لماذا قررت الحكومة الليبية رفع الحراسة عن أموال رموز نظام القذافي؟

14 سبتمبر 2021
حكومة الوحدة الوطنية: بعض القوانين "أضرت بعدد من المواطنين" (Getty)
+ الخط -

قررت حكومة الوحدة الوطنية الليبية رفع الحراسة عن أموال رموز نظام العقيد الراحل معمر القذافي، بعد أيام من إطلاق سراح نجله الساعدي، ومدير مكتبه الخاص أحمد رمضان الأصيبعي، موضحة أن ذلك خطوة في طريق استكمال الحكومة جهودها في ملف لمصالحة الوطنية، و"لرد الحقوق إلى أصحابها والعمل على رفع الظلم ودفع الضرر وتحقيق العدالة". 

ويتعلق قرار الحكومة بقانون 47، الذي صدر عن المجلس الوطني الانتقالي، (أول جسم سياسي يقود البلاد إثر سقوط نظام القذافي عام 2011)، في مايو/أيار عام 2012، وينص على وضع أموال 234 شخصية من رموز النظام السابق تحت الحراسة القضائية. 

واعتبرت الحكومة أن بعض القوانين "أضرت بعدد من المواطنين، وعلى رأسها القانون رقم (47) لسنة 2012 بشأن إدارة أموال وممتلكات بعض الأشخاص"، وأكدت أن القانون 47 "لم يبين آلية بحث وتقصي شرعية هذه الأموال، علاوة على أن قوائم الخاضعين للحراسة قد وُضعت دون بيان سبب واضح وإنما بشكل عمومي بسبب انتماءات مختلفة". 

وأضافت "من وُضعت أموالهم تحت الحراسة تعذر عليهم مراجعة الحارس العام، حتى وإن تسنت لهم الظروف، فكان ذلك بعد عشر سنوات، وهو ما يجعلها عرضة لسوء الإدارة والإهمال لأن من يديرها ليس على اطلاع جيد بإمكانية ذلك". 

ويرى الناشط السياسي الليبي خميس الرابطي أن الإفراج عن الساعدي والأصيبعي ورفع الحراسة عن أموال رموز النظام أمران مترابطان ضمن صفقة تضم الساعين للاستفادة من الانتخابات للتموضع في مفاصل السلطة المقبلة. 

ويعبر الرابطي، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن مخاوفه من استفادة رموز النظام من استعادة أموالهم لتقوية وجودهم السياسي والرجوع للساحة، معتبراً أن تغطية الصفقات السياسية بغطاء المصالحة الوطنية غير ممكن.

وأضاف "المصالحة تقتضي الصفح وجبر الضرر، فهل تنازل الليبيون عن حقوقهم لدى من حاول إجهاض ثورتهم بقوة السلاح، وكيف يتم إرجاع أموال هؤلاء دون التحقق من مصدرها؟"، متسائلاً "كيف كسب رموز النظام السابق تلك الأموال، وما حجمها؟". 

وحول مفهوم الحراسة، يوضح الخبير القانوني الليبي أحمد العاقل أن الحراسة القضائية إجراء تلجأ إليه السلطة للتحفظ على الأموال بمختلف صورها، سواء كانت عقارات أو أموال مودعة في البنوك أو غيرها، لكن الإفراج الذي صدر عن الحكومة غير شرعي.

 وأضاف "الحراسة صدرت بموجب قانون صادر عن المشرع ولا يلغيها إلا قرار، وحتى لو استند قرار الحكومة إلى قانون العفو العام الصادر عن مجلس النواب عام 2015، سيبقى قاصرا أمام القضاء". 

ويقلل العاقل، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، من أهمية القرار، موضحاً أن "رفع الحراسة لا يتم إلا بعد التحقيق أو بعد النظر في دعوى يقيمها متضرر من القانون، وهو مسار يحتاج لوقت كاف، وخصوصا أن القائمة تضم عدداً كبيراً من المحتفظ على أموالهم"، لكن اللافت في قانون الحراسة أن القائمة الملحقة به تضم أسماء شخصيات سياسية في المشهد الحالي، من بينهم رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة نفسه، ولذا يرى المحلل السياسي الليبي مروان ذويب أن هناك أسباباً عديدة وراء قرار الحكومة الليبية، من بينها أسباب شخصية، ومن بينها انتماءات وميول سياسية. 

ويقول ذويب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إلغاء القرار أثارته وزيرة العدل حليمة عبد الرحمن البوسيفي منذ يونيو/حزيران الماضي وطالبت بإلغائه"، مضيفاً "علاوة على أن الدبيبة من القادة البارزين في أجهزة الدولة في نظام القذافي، فإن وزيرة العدل من المعروف أنها من الشخصيات التي عملت في برنامج ليبيا الغد، الذي أطلقه سيف الإسلام القذافي في السنوات العشر الأخيرة من عهد حكم والده، وكانت البوسيفي مقربة جداً من سيف الإسلام". 

وفيما يؤكد ذويب على أهمية المصالحة الوطنية، إلا أنه يشارك الرابطي مخاوفه من استغلال رموز النظام السابق تلك الأموال في دعم عودتهم إلى الساحة السياسية، محذراً من استغلال أي ثغرة قانونية تساعد مساعي المتنفذين في مشهد الحكم الحالي لعقد صفقات سياسية. 

وقال "مشاركتهم في الحياة السياسية حق تكفله المصالحة الوطنية، ويمكن قبول بعض الشخصيات غير الجدلية، كما هو الحال مع الدبيبة والبوسيفي مثلاً، لكن لا يمكن قبول رجوع أبناء القذافي مثلاً أو أسماء أخرى تتضمنها قائمة الأموال المتحفظ عليها، تجاهر بعدائها لثورة فبراير". 

وفي السنوات الأخيرة، أطلق عدد من رموز نظام القذافي حراكات سياسية، أبرزها الحركة الوطنية الشعبية الليبية، التي يقودها مصطفى الزائدي، أبرز رموز حركة اللجان الثورية، وتولى عدداً من المناصب البارزة، وموسى إبراهيم، الناطق باسم نظام القذافي إبان ثورة فبراير/شباط.

المساهمون