لبنان: دعوة جديدة من باسيل إلى حوار مسيحي رئاسي تواجَه برفضٍ من جعجع

09 ديسمبر 2022
باسيل يواصل هجومه على ميقاتي (حسين بيضون)
+ الخط -

على وقع الدعوات الخارجية للمسؤولين اللبنانيين بانتخاب رئيس للبلاد، والكفّ عن تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وتنفيذ الإصلاحات للنهوض اقتصادياً، يواصل الساسة صراعاتهم الداخلية ومناكفاتهم التي تطيل أمد الشغور الرئاسي، ويحاولون في الوقت نفسه استجداء الخارج للحصول على المساعدات والوقوف إلى جانب لبنان في ظروفه القاسية.

وفي وقتٍ ينشغل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعقد لقاءات على هامش القمة العربية الصينية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، والتي لم يغب عنها الشأن اللبناني، استكمل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هجومه على ميقاتي والمشاركين في الجلسة الحكومية التي عقدت الإثنين، من ضمنهم حليفه "حزب الله"، معبّراً عن امتعاضه من إصدار مراسيم بلا توقيع رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعاً.

واتخذ باسيل من مقرّ البطريركية المارونية - بكركي منبراً للتصويب السياسي، ورفع راية الدفاع عن الموقع المسيحي الأول في الدولة، مُكرراً دعوته، خلال لقائه اليوم الجمعة البطريرك بشارة الراعي، إلى حوار مسيحي – مسيحي بغية الاتفاق رئاسياً، فأتاه الرد الرافض السريع من قبل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، علماً أن الطرفين، اللذين يمثلان الغالبية المسيحية في البرلمان، كانا السبب وراء إلغاء رئيس البرلمان نبيه بري الحوار الوطني الرئاسي باعتراضهما عليه، وذلك قبل أن يعود بري ويجدد دعوته إليه أمس الخميس.

وقال بري، أمس، بعد رفعه الجلسة التاسعة لانتخاب رئيس للبلاد إثر فقدان النصاب في الدورة الثانية: "الجلسة الأخيرة لهذا العام الخميس المقبل، وآمل من اليوم وحتى ذاك التاريخ أن آخذ رأي الزملاء والكتل جميعاً في الحوار، فإذا ما حصل، فسأحوّلها إلى جلسة حوار، وإذا لم يحصل فسنذهب إلى السنة الجديدة".

واستقبل البطريرك الماروني باسيل اليوم، على أن يلتقي كذلك الرئيس السابق ميشال عون، فكان عرض لآخر التطورات المحلية ووقائع جلسة مجلس الوزراء والتداعيات التي خلّفتها، خصوصاً أنها جرت في ظل مقاطعة أكثرية الأطراف المسيحية، سواء الأحزاب الموالية أو المعارضة، وعقدت أيضاً بعكس إرادة بكركي التي كانت دعت ميقاتي إلى تصويب الأمور.

وقالت أوساط بكركي الإعلامية إن الراعي من أول الداعين للحوار والتلاقي والاجتماع على طاولة واحدة لبحث كافة الملفات، خصوصاً التي هناك خلاف عليها، والتي من شأن المماطلة بها أن تقضي على الدولة والمؤسسات وتزيد معاناة الناس، كما أنه يعتبر أن لا حلّ إلا بالحوار بين الأفرقاء، وهو ما عبّر عنه، حتى لو كان ثنائياً، أي بينه وبين كلّ فريق، باعتبار أن الحوار الجامع تحوم حوله صعوبات عدة.

وقال باسيل بعد لقائه الراعي إن "ما حصل الإثنين ليس ضربة فقط لموقع الرئاسة، بل للجمهورية والكيان وكل ما تعنيه الشراكة والميثاق والأسس التي قام عليها البلد".

وأشار إلى أنه "استكمل مع البطريرك الراعي ما كنا بدأناه برئاسة الجمهورية، وهو إيجاد وسيلة للوصول إلى مرشح يحظى بالتأييد المطلوب من مجلس النواب، وذلك يتطلب مشاركة كل اللبنانيين، لكنه أيضاً موقع له رمزيته وتمثيله ومعناه وعلينا مسؤولية تجاهه".

وأردف باسيل: "دعوت البطريرك الراعي مرة ثانية ليحصل جهد، حتى يكون هناك موقف واحد، وكلمة واحدة ورأس واحد على اسم أو مجموعة أسماء، ما من شأنه أن يخرجنا من الجمود الراهن على أمل التجاوب من الجميع، ونحن سنبقى نسعى ونتعب لإيجاد الحل"، مشيراً: "نحن منفتحون على ذلك، أما إذا كان غيرنا ليس منفتحاً، فلا يمكننا إرغامهم".

ويُتهم باسيل وحليفه "حزب الله" وما يعرف بقوى الثامن من آذار بتعطيل الاستحقاق الرئاسي حتى فرض مرشحهم الرئاسي، علماً أنهم لم يتفقوا بعد على اسم واحد، وسط تمسك حزب الله وحركة أمل (برئاسة نبيه بري) غير المُعلن بترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي يلاقي رفضاً حادّاً من قبل باسيل.

ودفعت الخلافات التي أحدثتها مشاركة حزب الله في جلسة الإثنين بالتيار الوطني الحر إلى التمايز عن قرار هذه المجموعة السياسية السير في جلسة انتخاب الرئيس بالورقة البيضاء، فعمد إلى توزيع الأصوات على الورقة البيضاء، ومرشح أحزاب المعارضة النائب ميشال معوض، وأسماء أخرى، ما فرض التعادل للمرة الأولى بين معوض والورقة البيضاء.

وأتى الردّ السريع على دعوة باسيل للحوار المسيحي من حليف التسوية الرئاسية السابق سمير جعجع، الذي قطع الطريق عليه، فغرّد عبر حسابه على "تويتر" بأن "الحوار بدو أهل حوار".

لبنان حاضر في القمة السعودية الصينية

على صعيد ثانٍ، حضر الشأن اللبناني في البيان المشترك الذي صدر اليوم في ختام القمة السعودية الصينية، بحيث أكد الطرفان السعودي والصيني حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضي اللبنانية، وأهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان أزمته، تفادياً لأن يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات، وذلك وفق ما نقلت وكالة الأنباء السعودية "واس".

في السياق، استقبل ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، صباح اليوم، في الرياض، قبيل انعقاد القمة، وجرى البحث في العلاقات بين البلدين، وقد أعلن ميقاتي أنه سيزور الكويت على رأس وفد وزاري مطلع السنة الجديدة، وأن هناك العديد من الملفات التي سيجرى بحثها.

كذلك، عقد ميقاتي اجتماعاً صباح اليوم مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، وأكد الجانبان "الحرص على تعزيز الروابط بين لبنان وشعبيهما".

وقال المكتب الإعلامي لميقاتي إنه اتُفق على عقد اجتماع قريباً في بيروت للجنة العليا المشتركة اللبنانية - العراقية، خلال الزيارة المرتقبة لرئيس وزراء العراق.

وجدّد السوداني استمرار التعاون لتزويد لبنان بالنفط العراقي وفق الاتفاقات المنصوص عليها سابقاً.

المساهمون