لعبة الانتخابات في ليبيا

29 سبتمبر 2022
تصريحات المنفي لم تأت في سياق محلي (تيموثي كلاري/فرانس برس)
+ الخط -

ما إن جدد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، استعداد المجلس لإنجاز قاعدة دستورية للانتخابات في حال عجز مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة عن إقرارها، حتى عاد المجلس الأعلى للدولة للحديث عن القاعدة الدستورية، من دون التعليق على تصريحات المنفي. أما مجلس النواب، فقد ألمح رئيسه، عقيلة صالح، إلى إمكانية العودة لمناقشة بنود القاعدة الدستورية، وشدد على عدم امتلاك المجلس الرئاسي أي صلاحيات للتدخل في الشأن الدستوري.

ليست تصريحات المنفي جديدة بشأن إمكانية استخدام المجلس الرئاسي سلطته للتدخل لـ"إنجاز قاعدة دستورية وإعلان جدول زمني للعملية الانتخابية، إذا ما استمر عدم التوافق بين المجلسين". لكن الجديد فيها هذه المرة أنها لم تأت في سياق محلي، بل جاءت أثناء لقائه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، على هامش أعمال الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، وكررها في كلمته أمام أعضاء الجمعية، ما جعلها تصريحات تأخذ أبعاداً دولية، خصوصاً مع قرب تسلّم المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، مهامه الأسبوع المقبل. وأكد المنفي لغوتيريس استعداده الكامل للتعاون مع باتيلي لـ"تحريك العملية السياسية، خصوصاً إنجاز القاعدة الدستورية" للانتخابات.

ولا تبدو عودة المجلس الأعلى للدولة المفاجئة لمناقشة القاعدة الدستورية، بطرحها للنقاش والتصويت خلال جلسة رسمية عقدها الإثنين الماضي، منفصلة عن تصريحات المنفي الجديدة. فالدعوة التي وجهتها رئاسة المجلس، مطلع الأسبوع الماضي، لأعضاء المجلس للجلسة لم تتضمن بنوداً على علاقة بالقاعدة الدستورية ومناقشتها، فضلاً عن التصويت عليها.

ويبدو هدف المجلس الأعلى للدولة من إعادة ملف القاعدة الدستورية للواجهة مجدداً، هو إظهار امتلاكه قرار الحسم فيه، بل وقدرته عليه، على الرغم من أن جلسته لم يناقش فيها الأعضاء ويصوتوا إلا على بنود القاعدة الدستورية المتفق فيها مع مجلس النواب، فيما تم إرجاء البنود الخلافية، خاصةً المتعلقة بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية.

وفي خطوة استباقية من جانب مجلس النواب للحد من أي حراك للمجلس الرئاسي لانتزاع ملف الانتخابات وإطارها الدستوري، كشف عقيلة صالح، خلال جلسة لمجلسه الأسبوع قبل الماضي، عن اتفاقه مع رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، على "استبعاد" كافة شروط الترشح للانتخابات الرئاسية من القاعدة الدستورية، والتي مثلت نقطة الخلاف بينهما في السابق، من أجل إنجاز القاعدة.

لم يعد خافياً أن المجلسين شرعا في السعي للتقارب وإيهام الرأي العام باستعدادهما لتجاوز خلافاتهما. وسبق أن ناور المجلسان بذات الخطوة في مناسبات سابقة، خلال مسارات الحوار بينهما حول الإطار الدستوري، ولكن ما إن كانا يمتلكان زمام الملف حتى يثور الخلاف بينهما مجدداً وتتسع الهوة، ويبدو أنهما يستعدان حالياً لذات الخطوات؛ تقارباً وتباعداً، ومن دون شك أن الهدف هو البقاء أطول مدة ممكنة في السلطة.

وتطرح اليوم الأسئلة ذاتها، التي أثيرت في السابق، مع تسلم كل مبعوث أممي جديد لمهامه، وهي حول قدرته على لجم المجلسين ودفعهما لإنجاز الإطار الدستوري للانتخابات. لكن السؤال الإضافي في هذه المرحلة هو حول قدرة المجلس الرئاسي على تنفيذ وعوده وتدخله للدفع نحو تحديد إطار زمني للانتخابات وقاعدة دستورية متوافق عليها.

المساهمون