كيم يصعّد قبل عهد بايدن: أميركا عدوّنا الأكبر

10 يناير 2021
كوريون جنوبيون يستمعون لخطاب الزعيم الشمالي (فرانس برس)
+ الخط -

في حمأة الملفات المنتظرة في عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، يبقى ملف كوريا الشمالية من الملفات البارزة لصلته بالشرق الآسيوي، وتأثيره على حلفاء الولايات المتحدة التقليديين هناك، مثل كوريا الجنوبية واليابان. وعلى الرغم من القمم الثلاث التي جمعت الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ـ أون مع الرئيس الأميركي الخاسر دونالد ترامب بين عامي 2018 و2019، إلا أن العلاقة المستقبلية مع بايدن ليست واضحة المعالم. وهو ما حدا بكيم إلى رفع سقف الشروط والتفاوض في مؤتمر حزب "العمال" الحاكم المنعقد في الأيام الحالية في بيونغ يانغ، عبر التلويح بتوسيع ترسانته النووية. ويوحي كلام الزعيم الكوري الشمالي أمس السبت، أن المرحلة المقبلة لن تكون مرنة، وقد يعود كل شيء إلى نقطة الصفر، أي إلى ما قبل أول زيارة لمايك بومبيو، في إبريل/نيسان 2018، حين كان مديراً للاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إيه".


تطوّر كوريا الشمالية غواصة نووية من ضمن توسيع ترسانتها

في مؤتمر "العمال" الأول من نوعه منذ 5 سنوات، هدد كيم بتوسيع ترسانته النووية، كاشفاً عن قائمة أنظمة أسلحة فائقة التقنية قيد التطوير، ومنها صاروخ متعدد الرؤوس، وصواريخ نووية تُطلق تحت الماء، وصواريخ طويلة المدى تعمل بالوقود الصلب، وأقمار صناعية للتجسس. وأعلن أن بلاده أكملت خططها للتزوّد بغواصة تعمل بالطاقة النووية، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية. ولفت إلى أنه "تمّ الانتهاء من بحث تخطيطي جديد لغواصة نووية، وهو على وشك الدخول في عملية المراجعة النهائية". وشدّد على أنه لن يستخدم ترسانته النووية ما لم تعتزم "القوى المعادية" استخدام أسلحتها النووية ضد كوريا الشمالية أولاً. وأكد ضرورة تعزيز كوريا الشمالية قدرات الهجوم الدقيق على أهداف في مدى الضرب البالغ 15 ألف كيلومتر، في إشارة واضحة إلى البرّ الرئيسي للولايات المتحدة. ورأى كيم أن "لا شيء سيكون أكثر حماقة وخطورة من عدم تعزيز قوتنا بلا كلل والتحلي بموقف سهل، في وقت نرى فيه بوضوح زيادة أسلحة العدو المتطورة أكثر من أي وقت مضى". واعتبر أن "الحقيقة هي أنه يمكننا تحقيق السلام والازدهار في شبه الجزيرة الكورية، عندما نبني باستمرار دفاعنا الوطني ونقمع التهديدات العسكرية الأميركية". لم يذكر كيم أي إجراءات أميركية محددة، علماً أن كوريا الشمالية وصفت سابقاً التدريبات العسكرية الأميركية المنتظمة مع كوريا الجنوبية، والرحلات الجوية لطائرات المراقبة الأميركية والوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية بأنها "دليل على العداء".
وتطرق الزعيم الكوري الشمالي إلى مصير العلاقات مع الولايات المتحدة، موضحاً أنها تعتمد على ما إذا كانت ستتخلى واشنطن عن سياسة العداء التي تنتهجها. واعتبر أن "أياً كان من يتولى منصب الرئيس في الولايات المتحدة، فإن طبيعتها الأساسية وسياستها العدائية لن تتغير أبداً". ومن غير المرجح أن يعقد بايدن، الذي سيتولى منصبه رسمياً في 20 يناير/كانون الثاني الحالي، اجتماعات مباشرة مع كيم، ما لم يتخذ الزعيم الكوري الشمالي خطوات مهمة لنزع السلاح النووي.

في السياق، اعتبر الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جماعة "كوريا" في كوريا الجنوبية، نام سونغ ووك، أن "ذلك ينذر بأن العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة لن تكون سلسة في السنوات الأربع المقبلة مع بايدن"، مضيفاً أن "أي تنازلات من كيم غير مرجحة". أما المحلل في برنامج "آسيا" التابع لمركز "ويلسون"، تشونغ سيونغ تشانغ، فرأى أن "خطاب كيم أظهر أنه غير مهتم بمحادثات نزع السلاح النووي مع بايدن، إذا أصرّ على أن المفاوضات على مستوى العمل يجب أن تحلّ القضايا الخلافية أولاً".


كيم: طبيعة الولايات المتحدة الأساسية وسياستها العدائية لن تتغير أبداً

من جانبه، قال نائب رئيس معهد أسان للدراسات السياسية في سول تشوي كانغ، إن "ما تريد كوريا الشمالية إخبار الولايات المتحدة به هو: أننا نطوّر أسلحة استراتيجية جديدة. يمكنكم أن تروا أنها الأكثر تخويفاً. هل تريدون القدوم إلى طاولة المفاوضات؟". وأضاف أنه "بينما يترك كيم الباب مفتوحاً للمحادثات، لا يزال يرسل رسالة إلى بايدن مفادها أنه لن يكون شريكاً سهلاً في أي حوار".

وتكمن أهمية المؤتمر المنعقد في الأيام الحالية بكونه الأول من نوعه منذ خمس سنوات، وجاء في أصعب لحظة في حكم كيم، المستمر منذ تسع سنوات، بسبب تعدّد الصدمات الاقتصادية والاجتماعية. فقد تمّ إغلاق الحدود بسبب تفشي وباء كورونا الذي أدى إلى انخفاض حاد في التجارة الخارجية لكوريا الشمالية، ووقعت سلسلة من الكوارث الطبيعية الصيف الماضي، بالإضافة إلى التأثير السلبي للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة. ووصف كيم الصعوبات بأنها "الأسوأ على الإطلاق" و"غير مسبوقة". واعترف بأن خططه الاقتصادية السابقة فشلت، متعهداً بتبني خطة تنمية خمسية جديدة. وقال إن أهداف التنمية الخمسية الجديدة ستشمل المزيد من الاستثمارات في الصناعات المعدنية والكيميائية وزيادة إنتاج السلع الاستهلاكية. وشدّد على أن كوريا الشمالية ستعزز العلاقات مع الصين، أكبر حليف لها وشريان الحياة الاقتصادي لها.
(أسوشييتد برس، فرانس برس، رويترز)