كيف ضاع نوبل تونس؟

09 أكتوبر 2023
ممثلو اللجنة الرباعية للحوار في باريس، أكتوبر 2015 (Getty)
+ الخط -

يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 2015، أعلنت لجنة نوبل للسلام فوز اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام لـ"دورها في المساعدة في عملية التحول الديمقراطي في البلاد". ولدى إعلانها الجائزة، قالت رئيسة لجنة نوبل حينها، كاسي كولمان، إن اللجنة قدّمت "مساهمة مصيرية في بناء ديمقراطية تعددية"، بعد ثورة عام 2011. والرباعي الراعي للحوار هي منظمات: الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعمادة المحامين التونسيين.

وأضافت رئيسة اللجنة يومها: "لقد بنوا مساراً سياسياً بديلاً وسلمياً عندما كانت البلاد على شفا حرب أهلية، لذا كان دور اللجنة فعالاً في تمكين تونس خلال بضعة أعوام من إقامة نظام دستوري للحكومة يكفل الحقوق الأساسية لجميع السكان، بغضّ النظر عن الجنس أو المعتقد السياسي أو المعتقد الديني".

وقالت لجنة نوبل في بيان الجائزة إنها تأمل أن "تساهم الجائزة في حماية الديمقراطية في تونس وأن تكون مصدر إلهام لجميع أولئك الذين يسعون لتعزيز السلام والديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسائر أنحاء العالم".

والسؤال اليوم، هل ساهمت تلك الجائزة، ومن ورائها ذلك الرباعي في "حماية الديمقراطية في تونس؟". يجيب كثيرون اليوم بالنفي طبعاً، داخل تونس، وخارجها، من أولئك الذين كانوا يأملون خيراً في الديمقراطية الوليدة.

واليوم تُوجَّه انتقادات كبيرة لتلك المنظمات بسبب دورها السلبي منذ انقلاب 25 يوليو/تموز 2021، إذ اختارت شخصيات منها، إما الصمت أو استغلال الفرصة والانحياز إلى الرئيس قيس سعيّد بوضوح، أو غلبتها الحسابات السياسية ودفعتها إلى مواقف متضاربة ومتناقضة مع مبادئها وأفكارها التي تأسست عليها.

ولكن أغلب الانتقادات توجّه طبعاً إلى الاتحاد العام التونسي للشغل، بحكم حجمه وتاريخه وقدرته الفعلية على التأثير في مجرى الأحداث، ولا يفهم كثيرون لماذا سحب مبادرة الحوار الوطني، والبلاد منقسمة ومنهارة وفي أشد الحاجة لاجتماع الفرقاء قبل الانهيار الشامل.

يرى البعض أن الخلاف مع حركة "النهضة" أو مع سعيّد لا يمكن أن يشكل مانعاً أبداً لإجراء الحوار، ففي 2013 كان الاتحاد على موقفه الأيديولوجي والسياسي نفسه من "النهضة"، ووقتها أيضاً أُجري الحوار بلا الرئيس منصف المرزوقي. ولكن للاتحاد حساباته الخاصة التي سيقيّمها التاريخ وحده، إن كانت على صواب أو لا. أما ما أراده العالم منا حين منحنا جائزة نوبل، أي أن نحافظ على الديمقراطية ونلهم الآخرين، فلا نحسبنا نجحنا في ذلك، إلى حد الآن على الأقل، لأن الأمل لا يزال قائماً مع شباب حر ويقاوم.

المساهمون