نواب لبنان يديرون ظهورهم لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت: رفع الحصانات مرهون بتقديم "أدلة"

09 يوليو 2021
من اعتصام لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (العربي الجديد)
+ الخط -

جريمتان جديدتان ارتُكبتا، اليوم الجمعة، بحقّ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وتحت أنظارهم؛ الأولى تمثّلت بمماطلة إضافية لرفع الحصانات النيابية، والثانية برفض وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي منح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

وانتهت الجلسة المشتركة لهيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل التي عقدت في عين التينة في بيروت بالتأكيد على ضرورة طلب خلاصة عن "الأدلة" الواردة في تحقيقات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وجميع المستندات والأوراق المتعلقة بجميع المدعوين للتحقيق والمطلوب رفع الحصانات عنهم.

وطلب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، في كتابه إلى مجلس النواب، رفع الحصانة عن ثلاثة نواب هم وزراء سابقون معنيون، وهم علي حسن خليل (وزير مال سابق)، نهاد المشنوق (وزير داخلية سابق)، وغازي زعيتر (وزير أشغال سابق)، علماً أنّ اثنين منهم (خليل وزعيتر) هما عضوان في لجنة الإدارة والعدل.

كذلك، شملت لائحة الاستدعاءات وطلبات إعطاء الأذونات بالملاحقة شخصيات سياسية وأمنية وعسكرية، من بينها اللواء عباس إبراهيم، كما حدد موعد لاستجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب المدعى عليه مع 3 وزراء سابقين، هم النائبان زعيتر وخليل، ويوسف فنيانوس، بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص.

 

وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، في تصريحات بعد الجلسة، إنّ الهيئة المشتركة ستعقد اجتماعاً آخر فور استلام المستندات المطلوبة بهدف استكمال البحث.

وأثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة لدى أهالي ضحايا الانفجار الذين يرفعون شعار "لا حصانات فوق دماء أولادنا"، والذين نفذوا وقفة احتجاجية في محيط عين التينة، تزامناً مع الجلسة، وأرادوا الاقتراب من مكان انعقادها، بيد أنّ العناصر العسكرية والأمنية منعتهم من ذلك.

 

وأوفد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، مستشاره للتفاوض مع الأهالي والطلب منهم الابتعاد وعدم اختراق الحاجز الأمني، لكنهم رفضوا ذلك، ولدى محاولتهم الدخول لإسماع صوتهم وصرختهم للمجتمعين، حصل تدافع قوي بينهم والعناصر، ما أدى إلى تسجيل جروح لدى عدد من الأمهات، وحالات إغماء، وتكسير صور بعض الضحايا.

 

وأطلق الأهالي من أمام عين التينة شعارات حادة طاولت رئيس مجلس النواب في عقر داره، وتوجهوا إليه مباشرة بعبارات تتوعده بأنه "سيدفع الثمن"، لا سيما بعد اعتداء العناصر التي تحمي مقرّه على أهالي الضحايا.

وأكدد عددٌ من أهالي الضحايا، لـ"العربي الجديد"، أنهم يريدون أن ترفع الحصانات اليوم قبل الغد، ويرفضون أسلوب المماطلة الذي ينتهجه أهل السلطة في كل ملف، وهم لن يسمحوا بأن تذهب دماء أولادهم وأحبائهم هدراً، ولن يقبلوا أن يتمرّد أي متهم أو مدعى عليه على قرارات القاضي البيطار، مشددين في المقابل على دعمهم الكامل للمحقق العدلي، ومتمنّين عليه مواصلة عمله بحرية.

ومن ثم توجّه الأهالي إلى وزارة الداخلية في منطقة الصنائع في بيروت، حيث قطعوا الطريق ونفذوا وقفة احتجاجية، ردّدوا فيها شعارات رافضة لخطوة وزير الداخلية محمد فهمي، مطلقين عليه وصف "المجرم والقاتل"، بعد رفضه منح الإذن بملاحقة اللواء عباس إبراهيم، رغم أنه في البدء كان قد أبدى تعاونه المطلق قبل أن يبدّل سريعاً موقفه، كما شدد الأهالي على أنّ "زمن التحركات السلمية انتهى".

 

ودعا الأهالي من أمام وزارة الداخلية إلى إسقاط الوزير فهمي، مشددين على أنّ "الحصانات تحت أقدام الشهداء"، ومؤكدين أنّ وزير الداخلية أصبح "عدواً" لهم بمجرد رفضه إعطاء الاذن، و"كل من يرفض التصويت على إسقاط الحصانات هو مشارك في الجريمة وعدو لنا".

من جهته، أكد اللواء إبراهيم، في بيان، أنه يقف تحت سقف القانون، متخذاً تدابير قانونية في المقابل بحق من "حاولوا التأثير على مجريات التحقيق وتشويه صورته أمام الرأي العام اللبناني" على حدّ قوله، وذلك في ما خصّ معلومات تناقلتها وسائل إعلام حول قرار المحقق العدلي واتهمت إبراهيم بتورطه في صفقات تهريب "نترات الأمونيوم" إلى سورية.

في المقابل، أصدر محامو الادعاء عن الفئات المهمشة لضحايا انفجار مرفأ بيروت، مازن حطيط وطارق حجّار وفاروق المغربي وحسام الحاج، بياناً أسفوا فيه "لما آلت إليه الأمور من التلطّي خلف الحصانات التي وُجِدت لتمكين النائب أو الموظف من القيام بمهامه الدستورية أو القانونية، وليس لحمايته من الإفلات من المحاسبة والعقاب، خاصة في جريمة دمّرت العاصمة وسقط بنتيجتها مئات الضحايا".

 

وطالبوا مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات والإدارات المعنيّة بـ"رفع الحصانات وإعطاء الأذونات اللازمة بأسرع وقت ممكن بحق كل الأشخاص المطلوب التحقيق معهم من قبل المُحقق العدليّ، باعتبار أن هذه الحصانات مُخالفة لمبادئ المُساواة بين المواطنين ولأصول المُحاكمة العادلة، ولا يجب أن تكون متراساً يمنع القضاء من القيام بواجباته".

وشددوا على أنّه "من واجب النّائب العام التمييزي تحمّل مسؤولياته بحسب الصّلاحيات الممنوحة له رفع الحصانة عن الموظفين الذين لم تُعط الإدارة المختصة الإذن بملاحقتهم، لتمكين المحقق العدلي من القيام بواجباته".

من جهتهم، أكد أهالي ضحايا فوج إطفاء بيروت وأهالي الضحايا المدنيين، أنّ "كل من يختبئ تحت غطاء الحصانة ويرفض طلب الاستجواب أو غيره عبر التلاعب على القانون فهو يبرهن أنه متورط أو لديه معلومات تهمنا وتفيد التحقيق، ولهم نقول تهربكم من التحقيق يعادل السماح لنا بالدخول إلى بيوتكم من دون أي إذن لجلبكم للتحقيق بالقوة".

وطالب "تجمّع نقابة الصحافة البديلة"، في بيان له، بـ"إسقاط الحصانات كلّها، سواء السياسية أو الطائفية أو الأمنية، والتوقّف عن المماطلة ورسم الخطوط الحمراء أمام التحقيقات الجارية، لمحاسبة كلّ مسؤول عن الجريمة المتمادية بحق اللبنانيين"، مشدداً على أنّ "أي انقلاب على العدالة والمحاسبة سيُشكّل فضيحة جديدة لمجلس النواب ولأركان المنظومة الحاكمة. وعليه فإن مطلبَي استقلالية القضاء والفصل بين السلطات ملحّان لمنع حماية البرلمان لمطلوبين للمثول أمام العدالة".