في المقابل، تعرّض نتنياهو ويعالون إلى انتقادات شديدة اللهجة من معارضيهم داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها، وعلى رأسهم كل من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت، اللذين اتهما نتنياهو بالفشل في حسم المعركة ضد "حماس" وعدم استنفاد كامل القوة الإسرائيلية لتحقيق الردع المطلوب.
في غضون ذلك، وبينما أعلن جيش الاحتلال عن سحب الحراسة العسكرية عن مستوطنات الجنوب، المحاذية لقطاع غزة، على الرغم من احتجاج سكان المستوطنات المذكورة، اعترف قائد مفرزة قطاع غزة في جيش الاحتلال، العميد إيتاي فايروف، في لقاءٍ له مع سكان المستوطنات، أنه "من الغرور الادعاء بتحقيق ردعٍ أمام الفلسطينيين في قطاع غزة".
وذكر موقع "يديعوت أحرونوت"، الذي أورد تسجيلاً صوتياً لفايروف، أن "احتجاج سكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، تحديداً تلك التي تلقّت ضربات شديدة من المقاومة الفلسطينية خلال العدوان الأخير على غزة، قد فشل في ثني حكومة الاحتلال عن عزمها سحب قواتها من المستوطنات". ومن المقرر أن يغادر جنود الاحتلال المستوطنات الجنوبية، المصنّفة بـ "خط المواجهة الثاني للمستوطنات غير الملاصقة لغزة"، باستثناء ثلاث منها، المحاذية للسياج الحدودي.
وأضاف أنه "من الجيد أننا لم نُخضع حماس. فأنا أرى ما يحدث في سيناء اليوم، ومن الأفضل أن يبقى أولئك في سيناء كي يواجههم الجيش المصري، على أن نواجه نحن من يقف أمامنا. فقد كنا نريد في نهاية المطاف بعد الحرب، رؤية حماس في مكانها. فمن شأن انهيار قطاع غزة أن يورّطنا في مواقع أخرى. فالبدائل المحتملة لسلطة حماس والحكم العسكري في غزة أسوأ بكثير".
واعترف العميد الإسرائيلي، بعدم وجود أي ردع إسرائيلي تجاه قطاع غزة، معتبراً أن العدوان على قطاع غزة لم يكن حرباً للردع أو حرباً رادعة. وأضاف أنه "على الرغم من تسوية سطوح عشرات آلاف البيوت في الأرض، وهدم عشرات الطرقات والشوارع التي لا تستطيع السيارات التنقل عبرها، فإنه ليس مؤكداً أن تردع هذه الأمور أهالي غزة". واعترف أن "الحرب الأخيرة لم تكن حرب ردع، بقدر ما كانت حرباً استباقية لإحباط قدرات حماس وبرامجها، وقد حققت هذا الهدف وأعادت مخططات حماس خطوات عدة إلى الوراء".
وكشف القائد العسكري، في هذا السياق، أن "خطر الأنفاق الهجومية والخوف السائد في صفوف سكان المستوطنات الجنوبية، المحاذية لقطاع غزة والمعروفة باسم مستوطنات غلاف غزة الكبير ازداد، ومن شأن ذلك طرح أسئلة كثيرة حول تعامل الجيش مع هذه المسألة، وما إذا كان انتبه إليها أخيراً". وادّعى فايروف أنه تم إلحاق أضرار بالغة بهذه الأنفاق وتمّت إزالة هذا الخطر حالياً.
وكانت الصحف الإسرائيلية، أشارت قبل أكثر من أسبوعين، إلى أن الجيش الإسرائيلي، أقرّ وضع خطط لإخلاء السكان من المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، لتفادي حالات الهلع التي ألمّت بهم، ودفعت بعشرات الآلاف منهم إلى الفرار من القطاع، في مشاهد نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، صوّرت حجم الخوف الإسرائيلي من صواريخ المقاومة وأضرّت بمعنويات الجيش الإسرائيلي.
وفي السياق، قال فايروف إنه "يتعين استخلاص العبر مما حدث خلال العدوان الأخير على غزة وتعزيز العلاقة بين الجيش وبين الجبهة الداخلية لتفادي ما حدث". ولعل أبرز ما لفت إليه هو التحذير من الاستكانة للوعود التي قُطعت للإسرائيليين قبل العدوان الأخير وبعده، في شأن تأمين الحماية لهم، معترفا أنه شبع من مثل هذه الوعود.
ولم يخف فايروف ما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين، حول عودة "حماس" إلى تدريب قواتها والاستعداد لترميم الأنفاق الهجومية، إذ أقرّ بأن الذراع العسكرية لحركة "حماس" عادت فور انتهاء الحرب إلى الأنفاق وترميمها، ناهيك عن عودة "حماس" إلى تجارب إطلاق الصواريخ وقيامها بعشرات التجارب في هذا الصدد. كما تواصل "حماس" تدريباتها، استعداداً للمعارك المقبلة، لذلك لم يعد واضحاً من سيتغلب على الآخر.