- تفاصيل القرار 1701: صدر في 11 أغسطس 2006، ويتضمن نشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني وزيادة قوات "يونيفيل" إلى 15 ألف جندي، مع التركيز على نزع سلاح المليشيات اللبنانية.
- التحديات والتطبيق: يواجه التنفيذ تحديات كبيرة، منها خروقات إسرائيل الجوية وربط الموضوع بوقف العدوان على غزة، مع تأكيد حزب الله على شرعية سلاح المقاومة وفق البيانات الوزارية اللبنانية.
هناك دعوات لإعادة تطبيق القرار 1701 وإحيائه من جديد
يدعو القرار 1559 إلى "حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها"
نوقشت في إحدى الفترات تشكيل "لواء المقاومة" إلى جانب الجيش
عاد الحديث بقوة في الأيام الأخيرة عن القرار الدولي 1701، الذي وضع حداً للعدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006، وتطبيقه مجدداً، وذلك عبر تصريحات متجددة بشأنه، في الداخل اللبناني، من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. آخر التصريحات اللبنانية، كانت التي أدلى بها ميقاتي، اليوم الاثنين، بالاتفاق مع بري، بقوله: "نحن مستعدون لتطبيق القرار 1701 الصادر في 2006، وفور وقف إطلاق النار نحن مستعدون لإرسال الجيش إلى منطقة جنوب الليطاني، ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب". في المقابل، وجّه وزير الخارجية الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، اليوم، رسالة إلى 25 وزير خارجية في العالم، اعتبر فيها أن "الطريقة الوحيدة المقبولة من إسرائيل لوقف إطلاق النار هي إبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني ونزع سلاحه". وادّعى كاتس أن "التنفيذ الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان هو وحده ما سيؤدي إلى وقف إطلاق النار. وطالما لم يحدث ذلك، ستواصل إسرائيل عملياتها لضمان أمن مواطني إسرائيل وعودة سكان الشمال إلى منازلهم". وهي المرة الأولى منذ بدء المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي طلبت فيها إسرائيل نزع سلاح الحزب.
مسار القرار 1701
وكان القرار 1701 قد صدر عن مجلس الأمن في 11 أغسطس/آب 2006، لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي بدأ في 12 يوليو/تموز من العام نفسه. وتضمّن القرار 19 بنداً، أبرزها نشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، ورفع عديد عناصر قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) إلى 15 ألفاً بحد أقصى. وكانت القوة قد انتشرت على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في مارس/آذار 1978. كما نصّ القرار في بنده الـ11 على زيادة مهامها، عبر "مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أرجاء الجنوب، بما في ذلك على طول الخط الأزرق (الخط الحدودي الذي رسمته الأمم المتحدة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000)، وأثناء سحب إسرائيل لقواتها المسلحة من لبنان". مع العلم أن قرار تمديد ولاية "يونيفيل" يتم تجديده في أواخر شهر أغسطس من كل عام في مجلس الأمن، وفي السنوات الأخيرة كان الجدال يحتدم قبل كل موعد تجديد، خصوصاً بفعل المقترحات التي كانت تناقش توسيع مهمات "يونيفيل"، ومنها قيامها بدوريات بمفردها، من دون مرافقة من الجيش اللبناني، غير أن كل المقترحات سقطت، وظل النص المعتمد منذ عام 2006 هو السائد.
غير أن البند الأكثر جدلية في القرار 1701 الذي صدر عقب عدوان يوليو 2006، كان البند الثالث الذي "يؤكد أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية وفق أحكام القرارين 1559 (2004) و1680 (2006) والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، وممارسة كامل سيادتها، حتى لا تكون هناك أي أسلحة بدون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان". ويدعو القرار 1559، الصادر عام 2004، في بنده الثالث إلى "حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها"، ويؤيد في البند الرابع من القرار "بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية". وفي السياق، يُعتبر حزب الله مليشيا تُسيطر على مناطق لبنانية غير خاضعة لسيطرة الشرعية اللبنانية، بحسب مفهوم مجلس الأمن. أما القرار 1680، الصادر في عام 2006، فينصّ على تطبيق القرار 1559، وعلى "تشجيع" الحكومة السورية على التعاون مع نظيرتها اللبنانية في مسألة ترسيم الحدود بين البلدين، خصوصاً في المناطق "التي تعتبر فيها الحدود غير مؤكدة أو محل نزاع"، في إشارة غير مباشرة لمزارع شبعا من دون ذكرها بالاسم.
وبالتالي، فإن البند الثالث من القرار 1701 يُعتبر عملياً موجهاً إلى حزب الله وسورية بشكل محدد. إلى الحزب، من أجل سحب سلاحه وتسليمه للدولة اللبنانية، بما يتعدى عملياً التراجع إلى شمال نهر الليطاني. وهو بالأساس ما عبّر عنه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أمس الاثنين. كما أن البند نفسه يدعو سورية إلى إنهاء مسار العلاقة الملتبسة مع لبنان، وحسم مسألة اعترافها باستقلاله وسيادته، انطلاقاً من بوابة ترسيم الحدود بينهما، واعتراف دمشق بلبنانية مزارع شبعا، التي يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على أجزاء واسعة منها. وإذا كانت سورية قد اختارت الصمت عملياً في مسألة مزارع شبعا، غير أن الحزب سعى للنأي بنفسه عن كونه طرفاً مليشياوياً وفق القرار 1701، تحديداً مع تشكيل حكومة فؤاد السنيورة في أغسطس 2008، وإدراجها في بيانها الوزاري ثلاثة بنود، وهي: أولاً، حق لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر المحتلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي اعتداء والتمسك بحقه في مياهه، بكل الوسائل المشروعة والمتاحة. وثانياً: التزام الحكومة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بمندرجاته كلها. وثالثاً: العمل على وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية لبنان والدفاع عنه، يُتفق عليها في الحوار الذي سيدعو إليه فخامة رئيس الجمهورية بمشاركة الجامعة العربية، وذلك بعد نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي.
الشعب والجيش والمقاومة
وكان الغرض من إدراج ثلاثية "الشعب، الجيش، المقاومة" في البيانات الوزارية لكل الحكومات اللبنانية، بدءاً من عام 2008، هو اعتبار حزب الله مقاومة، ولا تنطبق عليه مقررات القرار 1701. حتى أنه في بعض الأحيان كانت تتمّ الإشارة إلى احتمال بحث الاستراتيجية الدفاعية، تحديداً لجهة دمج الحزب بالجيش، أو أقله إضفاء الشرعية الدستورية عليه. كما نوقش في إحدى الفترات تشكيل "لواء المقاومة" إلى جانب الجيش. لكن ذلك كله لم يصل إلى نهاية إيجابية، وذلك في موازاة تزايد الصدامات بين مناصرين لحزب الله والقوات الأممية في أنحاء متفرقة من الجنوب اللبناني، وكان مقتل الجندي الأيرلندي العامل في "يونيفيل"، شون روني، في 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، ومحاولة قتل ثلاثة من رفاقه، خلال اعتراض دوريّتهم في منطقة العاقبية، جنوبي لبنان، الحدث الأكثر دموية في صدامات بيئة الحزب و"يونيفيل".
وحول هذه التطورات، قال رئيس الوفد اللبناني السابق في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني، بسام ياسين لـ"العربي الجديد"، إن "القرار 1701 يرتكز على وضع القوات الدولية والجيش اللبناني على الحدود، وأن تكون منطقة جنوب الليطاني خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية الشرعية وقوات يونيفيل، كما يدعو إلى منع اعتداء أي طرف على الآخر". وأشار ياسين إلى أنه "منذ اليوم الأول على تبني القرار من مجلس الأمن وصدوره، خرقهُ الإسرائيليون، بإجراء الطلعات الجوية فوق الأجواء اللبنانية، بصورة مستمرة، رغم كل عمليات الاستنكار والإدانة وتنديدات الأمم المتحدة"، مشدّداً على أن المشكلة الأكبر التي طاولت القرار، هي أن كل الإجراءات كانت من جهة واحدة وتحديداً اللبنانية، إذ يمنع وجود مسلحين للمقاومة في منطقة جنوب الليطاني، بينما الوضع يكون طبيعياً بالنسبة للجهة الإسرائيلية، وهذه كانت المآخذ عليه.
وأضاف ياسين: "اليوم هناك دعوات لإعادة تطبيق القرار 1701 وإحيائه من جديد، بإرسال 15 ألف جندي للجيش على الحدود وهذا بالأصل كان مطلوباً، إلى جانب 15 ألف عنصر من قوات الأمم المتحدة، علماً أن الأهم كان يرتكز على أن تكون القوات الدولية قادرة على تسليم الجيش المسؤولية عندما ينتهي دورها، أي أن تساعده على تسلّم المنطقة وتسليحه وتجهيزه، واليوم المطالب جيدة، باعتبار أن من شأن القرار إيقاف العمليات العسكرية في الجنوب، وإعادة الناس إلى وضعها الطبيعي، وإبعاد المقاومة عن منطقة جنوب الليطاني". وتساءل: "هل هناك ضمانة بألا يتجاوز الإسرائيلي القرار 1701، ويخرق الأجواء أو ينفذ الاعتداءات البرية، خصوصاً أنه سبق وتوغل أكثر من مرّة لمسافات قصيرة وكان يصطدم مع الجيش أو قوات الطوارئ الدولية ثم يتراجع".
واعتبر ياسين أن ما كان ينقص القرار 1701 هو وجود جهة ضامنة وفي الوقت نفسه رادعة، إذ إن الأمم المتحدة كانت متفرجة أكثر منها ضامنة، وبالتالي فإن أي اتفاق سيحصل يجب أن يكون هناك جهة ضامنة ورادعة، علماً أن المشكلة أيضاً تكمن في ربط الموضوع بوقف العدوان على غزة، وهو عقبة أساسية أمام أي حل، في ظلّ إصرار حزب الله على ربط الجبهتين. وأشار إلى أن كل الموفدين الأميركيين والفرنسيين والدوليين باتوا يعلمون بأن أي تسوية شاملة لا تتضمن غزة من المستحيل أن تُنهي الحرب في لبنان، لأن حزب الله لن يتراجع إلى شمال الليطاني بهذه الطريقة، وهنا يبقى كم يمكن اللعب على الكلام لخلق تسوية تراعي الموضوع وفي الوقت نفسه تمنع استمرار الحرب على لبنان.
الـ1559 لا يطاول حزب الله
من ناحية ثانية، شدد ياسين على أن القرار 1559 لا ينطبق عليه سلاح المقاومة في الجنوب، موضحاً أن "القرار يدعو إلى نزع السلاح غير الشرعي والتابع للمليشيات، لكن بمجرد أن البيانات الوزارية المتتالية تعتبر أن سلاح المقاومة هو سلاح شرعي، وهذا مكرّس في المعادلة الذهبية الشعب الجيش والمقاومة، فإنه يصبح تلقائياً خارج القرار 1559، علماً أن مشروعية السلاح وردت أيضاً في خطابات القسم الملقاة من قبل رؤساء الجمهورية. ونلاحظ أن الإسرائيلي أضاف شرط نزع السلاح، لأنه يشعر بأنه يملك فائض قوة، خصوصاً بعد اغتيال قادة لحزب الله على رأسهم (الأمين العام للحزب حسن) نصر الله، الأمر الذي اعتبره نصراً كبيراً، ما يسمح له بفرض الشروط. لذلك، يجب أن يكون هناك حكمة لدى من يدير العملية التفاوضية بأن سلاح حزب الله والمقاومة في الجنوب هو عامل قوة للبنان، وفي حال التخلي عنه، يجب أن يكون ذلك بعد تطبيق الاتفاق الجديد (المفترض أن ينجم عن العملية التفاوضية بحسبه)، وضمان لبنان ألا تحصل اعتداءات إسرائيلية وأن تسلك الأمور مسارها الصحيح مع جهة تكون ضامنة ورادعة لأي اعتداء، لذلك على اللبنانيين أن يجتمعوا ويتفقوا على الطريقة المثلى لذلك، فهذه هي الاستراتيجية الدفاعية بكيفية الاستفادة من السلاح لتقوية الدفاع اللبناني بإجماع وطني".
واعتبر ياسين أن الإسرائيلي مستمر بحربه على لبنان حتى النهاية، وأصبح يريد نزع سلاح حزب الله إلى جانب شرطه بإعادة مستوطني الشمال، ولم يعد يريد فقط إبعاده عن الحدود سبعة أو عشرة كيلومترات، وعلى اللبنانيين أن يعلموا أن كل بند يتم التوافق عليه مع الموفدين وإعطاؤه للإسرائيلي سيأخذه ويطالب بأبعد منه، كما يفعل في غزة، خصوصاً في ظلّ فائض القوة الذي يشعر به اليوم، وبهذه الحالة ستصبح عملية الاستجابة للشروط مرفوضة ما يعني استمرار الحرب، وسيستمر تالياً بفرض الشروط أكثر ما لم يُردَع.
وأضاف ياسين: "نحن نريد توقف آلة القتل الإسرائيلية، لكن في الوقت نفسه يجب المحافظة على قوة المقاومة لتردع الإسرائيليين عن عمليات أكبر وعن فرض شروط أكبر فالخاسر هو لبنان وليس حزب الله فقط، لأن إسرائيل مشكلتها مع لبنان بما هو دولة وليس فقط مع حزب الله كما تكذب على اللبنانيين. الدولة اللبنانية هي المهدد الأول للوجود الإسرائيلي الساعي لإضعافها. لذلك يجب الوقوف بوجهها (إسرائيل) برياً، والاتكال هنا على قوة المقاومة، فهي حاضرة وجاهزة للدفاع ومواجهة أي هجوم بري، وهذا المعيار الذي يمكن أن يجعل الإسرائيلي يتوقف، لأنه مهما تمكن العدو من التدمير جوّاً، فإنه لن يتمكن من الوصول إلى أهدافه إلا بعملية برية، وهذه إذا تصدت لها المقاومة عندها كل القوة الإسرائيلية ستسقط ويصبح العدو هو الجهة التي تريد إتمام الاتفاق".