على مسيرة الإعمار والتنمية، وتحقيق العدالة بين الليبيين".