أعلنت بريطانيا، الخميس، أنّها فرضت عقوبات جديدة على إيران، وأعدّت مشروع قانون يمنح الحكومة صلاحيات إضافية لاستهداف صنّاع القرار في طهران بسبب "أنشطتهم المعادية" سواء كانت هذه الأنشطة في المملكة المتّحدة أو خارجها، ما دفع إيران لاستدعاء القائمة بالأعمال البريطانية لإبلاغها رسالة احتجاج.
واندلعت احتجاجات واسعة في إيران، قمعتها السلطات بعنف، إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عن 22 عاماً في 16 سبتمبر/ أيلول 2022، بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، أمام مجلس العموم، إنّه منذ ذلك الحين "زاد النظام الإيراني بشكل كبير محاولاته لإسكات المعارضة، وهي محاولات لم تقتصر بتاتاً على الأراضي الإيرانية". وأضاف أنّ إيران حاولت قمع معارضيها في الداخل كما في الخارج، مشيراً بالخصوص إلى جهود بذلتها الجمهورية الإسلامية في هذا الصدد في كلّ من اليونان والولايات المتّحدة وتركيا وفرنسا والدنمارك.
"يأس متزايد"
واعتبر الوزير البريطاني أنّ هذه الجهود تثبت "اليأس المتزايد للنظام الإيراني في مواجهة عدم شعبيته في الداخل وعزلته في الخارج".
وفي تصريحه أمام مجلس العموم، ذكّر وزير الخارجية بأنّ قناة تلفزيونية إيرانية خاصة اضطرّت إلى إغلاق مقرّها في لندن بسبب تعرّض موظفيها "لتهديدات بالخطف" أو "القتل". وأضاف أنّه إزاء هذه الأنشطة الإيرانية، تعتزم الحكومة إقرار نظام عقوبات جديد يمنحها "سلطات جديدة ومعزّزة لمواجهة الأنشطة العدائية والمزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، وهو ما سيسمح لنا بفرض تجميد أصول وحظر سفر على المزيد من صنّاع القرار الإيرانيين".
وأوضح الوزير أنّ مشروع القانون الذي سيؤطّر نظام العقوبات الجديد سيحال على البرلمان لإقراره في الأشهر المقبلة.
وفي تصريحه أمام مجلس العموم، قال كليفرلي إنّ نظام العقوبات المرتقب هو بمثابة "صندوق أدوات أفضّل ألا أستخدمه، لكنّ القرار بشأن ما إذا كنت سأفعل ذلك أو لا هو بيد النظام الإيراني".
وأضاف "نحن لا نسعى إلى تصعيد. هدفنا منع وردع الأنشطة الإيرانية المعادية على الأراضي البريطانية وعلى أراضي شركائنا وحلفائنا".
وشدّد الوزير البريطاني على أنّ "إيران تبيع طائرات مسيّرة لروسيا. إنّهم (الإيرانيون) يهاجمون جيرانهم (...) ويهاجمون شعبهم حتى". وأعرب كليفرلي عن "بالغ الأمل" في أن يكون "مستقبل العلاقات بين بلدينا أفضل".
"انتهاكات جسيمة"
من ناحية ثانية، أعلن كليفرلي أنّ بريطانيا فرضت عقوبات على "13 فرداً وكياناً إضافياً مسؤولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ومن بين الذين أدرجت أسماؤهم على القائمة البريطانية السوداء خمسة مسؤولين في نظام السجون الإيراني حيث "يسود التعذيب وسوء المعاملة".
ومن بين الكيانات التي أدرجت على القائمة السوداء "المجلس الأعلى للثورة الثقافية"، المسؤول عن "فرض الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تضطهد الإيرانيين". كما شملت العقوبات "ستّة فاعلين رئيسيين مسؤولين عن قمع حرية التعبير على الإنترنت".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان، إنّ السلطات في المملكة المتّحدة أحصت، منذ بداية 2022، أكثر من 15 "تهديداً موثوقاً به" باغتيال أو اختطاف بريطانيين أو أشخاص مقيمين في المملكة المتحدة تعتبرهم طهران "أعداء للنظام".
ويحدّد النظام المرتقب معايير جديدة يمكن عبرها استهداف الأفراد والكيانات، ومن هذه المعايير خصوصاً "أنشطة النظام التي تقوّض السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والعالم"، و"استخدام ونشر أسلحة إيرانية وتكنولوجيات أسلحة" إيرانية"، بحسب بيان وزارة الخارجية.
وفي بيانها، اتّهمت وزارة الخارجية البريطانية أجهزة الاستخبارات الإيرانية بإقامة "علاقات وثيقة مع جماعات إجرامية في المملكة المتّحدة وأوروبا، لتطوير قدرات شبكتها".
إلى ذلك، أكدت الخارجية أنّ المملكة المتّحدة، بصفتها الرئيسة الدورية لمجلس الأمن الدولي خلال يوليو/ تموز، ستتولّى قيادة الجهود الرامية "للتصدّي للانتشار النووي والتصعيد النووي".
وأضاف البيان أنّ بريطانيا قدّمت لسائر أعضاء مجلس الأمن أدلّة تظهر أنّ إيران تواصل إرسال أسلحة إلى حلفائها الحوثيين في اليمن، وإلى روسيا التي تستخدم هذه الأسلحة في غزوها لأوكرانيا، في "انتهاك للقيود التي فرضها مجلس الأمن الدولي".
وأوضح البيان أنّ المملكة المتّحدة وشركاءها سيدينون في نيويورك، "بحضور المندوب الإيراني الدائم لدى الأمم المتحدة، هذا السلوك المؤذي".
طهران تحتجّ
وفي طهران، أفاد الإعلام الرسمي بأنّ وزارة الخارجية استدعت القائمة بالأعمال البريطانية لإبلاغها رسالة احتجاج على "الأفعال التخريبية والتدخلية".
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" إنّه "ردّاً على الأفعال والتصريحات التخريبية والتدخّلية المستمرة لبريطانيا، تمّ استدعاء القائمة بأعمال السفارة البريطانية في طهران إيزابيل مارش إلى وزارة الخارجية". وأضافت أنّ وزارة الخارجية الإيرانية تعتبر "تصريحات ومواقف السلطات البريطانية والعقوبات الأخيرة.. عملاً غير شرعي وتدخّلياً".
(فرانس برس)