اكتفت الجلسة العامة التي عقدها البرلمان اللبناني، اليوم الجمعة، بتوصية للدعوة إلى تشكيل حكومة جديدة بأسرعِ وقت، وكذلك الإسراع في توزيع البطاقة التمويلية وتحرير السوق من الاحتكار، من دون اتخاذ أي قرار أو موقف أو إجراء حول خطوة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات.
وعقد مجلس النواب، اليوم الجمعة، في قصر الأونيسكو ببيروت، جلسة عامة برئاسة نبيه بري خُصِّصت لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي استجدّت بعد قرار سلامة وقف الدعم عن المحروقات، وما تركه القرار من تداعيات سلبية.
وشرح عون في رسالته "مسار الاجتماعات التي عقدت مع الوزراء المعنيين وحاكم مصرف لبنان وتلك التي عقدت في السراي الكبير، والتي لم تؤدّ إلى نتائج عملية تفضي إلى رفع الدعم تدريجاً عن المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الاستشفائية والطبية على أنواعها، والتي لم تعد متوافرة، الأمر الذي يهدد صحة الناس وغذاءهم وأمنهم الاجتماعي وأيضاً حقوقهم الحياتية. كذلك تعذّر انعقاد مجلس الوزراء، بعد رفض رئيسه الدعوة إلى عقده".
وطلب عون من بري مناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب وفقاً للأصول، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب في شأنها، في خطوة وضعت في إطار محاولة إقالة حاكم مصرف لبنان، علماً أن هذه الرسالة ليست الأولى التي يوجهها رئيس الجمهورية وتلقى نوعاً من التمرّد المبطّن من جانب البرلمان.
ولم تخلُ جلسة مجلس النواب اليوم من السجالات والرسائل عالية النبرة المباشرة وغير المباشرة، ولا سيما بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس "التيار الوطني الحر" (صهر رئيس الجمهورية) النائب جبران باسيل، إذ شنّ الأخير هجوماً على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة و"قراره الأحادي الذي يؤدي إلى تفجير البلد"، مشككاً في السياق بدور مجلس النواب في هذه المرحلة، الذي عليه أن يتخذ قراراً اليوم، ملوحاً كذلك بالاستقالة، وواضعاً قرار سلامة في إطار التوصية التي أتت بدعم فرقاء سياسيين و"بهدف ضرب الرئيس عون والتيار بالدرجة الأولى".
ورد بري على باسيل بالقول، "ما حدا يهدد المجلس النيابي، من يريد أن يستقيل فليستقل، ولا أقبل بأي تهديد للمجلس النيابي على الإطلاق".
كذلك، دعا بري إلى إعلان حالة طوارئ صحية يسمح من خلالها للمستشفيات باستيراد احتياجاتها الطبية والدوائية، وأن يتم وضع حدّ لـ"كارتيلات الدواء".
وعرضت كتل نيابية وجهة نظرها من مسألة رفع الدعم عن المحروقات والمواد والسلع الأساسية، إذ أكدت الغالبية ضرورة أن يكون هناك بديل في حال رفع الدعم نهائياً للتخفيف من معاناة المواطنين. كما عبّرت كتلة "حزب الله" عن رفضها قرار حاكم مصرف لبنان.
وقال باسيل بعد الجلسة "لا يمكن أن نخذل الناس بالقول إن المجلس يجتمع شكلاً احتراماً للدستور، من دون أن يتّخذ ما يجب من قرار أو إجراء لمعالجة المصيبة، وإلا يكون المجلس تخلى عن دوره، ونحن كأقليّة فيه علينا أن نرى إذا كان بقاؤنا مجدياً وإذا ما صار يجب تقصير ولايته وإجراء انتخابات مبكرة أو الاعتكاف".
واتهم نواب في "تيار المستقبل" (يرأسه سعد الحريري) باسيل بأنه "كان يعلم بقرار حاكم مصرف لبنان رفع الدعم ويحاول النأي بنفسه وتياره عن المسؤولية، ويسعى إلى إطلاق مواقف شعبوية من خلال هجومه على سلامة".
وما يزال مصرف لبنان متمسّكاً بموقفه بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق، على أن تحدد وزارة الطاقة الأسعار الجديدة، وهو ما لم يحصل حتى اليوم وسط الخلاف على التسعيرة وتمسك الحكومة اللبنانية بضرورة إبقاء الدعم على المحروقات حتى دخول البطاقة التمويلية حيّز التنفيذ.
حكومياً، لم يُعقَد أي لقاء اليوم بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، بعدما وصفت مصادر مطلعة على مشاورات الرجلين لقاء أمس الخميس بـ"المتوتّر"، وقالت إنّ العُقد ما تزال موجودة على صعيد تسمية الوزيرين المسيحيين مع تمسك عون بحقه في اختيار وزيري العدل والطاقة في ظل اتهامات له بسعيه المستمرّ وراء الثلث المعطل الوزاري، علماً أن ما تقوله أوساط الطرفين في الغرف المقفلة يختلف عن الأجواء الإيجابية التي يحاول عون وميقاتي إظهارها في الإعلام وأمام الرأي العام.
وعلى صعيد التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، لم يمثل وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، اليوم الجمعة، أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بذريعة عدم تبلغه حضور الاستجواب رغم تحديد القاضي البيطار موعداً للجلسة.
ويتعرّض فنيانوس المطلوب للتحقيق، لحملة انتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم "#عرس_ملطخ_بالدم"، وذلك قبيل زفاف ابنته، يوم غد السبت، الذي طلب لأجله مواكبة أمنية كبيرة تخوفاً من "أعمال مخلة بالأمن يقوم بها الثوار أو أهالي ضحايا انفجار المرفأ"، وقد قابل هذه الحملة تهديدات من جانب مناصرين لفنيانوس ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية بالردّ على أي حدث يحصل، وقد طاولت التهديدات شقيق الضحية جو نون، وليم، الذي انتقد إقامة الزفاف بشدة.