أكدت مصادر عراقية متطابقة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن الضربات الأميركية الأخيرة التي استهدفت مواقع وثكنات تابعة لفصائل عراقية مسلحة داخل الأراضي السورية، ضمن محافظة دير الزور شرقي البلاد على الحدود مع العراق، لم تسفر عن أي خسائر بشرية.
ونفذت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية على مواقع قالت إنها تابعة لجماعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و9 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، في البوكمال ودير الزور شرقي سورية، رداً على هجمات تعرضت لها القوات الأميركية في العراق وسورية. ووفقاً لبيانات عن البنتاغون فإن الضربات استهدفت مواقع "يستخدمها الحرس الثوري وجماعات يدعمها".
وشنت جماعات عراقية مسلحة، تُصنف على أنها حليفة لطهران، سلسلة من الهجمات المسلحة بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة استهدفت قواعد ومعسكرات للجيش الأميركي داخل العراق وسورية، رداً على "الدعم الأميركي للاحتلال الإسرائيلي" في العدوان على غزة، بحسب بيانات نشرتها تلك الجماعات، وتبنت من خلالها تلك الهجمات.
لا خسائر بشرية داخل سورية
وأمس الأحد، تحدثت ثلاثة مصادر متطابقة في العاصمة بغداد، بينها قيادي بارز في جماعة "عصائب أهل الحق"، المدعومة من طهران، لـ"العربي الجديد"، عن أن الضربات الأميركية الأخيرة، لم تسفر عن أي خسائر بشرية في صفوف الجماعات العراقية المسلحة الموجودة داخل الأراضي السورية.
الفرطوسي: الضربات الأميركية لن توقف عمليات المقاومة
وقال أحد المصادر إن موقعاً واحداً من التي تم استهدافها من قبل القوات الأميركية في منطقة الميادين السورية، ما زال تابعاً لفصيل "كتائب سيد الشهداء"، والأخرى تم إخلاؤها منذ فترة، لانتفاء الحاجة لها منذ انتهاء المعارك مع تنظيم "داعش".
وأعلن عضو آخر في جماعة "كتائب حزب الله" أن الضربات الأخيرة التي نفذت على القواعد الأميركية كلها كانت من داخل العراق، تنظيماً وتنفيذاً. وبين أن الضربات الأميركية الأخيرة، لم تسفر عن خسائر في صفوف الجماعة، التي تنشر في مناطق غرب العراق على الحدود مع سورية.
وينتشر في العراق نحو 2500 عسكري أميركي، موزعين على عدة مواقع أبرزها، قاعدتي "حرير" في أربيل و"عين الأسد" في الأنبار، ومعسكر "فيكتوريا"، الملاصق لمطار بغداد. وتضم تلك المواقع الثلاثة العسكريين الأميركيين الذين يحملون صفات مستشارين ومدربين ومقدمي خدمات المعلومات للقوات العراقية، وفقاً لاتفاق وقعته بغداد مع واشنطن نهاية 2020، وما زال سارياً لغاية الآن، فيما يضغط حلفاء إيران السياسيون في العراق، ضمن قوى "الإطار التنسيقي"، على حكومة محمد شياع السوداني، لإنهاء الوجود الأميركي العسكري والانسحاب من الاتفاق.
الضربات الأميركية لن توقف عمليات المقاومة
وقال المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء" العراقية كاظم الفرطوسي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن الضربات الأميركية الأخيرة لم توقع أي خسائر بين صفوف جماعته أو الجماعات العراقية الأخرى.
ووصف الفرطوسي الضربات الأميركية، بأنها "تهديدات وضغوط"، لكنه شدد على أنها "لن توقف عمليات المقاومة الإسلامية العراقية، بل سوف تتصاعد تلك العمليات مع تصاعد أعمال الكيان الصهيوني والدعم الأميركي لجرائمه ضد الشعب الفلسطيني".
وقال الباحث في الشأن الأمني العراقي، سعد الحديثي لـ"العربي الجديد"، إن "الجانب الأميركي والإيراني، لا يريدان التصعيد، لذا فإن الضربات من كلا الطرفين تبقى تحت سقف معقول أو مسيطر عليه".
مؤيد الجحيشي: الضربات الأخيرة كانت تحذيرية للحكومة العراقية
وأضاف أنه "من أصل نحو 20 طائرة مسيرة مفخخة وعدد كبير من الصواريخ، التي استهدفت مواقع أميركية في العراق وسورية في الأسابيع الأخيرة، يظهر أثر ضعيف لها في عمليات التفجير أو آثارها، وكذلك الأمر بالنسبة للأميركيين فإن الاستهداف لم يكن له صدى على مستوى الخسائر بين صفوف الجماعات المسلحة".
وأرجع الحديثي ذلك إلى "رغبة الطرفين بعدم توسعة الصراع أكثر، والتركيز على الحرب في غزة، التي تسعى واشنطن وإسرائيل من خلالها لتحييد المقاومة الفلسطينية". واعتبر، في الوقت نفسه، أن هجمات الفصائل تهدف "لحفظ ماء الوجه والتخلص من ضغوط الجمهور الذي يطالبها بموقف يطابق شعارات محور المقاومة".
توقع انتقال الضربات الأميركية إلى العراق
لكن المحلل السياسي العراقي مؤيد الجحيشي توقع، في حديث مع "العربي الجديد"، ضربة أميركية جديدة تستهدف مواقع هذه الجماعات مع استمرار استهداف القواعد الأميركية. وبيّن أن "القصف الأميركي لن يكون في سورية فقط، فقد ينتقل إلى العراق إذا استمرت تلك العمليات ضد القوات الأميركية".
وأضاف أن "الضربات الأخيرة كانت تحذيرية للحكومة العراقية، ولهذا يتوقع أن يكون هناك خسائر بالضربات القادمة مما يجعل الساحة مهيئة لتصعيد أكبر داخل العراق، قد يشمل استهداف قيادات بفصائل عراقية مسلحة".
وزار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العاصمة العراقية، في 5 الشهر الحالي، وطلب من السوداني "ضبط الفصائل المسلّحة"، وفقاً لمصادر سياسية ببغداد، بالإضافة إلى منع أي أنشطة عدائية لفصائل مسلّحة منضوية ضمن "الحشد الشعبي" في الأراضي السورية، وتستهدف القوات الأميركية أيضاً، محذراً من رد عسكري أميركي واسع عليها في حال تسببت تلك الهجمات بأي خسائر.
كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان وقتها، أن "بلينكن ناقش مع السوداني في بغداد الصراع بين إسرائيل وحماس، والحاجة إلى منع انتشار الصراع، بما في ذلك في العراق".
وأوضح أن "بلينكن حث السوداني على محاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على الموظفين الأميركيين في العراق، والوفاء بالتزامات العراق بحماية كلّ المنشآت التي تستضيف موظفين أميركيين بدعوة من الحكومة العراقية"، مؤكداً أن "الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها وأفرادها".