لبنان: الجيش يعيد فتح الطرقات وبحث في مبادرة إبراهيم الحكومية

10 مارس 2021
دعوة إلى التظاهر الجمعة المقبل (حسين بيضون/ العربي الجديد)
+ الخط -

باشر الجيش اللبناني، صباح اليوم الأربعاء، عملية إزالة المستوعبات والحواجز الإسمنتية والإطارات التي استخدمها المعتصمون لقطع الطرقات على مدى أسبوع تقريباً، في إطار التحركات الاحتجاجية التي شهدتها مختلف المناطق اللبنانية.

ويؤكد المعتصمون أنّ التحركات لن تتوقف حتى إنجاز التغيير المنشود، وستبقى المشهد الأساسي على الساحة اللبنانية خلال المرحلة الراهنة، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والنقدية، ووسط جمود حكومي مريب.

وفي السياق، أعلنت مجموعات ناشطة عن تحركات ستحصل يوم الجمعة المقبل، تنطلق من وزارة الداخلية في بيروت، وصولاً إلى مجلس النواب، وتحمل عنوان "إلى الشارع نحو حكومة انتقالية".

 

ودعا رئيس البرلمان نبيه بري إلى عقد جلسة عامة، الجمعة المقبل، في قصر الأونيسكو في بيروت، على جدول أعمالها عدد من المشاريع واقتراحات القوانين، أبرزها مشروع القانون الذي يضم طلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، لتنفيذ المشروع الطارئ لدعم شبكة الأمان الاجتماعي للاستجابة لفيروس كورونا والأزمة الاقتصادية في لبنان.

ولم يلبِّ قائد الجيش جوزيف عون "نداءَ" اجتماع قصر بعبدا الجمهوري، الذي عقد بالتزامن مع "اثنين الغضب الشعبي"، وأفضى إلى الطلب من الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تفتح الطرقات، لكنها بقيت مقطوعة بالكامل في كافة أنحاء البلاد إلى أن باشر الجيش اليوم إزالة المستوعبات والحواجز والإطارات، وهو تصرّفٌ اختلفت حوله الآراء، بين من أيّده، وأبدى تقديره لرفض المؤسسة الوقوف بوجه الناس الجياع "مثلهم"، ومن وضعه في إطار الدور الملتبس، ولا سيما في ظلّ القمع المُمارس من قبل المحكمة العسكرية تجاه الناشطين، وعدم التدخل لمنع حصول احتكاك بين المتظاهرين والمواطنين، وربط الخطوة في إطار صراع الأجهزة والطبقة السياسية.

وقال الجيش اللبناني، اليوم الأربعاء في تغريدة على حسابه الرسمي عبر "تويتر"، إنّه "نتيجة الحوادث المأساوية والتجاوزات التي حصلت، وحفاظاً على سلامة المواطنين، باشرت وحدات الجيش صباحاً فتح الطرقات المغلقة".

 

وسجلت الأيام الماضية حوادث سير عدّة بسبب قطع الطرقات، أفجعها كان مقتل شابين نتيجة اصطدام سيارتهما بشاحنة مركونة بالعرض على أوتوستراد شكا شمالي لبنان بهدف إغلاقه.

 

كذلك وقعت إشكالات كثيرة بين المحتجين والمارّة، تطوّرت أحياناً إلى اجتياح سيارات للمتظاهرين، أدت إلى سقوط عددٍ من الجرحى.

كذلك، أطلقت نداءات خلال فترة قطع الطرقات بتسهيل مرور الشاحنات التابعة لشركات توزيع الأوكسيجين لتلبية حاجات المستشفيات، خاصة بالنسبة للمصابين بفيروس كورونا، وكذلك سيارات الإسعاف.

وانقسمت الآراء في لبنان بين معارض لقطع الطرقات الرئيسة، باعتبارها تحركات سياسية ذات أهداف مشبوهة استغلالية، شلّت حركة السير على مدى أيام، وعطلت مسار مواطنين، إما يعانون من ظروف صحية أو ملزمون بالتوجه إلى وظائفهم، ومؤيد لها، بوصفها وسيلة الضغط الوحيدة أمام المحتجين الغاضبين من الانهيار الاقتصادي واحتجاز ودائع اللبنانيين ونهب أموالهم، بعدما لجأوا إلى وسائل عدّة، منها الذهاب إلى بيوت السياسيين أو مراكز الدولة ومؤسساتها، فكانت النتيجة الاعتقال أو الاعتداء أو تركيب الملفات.

 

إلى ذلك، عاد رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى بيروت، مساء أمس، بعد زيارة قام بها إلى دولة الإمارات، التقى خلالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حيث جرى البحث بشكل معمّق في وجهات النظر بالنسبة إلى وضع حدٍّ للوضع المتأزم في لبنان، والتركيز على أهمية الإسراع في اجتياز الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، من خلال تشكيل حكومة من التكنوقراط، وذلك بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية، الذي أشار، أيضاً، إلى أن "اللقاء تناول دعم القوى السياسية الأساسية في البلد".

 

حكومياً، عادت إلى الواجهة مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بعد تردّد أنباء عن موافقة الرئيس ميشال عون عليها، ولا سيما لناحية حكومة مؤلفة من 18 وزيراً، واكتفائه بتسمية خمسة وزراء، إضافة إلى وزير "حزب الطاشناق" الذي ينضوي تحت "تكتل لبنان القوي" النيابي، برئاسة النائب جبران باسيل.

هذه المبادرة ينظر إليها الحريري وكأنها "غير موجودة، إلّا إذا اتصل به الرئيس عون وطلب منه مناقشتها"، وفق ما يؤكد نائب الرئيس المكلف مصطفى علوش، لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "هناك مسعى من اللواء إبراهيم، والحريري بصدد درس المبادرة، بيد أن رئاسة الجمهورية تتصرّف حتى السّاعة وكأن لا مبادرة حكومية".

ويشير علوش إلى أنّ أبرز ما في المبادرة عدم إعطاء الرئيس عون الثلث المعطل، بيد أن البحث لا يزال غير واضح بالنسبة إلى وزارتي الداخلية والعدل، ولا تطوّر بهذا الشأن، مشدداً على أنّ "الرئيس المكلف قد يتوجه إلى قصر بعبدا - مقرّ الرئاسة اللبنانية، اليوم قبل الغد، بمجرد أن يلتمسَ معطيات جديدة وتطوّراً من جانب الرئيس عون، التي حتى اللحظة غائبة كلياً".

ويؤكد أنّ "الحريري لن يتراجع أبداً عن ثلاثة مسلّمات، حكومة اختصاصيين، مؤلفة من 18 وزيراً، لا ثلث معطّل فيها".

وفي ظلّ تصاعد التحركات الاحتجاجية، والتحذير من انفجار اجتماعي، والتلويح المستمرّ بحدثٍ أمنيّ، ووصول البلاد إلى فوضى عارمة، مع استمرار حال الجمود الحكومي، يقول علوش: "نكون أمام لعنة حلّت على الجميع، وعندها للأسف قد تؤلَّف حكومة سياسية، تبحث في الشأن السياسي لا الإنقاذي الاقتصادي، من هنا على فريق رئيس الجمهورية أن يفكّ أسر التشكيلة الوزارية للنهوض بالبلاد قدر المستطاع، وتفادي السيناريو الكارثي".
في المقابل، تؤكد أوساط قصر بعبدا، لـ"العربي الجديد"، أنّ أيّ موعد لم يحدد بعد بين الرئيسين عون والحريري، علماً أنّ الرئيس المكلف دائماً ما يتصل في اللحظات الأخيرة، مشددة على أنّ الرئيس عون كرّر موقفه أكثر من مرّة، وهو يريد لهذه الحكومة أن تتألف بالتشاور والتعاون بينهما، لا أن يفرض الحريري تشكيلة وزارية على رئيس الجمهورية.

المساهمون