لجنة مصالحة تعز تبحث عن دور وسط زحمة الصراعات

09 اغسطس 2023
بائع يجلس بأحد أسواق تعز، أكتوبر 2022 (أحمد الباشا/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد محافظة تعز، جنوب غربي اليمن، في الآونة الأخيرة، نشاطاً سياسياً للجنة المصالحة والسلم الاجتماعي التي عقدت عدداً من اللقاءات مع المسؤولين، وأصدرت عدداً من البيانات السياسية حدّدت فيها موقفها من جملة قضايا.

لقاءات مكثفة للجنة المصالحة في تعز

فقد التقت اللجنة أخيراً فريقاً من القسم السياسي لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، كما التقت مدير مكتب الأوقاف والإرشاد في المحافظة، أبو بكر عبد الرزاق هاشم، وفريق الشباب لدعم الوساطة، وفريق مشاورات شباب تعز، ولجنة الإسناد السياسية، بالإضافة إلى لقائها بين الحين والآخر مع قيادة السلطة المحلية في المحافظة التي تعد الأكثر تضرراً في الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات.

عبد السلام رزاز: اللجنة لا تمثل أي شكل من أشكال التحالفات السياسية

نشاط اللجنة في المحافظة التي تتقاسم السيطرة عليها الحكومة الشرعية والحوثيون، أثار العديد من التساؤلات عن كيفية تشكيلها، والمشروعية التي تملكها، وكذا التساؤل عما إذا كانت امتداداً للتحالفات السياسية بين أحزاب تعز المؤيدة للشرعية وفي مقدمتها المؤتمر، والإصلاح (الإخوان المسلمون)، والاشتراكي والناصري، خصوصاً أن اللجنة تتكون من قيادات حزبية تمثل كافة الأطراف السياسية الفاعلة في تعز.

ويشرح رئيس لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي في تعز، عبد السلام رزاز، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه تمّ تشكيل اللجنة من فاعلين سياسيين بصفاتهم الشخصية، وبمبادرة منهم لقناعتهم بوجود قضايا تؤثر سلباً على الاستقرار والسلم العام في المحافظة، وهي قضايا تحتاج لحلول بالتعاون مع الأحزاب والسلطة المحلية.

ولفت رزاز إلى أنه تمّ الإعلان عن اللجنة في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وجاءت امتداداً لتواصلات بدأت في مارس/آذار 2021، وتشكلت من رزاز وأحمد عثمان حسن وباسم أحمد عبد الله الحاج وعادل العقيبي وألفت الدبعي وأحمد الشرعبي وعبد الباري البركاني، وحظيت بقبول الأحزاب والسلطة المحلية. وشدّد على أن هذه اللجنة "مؤقتة وسوف تنتهي بانتهاء دورها".

وأشار رزاز إلى أنه تمّ إعداد ورقة تعريفية باللجنة وفيها حددت مهامها بعدد من القضايا ومنها: قضية الصراع الذي دار في الحجرية في العامين 2019 و2020، وكذا قضية المخفيين قسراً، واستعادة المباني الخاصة والعامة، وقضية الإيرادات غير القانونية، وقضية الخطاب الإعلامي والديني المثير للصراعات.

وبحسب رزاز، فإن "صلاحيات لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي محددة بالقيام بتحديد القضايا المؤثرة على السلم الاجتماعي، والتواصل مع أطرافها، ودراستها، وإعداد مقترحات بالحلول وتقديمها للسلطة المحلية للاطلاع عليها، حيث يتم تنفيذ الحلول المقترحة بعد التشاور".
وأكد رزاز أن لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي في تعز "لا تمثل أي شكل من أشكال التحالفات السياسية". وأضاف: "صحيح أنها مكونة من قياديين حزبيين، ولكن بصفتهم الشخصية، أي أنها لا تخضع لأي توجيهات حزبية، ومثلما أنها تقدم نتائج عملها للسلطة المحلية فهي تضع الأحزاب أيضاً في صورة هذه النتائج".

وأشار رزاز إلى أن مضمون مهام لجنة المصالحة في تعز "هو نفس مضمون المهام الخاصة بهيئة التشاور والمصالحة الوطنية التي تشكلت بالتزامن مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهناك تنسيق وتواصل بين اللجنتين، بل إن هيئة التشاور والمصالحة الوطنية تعتبر لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي امتداداً لها في محافظة تعز".

أحمد شوقي أحمد: المطلوب من اللجنة أن تطرح وفاقاً سياسياً في تعز

تنسيق مع هيئة التشاور

الدكتورة ألفت الدبعي، التي تجمع بين عضوية هيئة التشاور والتصالح، ولجنة المصالحة والسلم الاجتماعي في تعز، شدّدت في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي "ليست امتداداً لهيئة التشاور بالمعنى الرسمي، ولكنها في مهامها وأهدافها التي تعمل عليها في تعز لا تختلف عنها، لأنها تعمل على التقريب بين المكونات السياسية في تعز عن طريق إيجاد حلول للقضايا والنزاعات على خلفية الصراع السياسي، وتعمل على معالجتها وفق آلية العدالة التصالحية، وبما يسهم في دعم الإصلاحات داخل مؤسسات الدولة في محافظة تعز، ويحقق السلم الاجتماعي داخل المحافظة".

ووفقاً للدبعي، "فإنه انطلاقاً من مهامها، فقد كان للجنة لقاء سابق برئاسة هيئة التشاور والتصالح في عدن، وعرضت اللجنة على رئاسة الهيئة الأعمال التي تقوم بها، وإمكانية التنسيق المشترك". ولفتت إلى أن "رئاسة هيئة التشاور رحّبت بهذا التنسيق وطرحت أمام لجنة المصالحة أنها ستعتبرها امتداداً للهيئة، وأن رئاسة هيئة التشاور على استعداد لتقديم كل التسهيلات لإنجاح عمل لجنة المصالحة".

ومع تزايد نشاط لجنة المصالحة والسلم الاجتماعي في تعز واقترابها من عدد من القضايا الرئيسية التي تعاني منها تعز، ينقسم الشارع العام بين التفاؤل والتشاؤم من قدرة اللجنة على معالجة القضايا التي ظلّت محل خلافات بين القوى السياسية في المحافظة.

المحلل السياسي أحمد شوقي أحمد، قال لـ"العربي الجديد"، إن لجنة المصالحة في تعز كان يجب أن تشكل منذ وقت مبكر لإيقاف المنازعات، والوقوف على القضايا المهمة التي تعاني منها محافظة تعز، لكن ربما أن فترة الرئيس (اليمني السابق عبد ربه منصور) هادي لم تكن تستوعب مثل هذا العمل، وأمام اللجنة الآن فرصة لتستدرك ما فاتها للقيام بأعمال كان يجب أن تقوم بها".

وحول فرص نجاح اللجنة، قال شوقي إن توقعاته "متأرجحة بين النجاح والفشل"، والسبب أن اللجنة "أمامها الكثير من المهام والقضايا والمشاكل التي ينبغي أن تقوم بحلّها، وهناك عمل تم خلال الفترة الماضية بقضية الحملة الأمنية في الحجرية، وفي قضايا وملفات أخرى مهمة مثل ملف المخفيين قسرا، وتسليم المنازل والمنشآت العامة". وشدّد على أهمية استكمال هذه الملفات "بصورة عاجلة"، وأن يتم تسليم هذه المرافق لأصحابها، وكذا حلحلة قضايا المخفيين قسرا، وإنهاء ملف الحجرية. ورأى "وجوب أن تترك اللجنة تأثيراً فاعلاً على القيادة السياسية من أجل اتخاذ القرارات اللازمة بهدف إحداث التغيير المنشود في المحافظة".

وحول الجديد الذي تقدمه اللجنة، أوضح شوقي أنها بدأت تراجع السياسات والممارسات الخاطئة خلال السنوات الماضية. ولفت إلى أن الأحزاب السياسية المنضوية في اللجنة "كانت لها خصومة سياسية في سنوات الحرب، فالمطلوب من اللجنة أن تطرح وفاقاً سياسياً في تعز، وأن تكون لها رؤية حول الأهداف الموحدة التي ينبغي أن تتوافق حولها الأحزاب السياسية وتتخذها مشروعا لها".

واعتبر شوقي أنه "لا مانع من وجود الخصومات والخلافات السياسية، فهذا طبيعي جدا، ولكن ينبغي أن تكون الصراعات في إطارها الموضوعي، وفي إطار رؤى كل حزب حول ما يراه حلاً أفضل لهذه القضية". وحذّر من أن يكون الخلاف "على أساس وجود قضية أو عدم وجودها، بمعنى أن حالة الإنكار لوجود المشاكل والخلافات ووجود انتهاكات ووجود قصور في المؤسسات زاد الخلافات".

كما لفت إلى مسألة الدفاع عن الأشخاص الذين قد يشتبه في تورطهم، مذكراً بأهمية التحقيقات والأعمال الإدارية والمؤسساتية التي بإمكانها أن تكشف عن هوية المتورطين. ودعا الأحزاب إلى التوقف عن التعصب، واللجنة لكي تكون جادة وتتسم بالمصداقية والأمانة والموضوعية والحس الوطني الكافي لممارسة دورها بفاعلية حقيقية". ورأى أن "المشاكل الحاصلة تمسّ الواقع العام، وبالتالي ليس من مصلحة أي حزب أن يغطي على هذه المشاكل، أو أن تتم إعاقة الحلول الممكنة لها".

المساهمون