لجان ليبية جديدة .. دفع باتجاه الحل أم مزيد من التعقيد؟

19 ديسمبر 2020
تكافح البعثة الأممية من أجل عدم انهيار مسار الحوار الليبي (العربي الجديد)
+ الخط -

لا يزال المشهد الليبي يراكم بمستجداته المتلاحقة الكثير من العراقيل التي أفرزتها جملة من المتغيرات، وسط اختبارات للقوة في مناطق التماس وسط البلاد، تلقى بظلالها على مسارات الحل الليبي التي تقودها الأمم المتحدة. 

ورغم مرور أربعة أيام على إعلان البعثة الأممية تشكيل لجنتين استشارية وقانونية، تقدم اللجنة الأولى "المساعدة لتقريب وجهات النظر"، بين أعضاء الملتقى المختلفين حول تحديد آلية لاختيار السلطة التنفيذية الجديدة، بينما يُوكل للجنة للثانية "مهمة الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات الوطنية"، وفق مؤتمر صحفي لرئيسة البعثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز الثلاثاء الماضي، إلا أنها لم تعلن حتى الآن عن أي توضيح بشأن اللجنة الاستشارية، مكتفية ببيان حول اللجنة القانونية. 

ففي بيان للبعثة، الخميس الماضي، أوضحت أن اللجنة القانونية ستتشكل من أعضاء من الملتقى لوضع الترتيبات اللازمة لإجراء الانتخابات القادمة، وستجتمع اللجنة في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري"، وأعلنت أن المرحلة التمهيدية ستبدأ منذ أول يوم لاجتماع اللجنة القانونية في 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري. 

وحول آخر المستجدات بشأن اللجان الجديدة، كشف عضو ملتقى الحوار السياسي محمد الرعيض النقاب عن ترشح 20 عضواً من أعضاء الملتقى لعضوية اللجنة القانونية، لكنه قال إن البعثة اختارت 17 عضواً منهم. وأوضح الرعيض، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن مهمة اللجنة ستتجه لبناء قاعدة قانونية ودستورية بعد أن تتواصل مع لجان نظيرة لها في مجلسي النواب والدولة، وستجرى الانتخابات العام المقبل وفق هذه القاعدة. 

ومقابل تجاوب أعضاء الملتقى مع البعثة حول تشكيل اللجنة القانونية، لا تزال اللجنة الاستشارية التي تعتزم البعثة تشكيلها من أعضاء البعثة وآخرين من خارجهم للنظر في "كيفية تجسير الهوة بين الأعضاء بشأن شكل التصويت على المقترحات الخاصة بالآليات ترشح واختيار شاغلي المناصب في المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة محل جدل"، بحسب مصادر ليبية متطابقة مقربة من أعضاء الملتقى. 

وتكافح البعثة من أجل عدم انهيار مسار الحوار بعد اختلاف كبير بين أعضائه حول مسألة التصويت، الذي اقترحت البعثة الأممية خفض نسبتها بسبب انسحابات بين أعضاء الملتقى. ورغم عدم إعلان البعثة عن وجود انسحابات، إلا أن إعلانها، الثلاثاء الماضي، عن تصويت 36 عضواً لصالح تخفيض نسبة التصويت من 75% إلى 61 %، و14 عضوا صوتوا على نسبة 66 %. 

 وشارك 50 فقط من الأعضاء وغاب 25 آخرون، وهو ما أكدته مصادر لـ"العربي الجديد"، لكنها أوضحت أن أيا من الأعضاء لم يعلن عن انسحابه "بل علقوا أعمالهم في جلسات الملتقى احتجاجاً على طريقة إدارة البعثة للملتقى"، وسط شعور بعضهم بأن البعثة توجههم في اتجاه القبول بأحد المقترحات التي تضمن وصول شخصيات سياسية معينة لسدة الحكم تلبية لمصالح أطراف دولية. 

ورغم التوافق بين أعضاء الملتقى حول تشكيل اللجنة القانونية، إلا أن الكثير من  أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور مازالوا يرفضون البعثة والملتقى في المسار الدستوري. ويقول عادل الحواسي، عضو الهيئة، إن اللجنة شكلتها البعثة من أعضاء لا دراية لهم بالمسار الدستوري وما أنجزته الهيئة التأسيسية التي قدمت مسودة للدستور الدائم للبلاد متفقا عليها ولا تحتاج إلا لطرحها للتصويت من قبل الشعب. 

واعتبر الحواسي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن البعثة تمارس نوعاً من العبث، فبيانها أشار إلى توافق مجلسي النواب والدولة مع اللجنة في غضون ستين يوماً، لكنه أشار إلى أن لجوء البعثة للتعديل على عمل اللجنة من خلال توافقها فقط مع لجنتين قانونيتين بالمجلسين هو محاولة لتجاوز عرقلة عدم توحد مجلس النواب والخلافات داخله بشأن رئاسته. 

وتابع أن "المعلن من جانب البعثة أن الملتقى حوار في المسار السياسي. وقد نتفهم وجود لجنة استشارية للدفع بجهودها، ولكن ما علاقة الملتقى بالمسائل الدستورية"، مرجحاً أن البعثة هي الأخرى "تمارس نوعاً من العراقيل في المسارات الليبية". وأضاف "البعثة تعرف أن اللجنة القانونية لن تصل إلى شيء، فاللجنة القانونية في مجلس النواب منحازة لطرف، وفي ظل الخلافات القائمة بين النواب لن يعترف أي منهم بشرعيتها". 

ورغم أن الصحافي الليبي سالم الورفلي يعتبر أن انتقادات المسؤولين "شيء اعتدنا عليه طيلة مراحل الحوارات الليبية"، إلا أنه ينتقد من جانبه إعلان البعثة البدء في الدخول للمرحلة التمهيدية من دون توضيح شكلها، محذراً من دخول البلاد في دوامة قد تعيدها إلى مشهد الحرب. 

ويوضح الورفلي رأيه، في حديثه لــ"العربي الجديد"، بالقول إن "الخطر تحديداً في فتح المشهد إلى فترة تمهيدية تبدأ بأول اجتماع للجنة القانونية من دون توصل الملتقى لأي شكل من أشكال التوافق على إنتاج السلطة الجديدة، ما يعني تداخل المراحل في بعضها"، متسائلاً "كيف تبدأ المرحلة الجديدة ولا سلطة في المشهد، والموجود هم قادة أطراف صراع". 

ويشير الورفلي إلى ثغرات كبيرة تعتري عمل اللجنة القانونية، منها "عدم تحديد جدول واضح لها، خصوصاً الفترة الزمنية لإنجاز عملها"، وبتوضيح أكثر يقول "عمل اللجنة القانونية مرتبط بالانتخابات يعني ما بعد الفترة التمهيدية، فماذا عن الشكل السياسي للمرحلة التمهيدية التي تأتي قبل الانتخابات". 

ويلفت الورفلي إلى أن الإعلان بـ"مثابة خلط للأوراق، سيُصّعب بشكل كبير من مهام المبعوث الأممي الجديد"، بل يرجح الصحافي الليبي دخول البلاد "في مرحلة الغموض السياسي إلى ارتفاع حدة التوتر العسكري".  

والثلاثاء الماضي، وافق أعضاء مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مقترح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تعيين البلغاري نيكولاي ملادينوف، مبعوثاً أممياً جديداً لليبيا، خلفاً للبناني غسان سلامة المستقيل منذ مارس/آذار الماضي.