لقاء السيسي وبينت: خلافات حول جدول الأعمال

06 سبتمبر 2021
لم تعلن مصر حتى الآن عن دعوة بينت رسمياً لزيارتها (مناحيم كاهانا/ فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن اتصالات تجرى حالياً بين دائرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينت، لتحديد الملفات التي سيتم تناولها خلال اللقاء الأول من نوعه الذي سيجمعهما في شرم الشيخ قريباً، في ظل خلافات حول مناقشة بعض القضايا الخاصة بالأوضاع في قطاع غزة، وكيفية الإعلان عن الزيارة وموعدها، مرجحة عقد اللقاء نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل.

وستكون هذه الزيارة الرسمية الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي إلى مصر منذ عام 2010، ولذلك يسعى النظام المصري لإخراجها بصورة بعيدة عن المبالغة في الاحتفاء، بما لا يسبب له إحراجاً شعبياً، وفي الوقت نفسه تحقق الهدف المرجو من اللقاء، وهو التقارب مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والبناء على التواصل الإيجابي السابق بين الطرفين عقب العدوان على القدس وغزة في مايو/ أيار الماضي. وأوضحت المصادر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن مصر ترغب في وضع ملفات عدة على طاولة التفاوض، تخص العلاقة المباشرة بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية وحركة حماس، مثل تبادل الأسرى وضمان تحسين الأوضاع في قطاع غزة وتخفيف قيود الحركة على المواطنين عبر المعابر، وإحياء التفاوض الإيجابي حول الحدود البحرية بين الجانبين، إلا أن بينت ومساعديه يحاولون الدفع في اتجاه آخر، وهو أن تقتصر المناقشات في هذه القضية الرئيسية على صفقة الأسرى المحتملة، من دون امتدادها لأي ملف آخر، خوفاً من التأثير السلبي المحتمل لذلك على شعبيته في أوساط اليمين الإسرائيلي.

اللقاء قد يعقد نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل

وأشارت المصادر إلى أن مصر تسعى لفرض رؤيتها الخاصة حول القضية الفلسطينية لتذهب أبعد من مجرد تحقيق تهدئة مؤقتة في غزة والضفة الغربية، وهو الأمر الذي تبدو سياسة بينت حتى الآن مقتصرة عليه، على الرغم من حديث واشنطن عن ضرورة إحراز تقدم أبعد من ذلك، لا سيما أنها ترى عدم معقولية في بعض المطالب الإسرائيلية، مثل اشتراط القيام ببعض الخطوات الإيجابية من قبل المقاومة الفلسطينية كشرط لبدء التفاهم حول التهدئة طويلة الأمد، فضلاً عن الخلاف بين بايدن وبينت حول إمكانية تحقيق حل الدولتين بصورة عاجلة، وبشكل يمكّن الدولة الفلسطينية من الحياة من دون عراقيل.
وفي هذا السياق، يرى صانع القرار في مصر أن الوقت ملائم أكثر من السنوات السابقة لتحقيق مكاسب للفلسطينيين من جهة، وإحياء مركز مصر المميز في القضية من جهة أخرى، كوسيط ذي مصداقية وضامن لتنفيذ تعهدات الطرفين. ولذلك، تكتسب زيارة بينت أهمية قصوى لا يجوز إهدارها من دون تناول محاور عدة في القضية الفلسطينية.

وعن مقترحات عقد قمة رباعية في شرم الشيخ مع فلسطين والأردن ودولة الاحتلال، قالت المصادر إن هذه الأفكار بحد ذاتها ليست جديدة، فقد دُرست من قبل إبان ترويج الإدارة الأميركية السابقة لخطة تصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن"، وكانت القاهرة متحمسة لها آنذاك، لكن في الوقت الحالي لم تُطرح لأسباب عدة، أبرزها عدم إمكانية إحراز تقدم يمكن الحديث عنه بشكل جماعي في مثل هذه القمة. فضلاً عن عدم رغبة الطرفين الرئيسيين؛ بينت والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في إعطاء مزية للآخر، في حين يواجه كل منهما مشاكل داخلية كبيرة. غير أنّ المصادر لم تستبعد طرح هذا المقترح مرة أخرى على الأطراف الأربعة حال أثمر اجتماع السيسي وبينت عن تفاهمات يمكن البناء عليها على الأمد الطويل، شريطة أن تحظى بترحيب فصائل المقاومة الفلسطينية أيضاً.

مصر تسعى لفرض رؤيتها الخاصة حول القضية الفلسطينية

في المقابل، أوضحت المصادر أن مساعدي بينت الذين يقودون الاتصالات - ومن بينهم الفريق الاستخباراتي الذي زار مصر سراً الأسبوع الماضي وكشفت عن ذلك صحيفة "يديعوت أحرونوت" - يحاولون الدفع باللقاء إلى جدول أعمال ثنائي بصورة شبه تامة، بحيث تقتصر النقاشات على التنسيق الأمني في سيناء، والفعاليات المشتركة على المستوى الاقتصادي، والعلاقات مع الدول العربية الأخرى، وعلى رأسها السودان، وقضية سد النهضة التي تدفع الولايات المتحدة دولة الاحتلال لبذل جهود وساطة بشأنها، والتطور المرتقب من الجانبين في ملف الطاقة، ومستقبل منتدى غاز شرق المتوسط والتعاون مع قبرص واليونان.
وفي الملف الأخير تحديداً، توجد العديد من المستجدات على رأسها دخول الإمارات كشريك بأكثر من خُمس أسهم حقل تامار الإسرائيلي للغاز. وكذلك الاتفاق الأخير، في إطار المنتدى والعلاقات الثنائية، على الربط بين حقل أفروديت القبرصي ووحدتي الإسالة المصريتين في إدكو ودمياط، نظراً لاحتمالية انعكاس هذا الاتفاق على طبيعة ملكية شبكة الأنابيب المقامة بين مصر ودولة الاحتلال، والمملوكة حالياً لشركة جديدة أسست خصيصاً لامتلاك شبكة الأنابيب، بين شركتي "نوبل إنيرجي" الأميركية و"ديليك" الإسرائيلية وشركة "غاز الشرق" المملوكة حالياً للدولة المصرية، ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول، والمقترح توسيعها حالياً لتشمل قبرص، وربما دولاً أخرى، بهدف الاستفادة من وحدتي الإسالة في مصر، واللتين ستستفيد منهما دولة الاحتلال أيضاً.

مساعدو بينت يحاولون الدفع باللقاء إلى جدول أعمال ثنائي

وسبق أن قالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" إن أجندة اللقاء بين السيسي وبينت ستتناول أيضاً بحث الخطوات التنفيذية لمطلب إسرائيل بتشديد الرقابة على الحدود المشتركة مع قطاع غزة، لمنع، بحسب مزاعم إسرائيلية، تسريب الأسلحة والمواد الخام المستخدمة في تطوير منظومة "حماس" الصاروخية. وأشارت المصادر إلى أن هذا الملف كان قد تم فتحه في أكثر من مناسبة مع القاهرة، وكان المسؤولون المصريون يؤكدون على بذلهم أقصى الجهود لمنع تسريب الأسلحة للقطاع، إلا أن تل أبيب ما زالت ترى أن هناك تراخياً متعمداً في بعض الأحيان، في إطار مواءمات بين القاهرة وحركة "حماس".
يذكر أن مصر لم تعلن حتى الآن عن دعوة بينت رسمياً لزيارتها، على الرغم من أن مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، كان قد سلّم رئيس حكومة الاحتلال دعوة في هذا الشأن خلال زيارة أجراها في 18 أغسطس/ آب الماضي إلى الأراضي المحتلة، بعد فترة شهدت العديد من اللقاءات بين مسؤولين مصريين وإسرائيليين، فضلاً عن زيارة وزير خارجية الاحتلال السابق، غابي أشكنازي، إلى القاهرة نهاية مايو/ أيار الماضي، للمرة الأولى على هذا المستوى منذ 13 عاماً، إذ كانت تسيبي ليفني آخر وزيرة خارجية إسرائيلية تزور مصر في عام 2008.

المساهمون