ليبيا: استمرار الجدل بشأن قرارات عقيلة صالح حول الحكومة والدستور

21 يناير 2022
اتخذ صالح قرارات بصفة منفردة دون طرحها على النواب الليبي لمناقشتها (Getty)
+ الخط -

خلقت تصريحات رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، منتصف الأسبوع الجاري، بشأن إسقاط الحكومة وتشكيل لجنة جديدة لصياغة الدستور، موجة من ردود الأفعال في الأوساط الليبية، خاصةً من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور والمجلس الأعلى للدولة.

وخلال جلستي مجلس النواب، الاثنين والثلاثاء الماضيين، اتخذ صالح قرارات بصفة منفردة، دون طرحها على النواب لمناقشتها، فاجأت الرأي العام الليبي، إذ دعا إلى تشكيل حكومة جديدة واعتبار الحكومة الحالية منتهية الولاية منذ 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. 

كما اتخذ مجلس النواب قراراً بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، في دعوة ضمنية لوقف أعمال الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، وهو ما اعتبره مراقبون التفافاً على المسار الانتقالي والتوافقات السابقة. 

وفي أولى ردود الأفعال، أصدرت الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور بياناً، الاثنين الماضي، أكدت فيه رفضها لقرارات صالح، والمساس بالولاية الدستورية للهيئة من أي جهة داخلية أو خارجية.

كما أكد بيان الهيئة على أن صالح "وأي جهة أخرى" لا يملكون صلاحيات المساس بوضعها القانوني، كون تأسيسها يستند إلى الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت)، كما أنها "هيئة منتخبة من الشعب، وأن أي محاولة لتشكيل لجنة هيمحاولة خلق لمؤسسات موازية".

وأكد البيان أيضا أن الهيئة أتمت أعمالها بإنجازها، في 29 يونيو/ حزيران 2017، مشروع الدستور الذي استوفى كافة المراحل القانونية، موضحاً أن "مشروع الدستور أصبح ملكا للشعب الليبي، وهو الوحيد المخول لقبوله أو رفضه على أساس الاستفتاء عليه".

وأكدت عضو الهيئة التأسيسية، نادية عمران، أن مجلس النواب "غير مخول للإطاحة بعمل الهيئة التأسيسية بصفة منفردة"، موضحة أنه يشترط لتشكيل لجنة جديدة إجراء تعديل على الإعلان الدستوري، الذي أُسس لتشكيل الهيئة التأسيسية الحالية، بالتوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

وفي وقت تؤكد فيه عمران، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أهمية وجود قاعدة دستورية قبل الذهاب لانتخابات جديدة، رأت أن "الاستفتاء على مشروع الدستور هو الأنسب لتأسيس قاعدة دستورية للانتخابات"، وقالت إن "الاستفتاء ممكن، خاصةً وأنه لا يتطلب حملات انتخابية ولا مشاحنات".

وحول الصعوبات التي ذكرت المفوضية العليا للانتخابات أنها تقف في طريق الاستفتاء على الدستور، كالعراقيل الأمنية والفنية، أشارت عمران إلى إمكانية "الاستفتاء الإلكتروني" لتجاوز تلك الصعوبات والمضي في طريق اعتماد الدستور أساسا دستوريا للانتخابات.

رفض لتفرد مجلس النواب بالقرارات

من جهته، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، أن مشروع الدستور المقر من الهيئة التأسيسية، عام 2017، يحتوي على بعض المواد "التي لا تحظى بتوافق بين مختلف الأطراف السياسية، وهي محل خلاف".

وقال بن شرادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شبه إجماع على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة للقيام بتعديل دستوري وتكوين لجنة خبراء للقيام بالتعديلات الدستورية اللازمة حول مشروع دستور". وأضاف أن الهيئة الحالية "انتهت مهمتها عند تسليمها المشروع الدستور" عام 2017.

وعبر بن شرادة عن رفضه لتفرد مجلس النواب بالقرارات، كقرار تشكيل لجنة جديدة للدستور، مضيفاً أن "الأزمة الليبية سياسية بالأساس وليست قانونية، والمرحلة الانتقالية هي مرحلة توافقية، فلا يمكن لمجلس النواب المضي وحده في أي خطوة دون أن تكون محل تشاور وتوافق بين مختلف الأطراف، وبالخصوص المجلس الأعلى للدولة". 

 ووصف عضو المجلس الأعلى للدولة قرارات صالح بـ"التصريحات الإعلامية"، لافتاً إلى أن لجنة خارطة الطريق البرلمانية لم تستكمل أعمالها، وينتظر أن تعرض تقريرها النهائي أمام مجلس النواب يوم 25 يناير/كانون الثاني الجاري.

وحول التقارب الحاصل بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، أكد بن شرادة على وجود تقارب بينهما للتنسيق في المسار الدستوري، وقال: "هذا التقارب سيتواصل إلى حين التوافق على خارطة طريق جديدة"، لكنه لا يوافق على تشكيل لجنة جديدة لصياغة دستور جديد، بل يشدد على إجراء تعديلات على مشروع الدستور الحالي، والاستفتاء عليه ليكون أساسا للانتخابات المقبل.

وحول اعتبار صالح أن الحكومة الحالية منتهية الولاية ودعوته لتشكيل أخرى بديلة عنها، قال بن شرادة: "رغم فشل الحكومة الحالية في حل العديد من الملفات، إلا أنها أتت ضمن مسار توافقي، ولا يمكن استبدالها دون توافق جديد".

وأوضح المتحدث ذاته أن مصير الحكومة الحالية مرتبط بمخرجات لجنة خارطة الطريق البرلمانية، وقال: "لا حاجة لتغيير الحكومة إن تم الاتفاق على موعد للانتخابات قبل يونيو/حزيران المقبل، لكن إذا كانت بعد هذا التاريخ سيكون إعادة تشكيلها ضروريا".

ولم يصدر عن الحكومة أي رد فعل رسمي حيال إعلان صالح انتهاء ولايتها استنادا إلى قرار مجلس النواب سحب الثقة منها، وانتهاء أجل الثقة الممنوحة لها حتى يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.