لا تفاؤل مصرياً بتعاطي حكومة نتنياهو مع مقترح هدنة غزة

04 يونيو 2024
شكري ونظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في مدريد، أمس (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مصر تسعى لتحقيق هدنة في غزة رغم التشاؤم من موقف إسرائيل الرافض للمقترح الأمريكي الذي يدعو لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، مع تأكيد إسرائيل على رفض أي هدنة قبل القضاء على حماس.
- الاجتماع الثلاثي في القاهرة بين مصر، الولايات المتحدة، وإسرائيل لم يحقق تقدماً يذكر نحو الهدنة، في ظل استعداد حماس للتعامل بإيجابية مع المقترح الأمريكي وضغوط دولية وإقليمية لإقناع إسرائيل.
- المحللون يرون أن المبادرة الأمريكية قد تواجه صعوبات بسبب الضغوط الداخلية على نتنياهو والتحديات القانونية، بينما تهدف الجهود الأمريكية والمصرية لتحقيق إنجاز دبلوماسي يحسن الوضع الإنساني في غزة ويفتح الباب للسلام وإعادة الإعمار.

قالت مصادر مطلعة على جهود الوساطة التي تقوم بها مصر لوقف الحرب على قطاع غزة، لـ"العربي الجديد"، إن "المسؤولين المصريين غير متفائلين بموقف حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو من الطرح الجديد الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام، والذي يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، لا سيما مع التصريحات المتعددة التي صدرت عن نتنياهو شخصياً وأعضاء آخرين في حكومته، بشأن مقترح هدنة غزة والرافضة لوقف الحرب قبل القضاء على حركة حماس".

رهان مصري على الضغوط

وأضافت المصادر أنه "مع ذلك، فإن مصر مستمرة في جهودها للتوصل إلى حلّ للأزمة، وتراهن بشكل كبير على مواقف جميع الأطراف بما فيها الولايات المتحدة، للضغط على نتنياهو للقبول بمقترح هدنة غزة، وخصوصاً في ظلّ المهلة التي كان حدّدها الوزيران بني غانتس وغادي أيزنكوت لنتنياهو لوضع خطة لما بعد الحرب"، وهي الثامن من يونيو/حزيران الحالي.

مصادر مطلعة: مصر تراهن على موقف جميع الأطراف وعلى مهلة غانتس وأيزنكوت

ولفتت المصادر إلى أن "الاجتماع الثلاثي الذي عقد في القاهرة، أول من أمس الأحد، وضمّ وفداً أمنياً مصرياً ووفدي الولايات المتحدة وإسرائيل، لبحث موقف معبر رفح، وإمكانية الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني منه حتى يتم تشغيله مرة أخرى، لم ينته إلى أي نتائج محددة، وهو ما ساهم في خفض مستوى تفاؤل الوفد المصري بشأن مقترح هدنة غزة وبشأن استجابة حكومة الاحتلال إلى أي مبادرات جدّية لحل الأزمة". ويأتي ذلك بحسب المصادر، "على الرغم من أن الطرف الآخر فيها، وهو حماس، أبدى استعداداً كاملاً للتعامل بإيجابية مع الطرح الأميركي، رغم عدم تسلم الحركة تفاصيل هذا المقترح".

وفي سياق ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، الدكتور باسم نعيم، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن الحركة "لم تتسلم حتى اللحظة (بعد ظهر أمس الاثنين) وبشكل رسمي، أي ورقة مكتوبة تحتوي على تفاصيل الخطة المقترحة لوقف الحرب وتبادل الأسرى والرهائن".

من جهته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، إن "التصريحات المبدئية لحركة حماس، تشير إلى أنها تلقت مقترح وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي جو بايدن، بشكل إيجابي"، مشيراً إلى أن مصر "في انتظار الرد الإسرائيلي" بشأن مقترح هدنة غزة. وأكد شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، في العاصمة الإسبانية مدريد، على "ضرورة قبول المقترح الحالي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين، محذراً من أن "الحرب على قطاع غزة تعرّض المنطقة للفوضى"، وأن "ممارسات إسرائيل تنتهك القانون الدولي".

توقعات لمآلات مقترح هدنة غزة

وحول توقعاته لمستقبل مقترح هدنة غزة، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المبادرة التي طرحها بايدن من حيث التوقيت، تأتي قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن لإلقاء كلمة أمام مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس الأميركي، فسيكون عليه أخذ المبادرة بعين الاعتبار". كما تأتي مبادرة بايدن وفق قوله "قبل انتهاء المهلة التي أعطاها كل من الوزيرين الإسرائيليين غانتس وأيزنكوت لنتنياهو لوضع خطة لما بعد الحرب، وإلا ينسحبان من الحكومة فتسقط، كما أنها تأتي بعد وصول إسرائيل إلى أقصى عزلة وإدانات دولية منذ نشأتها، وتجر معها الولايات المتحدة في ما ارتكبته وترتكبه من جرائم، ووصول العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى أعلى درجات التوتر وتلميحات بتجميدها مع اتفاقية السلام مع إسرائيل". كما لفت إلى أن مبادرة البيت الأبيض "تأتي بعد إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من قبل محكمة أميركية بـ34 تهمة، ورغبة بايدن في تحقيق إنجاز يحسّن موقفه الانتخابي".

وتابع حسن: "أما المبادرة ذاتها، فهي مبنية على المبادرة المصرية القطرية السابقة التي وافقت عليها حماس، مع إدخال إسرائيل بعض التعديلات عليها، ما جعل بايدن يقول إنها مبادرة إسرائيلية". وتساءل: "هل صياغتها هذه المرة ستحوز قبول حماس أم أن فيها كلمات تقبل أكثر من تفسير وجملا تجعل الانتقال من مرحلة إلى مرحلة من الممكن التحايل عليه من قبل إسرائيل وإفساده، أم أن قول بايدن إن واشنطن والقاهرة والدوحة ستضمن هذه المبادرة في حال الموافقة عليها، يطمئن حماس، أم أنه يمكن إجراء تعديلات طفيفة لتقبلها حماس؟ هذا ما سيظهر في الأيام المقبلة".

رخا أحمد حسن: إعلان بايدن يعني إما أنه جاد أو أنه يبرئ ذمته

ولفت الدبلوماسي المصري السابق، إلى أن "إعلان بايدن المبادرة بنفسه، إما يعني أنه جاد هذه المرة في التوصل إلى إنهاء الحرب وبدء الإعمار والسلام، أو أنه يبرئ ذمته ويخفف بعضاً من الانتقادات الموجهة للموقف الأميركي الداعم لإسرائيل". وقال: "عموماً، فإنه دون الجهود والدعم الأميركي الحقيقي للمبادرة، فقد تنتهي إلى مصير سابقاتها".

من جهته، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي المصري، محمد سيد أحمد، أن مقترح هدنة غزة المعدل الذي أعلنه بايدن "لن يلقى قبولاً من قبل بنيامين نتنياهو"، معرباً عن اعتقاده في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "استمرار العملية في رفح يؤكد أن المقترح الذي قدّمه بايدن غير مقبول لدى نتنياهو الذي يعلم جيداً أن انتهاء هذه الحرب يعني دخوله في محاكمات وقد يتعرض بالفعل للسجن، وبالتالي يعني ذلك أن المقترح قد لا يلقى القبول".

حسام شاكر: يستشرف نتنياهو أزمة داخلية مرشحة لتصعيد كبير

بدوره، قال الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية والدولية، حسام شاكر، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الواضح أن ما عرضه بايدن حمل ضغطاً نوعياً على الجانب الإسرائيلي وتحديداً على قيادة بنيامين نتنياهو، ووضعها في زاوية صعبة، ومن المؤكد أن قيادة الاحتلال الآن بعد هذا الضغط، وبالتلازم مع جملة من التحولات الميدانية والسياسية الداخلية أيضاً، تجد نفسها إزاء تحدٍ كبير لأنه خلال أيام ستنقضي المهلة التي حدّدها غانتس بشأن بقائه في الحكومة، وسيكون مستقبل مجلس الحرب الإسرائيلي في مهب الريح، وعلى هذا الأساس يستشرف نتنياهو أزمة داخلية مرشحة لتصعيد كبير، وفي المقابل تواجه قيادة نتنياهو أيضاً مأزق المحكمة الجنائية الدولية، وما صدر من قرار من المدعي العام للمحكمة كريم خان (طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت)، وهذا طبعاً يضع عليه ضغطاً بشكل خاص".