لبنان: هدوء تام في مخيم عين الحلوة وسط خشية مستمرة من تجدد الاشتباكات

15 سبتمبر 2023
بدأ سريان وقف إطلاق النار عند الساعة السادسة من مساء الخميس (محمد زعتري/أسوشييتد برس)
+ الخط -

يسود الهدوء التام في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، اليوم الجمعة، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بدأ سريانه عند الساعة السادسة من مساء أمس الخميس، مع تسجيل خروقاتٍ محدودة في بعض المحاور، لم تتطوّر إلى مواجهات متبادلة.

وقال المسؤول الإعلامي في حركة فتح يوسف الزريعي، لـ"العربي الجديد"، إن "خروقات بسيطة سُجّلت منذ أمس، منها إطلاق عبوتين ورصاص قنص من حي التعمير، ولكننا لم نردّ على أي مصدر للنيران، التزاماً كاملاً منّا بما اتُفق عليه، لذلك، فإنّ الخرق لم يأخذ مداه".

ولفت الزريعي إلى أن "كل مبادرة تكون مُعرّضة للنجاح أو الفشل، ولا سيما أننا نتعامل مع مجموعات إرهابية، ولكننا نرحّب بأي مبادرة فلسطينية كانت أو لبنانية، ونلتزم بالكامل بها وبالبنود المدرجة فيها، وما تم الاتفاق عليه أيضاً في السراي الحكومي اللبناني، وفي هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وهو ما التزمت به كذلك حركة حماس بتعهدها تسليم القتلى".

كما أشار إلى أن أبرز ما اتُفق عليه هو ضرورة حقن الدماء، وتثبيت وقف إطلاق النار، وتسليم المتورطين في جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء أشرف العرموشي ورفاقه، وقبلهم عبد الرحمن فرهود (أحد عناصر الجماعات الإسلامية المتشددة)، إلى القضاء اللبناني، وعددهم 8 هم 4 فلسطينيين و4 لبنانيين".

وحول المهلة الزمنية لهذا الاتفاق، وما إذا كان مخيم عين الحلوة سيشهد معارك أعنف في حال لم يتم تسليم المطلوبين، قال الزريعي: "لا مهلة زمنية محددة، والهدف بالنسبة إلينا تسليم القتلى الذين هم أصلاً مطلوبون للأجهزة الأمنية اللبنانية، ولكن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد تحدث عن سقف زمني ليس طويلاً لإتمام بنود الاتفاق، وفي حال لم يحصل ذلك، فإن كل الخيارات مفتوحة ومتاحة، ومن الممكن أن تحصل جولات جديدة وأعنف، وقد تكون بمشاركة الجيش اللبناني، والجانبين الفلسطيني واللبناني. لم يُحكَ بشيء بعد، وكل الخيارات ستدرس في حينه، ولكننا نلتزم بالقانون اللبناني، والسيادة اللبنانية، وبنود الاتفاق".

وذكر المسؤول الإعلامي في "فتح" أنّ الحركة خفيفة جداً في مخيم عين الحلوة، وهناك نسبة نزوح كبيرة ودمار هائل، "نرى عودة لبعض الذين تركوا منازلهم في ساعات بعد الظهر في حال استمرّ الالتزام بوقف إطلاق النار، ولكنّ هناك ترقّباً الآن، وتبقى الخشية موجودة لدى الأهالي"، وفق قوله.

أكثر من 30 قتيلاً في اشتباكات مخيم عين الحلوة

وبحسب أحدث الأرقام التي أعلن عنها مدير مستشفى الهمشري في صيدا الدكتور رياض أبو العينين في بيان، فإنّ عدد القتلى بلغ منذ 30 يوليو/ تموز الماضي، تاريخ أول جولة اقتتال، حتى 14 سبتمبر/ أيلول الحالي، 30 من الذين استقبلت جثثهم مستشفى الهمشري، بينما بلغ مجموع عدد الجرحى 205، 100 منهم أصيبوا خلال الجولة التي شهدها المخيم الأسبوع الأخير، علماً أنّ هذه الأرقام لا تتضمن تلك التي استقبلتها مستشفيات أخرى.

ويسود الترقّب مدينة صيدا المجاورة التي عادت فيها الحركة بعض الشيء اليوم الجمعة، بعدما كانت لها حصة كبيرة من الأضرار التي طاولت مباني ومراكز حكومية رسمية ومؤسسات ومحالّ تجارية بفعل القذائف والرصاص العشوائي، وقد اتُخذت فيها جملة تدابير استثنائية، ستستمرّ اليوم، حتى تثبيت وقف إطلاق النار بشكل نهائي، وعودة الحياة إلى طبيعتها.

اجتماعات لبنانية فلسطينية توصلت إلى وقف إطلاق النار

وأعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أمس الخميس، أنّ المساعي التي بذلها نجحت لوقف الاشتباكات في مخيم عين الحلوة، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يبدأ سريانه عند الساعة السادسة من مساء الخميس.

وأتى ذلك بعد سلسلة لقاءات عقدها بري أمس مع مسؤولين فلسطينيين، أبرزها مع عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح المشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد.

كما عُقد أول من أمس الأربعاء اجتماع لبناني – فلسطيني في السراي الحكومي بحضور القادة الأمنيين، وتم أيضاً الاتفاق فيه على تثبيت وقف إطلاق النار، بيد أنه بقي هشاً وجرى خرقه ليلاً، فكانت أعنف الاشتباكات التي سُجلت منذ تجددها الخميس الفائت، وأسفرت عن سقوط 8 قتلى وعدد كبير من الجرحى ونزوح مئات العائلات.

وقال عضو المكتب السياسي لـ"حماس" موسى أبو مرزوق بعد لقائه بري، الخميس، إنه "لا بدّ من وقف لإطلاق النار، وسحب المسلحين، وإنهاء العسكرة داخل المخيمات بهذا الشكل المهين، وعودة الشعب الفلسطيني إلى مكانه في المخيم، وفتح المدارس، وانسحاب المقاتلين منها، وعودة العملية التعليمية من جديد".

وأشار أبو مرزوق إلى أننا "تعهدنا للرئيس بري بأن نبذل قصار جهدنا من أجل الأمن والعدل، وتسليم المطلوبين، وأن نكون أداة خير لشعبنا وللبنان، على أمل أن ينتهي هذا الوضع كله ويعود الأمن إلى لبنان كله".

من جهته، قال الأحمد، بعد لقائه بري: "للأسف، جرى أكثر من مرة الاتفاق على وقف إطلاق النار، وسرعان ما ينهار، وهو صمد مدة تزيد عن 20 يوماً، ومنذ أيام، انفجر الوضع الأمني مرة أخرى، ودخلت إلى جانب التكفيريين الإرهابيين الذين قاموا بعملية اغتيال العرموشي ورفاقه قوى أخرى انخرطت في أعمال الخرق، وهذا زاد من تساؤلاتنا ومن قلقنا لصالح من يحصل هذا الأمر، ومن الذي حركهم وموّلهم، ومن الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار ويموّل هؤلاء ويحرّض بأشكال مختلفة".

وشدد الأحمد على أننا "مستعدون على الفور للتهدئة ووقف إطلاق النار مع هؤلاء الخارجين عن القانون، ومستعدون لأن نتحمّل في سبيل أمن واستقرار المخيم والجوار اللبناني في صيدا والغازية وغيرها من المناطق المتاخمة للمنطقة، ولكن من حقنا أيضاً أن نتصدى لهم حتى لا ينجحوا في تنفيذ مخططهم بتوسيع دائرة الاشتباك".

وكرّر الأحمد ضرورة الالتزام الفوري بوقف إطلاق النار، وإخلاء المدارس من المسلّحين حتى يتمكن التلاميذ من أبناء المخيم، وعددهم ست آلاف، من استئناف العملية الدراسية.

المساهمون