أعاد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري التذكير بالمواصفات المطلوبة في الرئيس الجديد للبلاد، والتأكيد بأن أبواب المجلس النيابي ليست موصدة أمام إنجاز الاستحقاق الرئاسي ولا أمام التشريع، وذلك في وقتٍ يرفض فيه بري الدعوة إلى جلسة منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، حتى تأمين التوافق السياسي.
ويتمسّك رئيس المجلس النيابي و"حزب الله" بمرشحهما، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الحليف الأبرز للنظام السوري، وسط انتقادات توجَّه لبري، لانحيازه لمرشحٍ، بينما يفترض به إدارة العملية الانتخابية، في حين لا يزال المعارضون لانتخاب فرنجية، يعجزون عن التوحّد حول اسم للمنافسة.
وبمناسبة ذكرى تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، في 25 مايو/أيار 2000، عبر بري عن أمله في كلمة وزعها مكتبه الإعلامي، أن يكون موعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد، "وذلك رهن بتوافر الإرادات الصادقة بأن يبادر النواب المستقلون وكافة الكتل النيابية إلى توفير مناخات التوافق فيما بينهم وإزالة العوائق التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية، يُعبِّر عن إرادة اللبنانيين، يجمع ولا يُفرِّق".
وجدّد بري التذكير بالمواصفات المطلوبة في رئيس الجمهورية، أبرزها، الالتزام باتفاق الطائف (أنهى الحرب الأهلية عام 1989، بوساطة سعودية)، وتنفيذ ما لم يطبق منه من بنودٍ إصلاحية وفي مقدمها اللامركزية الإدارية الموسعة، إقرار استقلالية القضاء، ومكافحة الفساد.
كذلك، من المواصفات حسب بري أن يكون الرئيس قادرا على إعادة الثقة لعلاقات لبنان بأشقائه العرب، وبناء حوار جاد ومثمر مع سورية لحلّ مسألة اللاجئين السوريين وإعادتهم إلى بلدهم وإنجاز ترسيم الحدود بين البلدين، وأن يرفض أيضاً أي شكل من أشكال التوطين، ويؤمن بأن إسرائيل هي العدو الأساس للبنان وهي نقيض له في الموقع والدور والرسالة.
ويضيف بري: "المطلوب رئيس قادر على تبديد هواجس كل اللبنانيين بكل ما يتصل بحياة الدولة وأدوارها في الحماية والرعاية الاجتماعية والاقتصادية وطمأنتهم حيال ودائعهم في المصارف"، علماً أن الطبقة السياسية في لبنان، ومن ضمنها رئيس البرلمان، تتهم بتغطية المصارف، وتأمين الحماية لها، ولحاكم البنك المركزي رياض سلامة، الذي رغم أنه بات مطلوبا دولياً بجرائم فساد مالي، بما يهدد تعاملات لبنان النقدية المصرفية مع الخارج، ترفض السلطة السياسية في لبنان إقالته من منصبه.
بري: المطلوب رئيس قادر على تبديد هواجس كل اللبنانيين
وضمن المواقف التي أطلقها بري في المناسبة، دعوته إلى "استحضار كل العناوين التي مكّنت اللبنانيين من صنع إنجاز النصر والتحرير، في مقدمها وحدة الكلمة والموقف ولضرورة امتلاك الجرأة والشجاعة الوطنيتين في مواجهة أي إرادة داخلية أو خارجية تريد إغراق لبنان أو إسقاطه من الداخل في دوامة الفراغ أو من خلال ضربات التعطيل".
ودعا أيضاً إلى "الاحتكام إلى الحوار والتوافق تحت سقف الدستور والمؤسسات في مقاربة كافة العناوين والقضايا الوطنية".
وتنشط الحركة الرئاسية في لبنان على بُعد أيام من انتهاء المهلة التي حدّدها بري لضرورة انتخاب رئيس كحدّ أقصى في 15 يونيو/حزيران المقبل، أبرزها التي يقودها نائبه، إلياس بو صعب، بجولته على القيادات السياسية، ومحاولته إحداث خرق في الجمود، ومدّ الجسور بين القوى السياسية.
وبينما يتمسّك بري وحزب الله بمرشحهما لرئاسة الجمهورية، ويحاولان تأمين نصاب عقد جلسة انتخابه (86 نائباً من أصل 128)، لا تزال الأطراف المعارضة لانتخاب فرنجية، غير قادرة على التوافق حول اسم واحد، رغم المشاورات المكثفة بينها، مخافة مباغتة بري بأي لحظة للدعوة إلى جلسة.
مفاوضات معارضي فرنجية إلى المربّع الأول
وعادت مفاوضات القوى المعارضة إلى المربّع الأول، ولا سيما إثر الصراع الكبير بين "التيار الوطني الحر" (يرأسه النائب جبران باسيل)، وحزب "القوات اللبنانية" (يرأسها سمير جعجع)، الذي أقفل الباب أمام الاتفاق على وزير المال السابق جهاد أزعور، رغم أنه كان من الأسماء المتقدمة جداً، ولا سيما بين صفوف نواب "التغيير" وبعض المستقلّين، وقد أكد أزعور أخيراً أنه يرفض أن يكون مرشحاً للمواجهة أو للاستفزاز أو الحرق.
وكان أزعور بين الأسماء التي تبحث على صعيد القوى المعارضة لفرنجية إلى جانب قائد الجيش جوزاف عون والنائب السابق صلاح حنين، قبل أن تُطوى صفحته، في مشهدية تعزز من ارتياح الفريق الداعم لفرنجية، المعتمد بالدرجة الأولى، لإتمام تسوية انتخابه، على الدعم الفرنسي، والضغوط الخارجية التي تحث على انتخاب رئيس، والاستحقاقات المنتظرة أبرزها اقتراب انتهاء ولاية حاكم البنك المركزي، في يوليو/تموز المقبل، وتدحرج لبنان أكثر إلى الانهيار الشامل.
قائد الجيش: الاستقرار شرط أساسي لنهوض الاقتصاد
في سياق متصل بمناسبة تحرير الجنوب اللبناني، أكد قائد الجيش جوزاف عون، "استمرار المؤسسة العسكرية في النهوض بواجباتها، وخاصة على الحدود الجنوبية بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان وفق القرار 1701 ومندرجاته"، مشدداً على "حقنا في مقاومة العدو الإسرائيلي وأطماعه وخروقاته للسيادة اللبنانية واسترجاع كامل أراضينا".
وأضاف عون: "يبقى حفظ أمن لبنان واستقراره والدفاع عنه وضبط حدوده الأولوية المطلقة بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية"، مؤكداً أن هذا الاستقرار شرط أساسي لنهوض الاقتصاد وعمل المؤسسات.
قائد الجيش للعسكريين: هذا الاستقرار شرط أساسي لنهوض الاقتصاد وعمل المؤسسات، وهو لم يكن ليتحقق ويستمر لولا ما تقدمونه من تضحيات، كما أنه إنجاز يتجدّد يوميًّا مع كل مهمة تقومون بها، وكل قطرة دم تبذلونها من أجل وطنكم، ويترسخ عبر ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بكم. ٨/٧
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) May 24, 2023