كيفن مكارثي... "زعيم الجمهوريين" في مجلس النواب المتحدر من كاليفورنيا الديمقراطية

17 نوفمبر 2022
مكارثي بعد انتخابه من الجمهوريين، مساء الثلاثاء (ماندل أنغان/فرانس برس)
+ الخط -

باشر الحزب الجمهوري تمتين مواقعه في الكونغرس الأميركي، في أعقاب الانتخابات النصفية التي أُجريت في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وذلك عبر انتخاب كيفن مكارثي زعيماً لهم في مجلس النواب، مساء أول من أمس الثلاثاء، مما يجعله في موقع متقدم ليصبح رئيساً للمجلس في حال استعاد الحزب الجمهوري سيطرته عليه، وفق التوقعات.

ووفقاً لوكالة "أسوشييتد برس"، فقد حصل الجمهوريون على 217 مقعداً في مجلس النواب من أصل 435، في مقابل 209 للديمقراطيين. ومع تبقّي نتائج 9 مقاعد، يحتاج الجمهوريون إلى مقعد واحد فقط منها لضمان الأكثرية الضئيلة.

وانتخب الجمهوريون بالاقتراع السري مكارثي، المتحدر من ولاية كاليفورنيا، والعضو البارز في القيادة الجمهورية بمجلس النواب منذ عام 2014، ما أبعد إلى حين التحدي الذي يمثله منافسه أندي بيغز، عضو مجمع الحرية اليميني المتطرف.

وبدأ مكارثي حملته الشاقة للفوز برئاسة المجلس، المقررة في 3 يناير/كانون الثاني المقبل، عندما يجتمع النواب المنتخبون حديثاً من الديمقراطيين والجمهوريين لانتخاب رئيس لهم، وهو ثالث أهم منصب سياسي في الولايات المتحدة بعد الرئيس ونائب الرئيس. وسيكون لمكارثي، في حال أصبح رئيساً لمجلس النواب، رأي كبير في ما إذا كانت لجنة التحقيق في أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 ستواصل عملها.

سيضطر مكارثي كذلك إلى تحديد مقدار الدعم الذي يستعد مجلس النواب لتقديمه إلى أوكرانيا

 

وإذا حدث ذلك، فقد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى ترامب. وقد يحتاج كل من مكارثي وترامب إلى الاعتماد على بعضهما البعض خلال العامين المقبلين، وهما يصرّان على أنهما قد وضعا النزاعات السابقة وراءهما.

وأدى ضعف أداء الجمهوريين في الانتخابات إلى إضعاف مكارثي أيضاً، إذ لم تتحقق "الموجة الحمراء" التي تنبأ بها المحافظون، ممهدة الطريق لاحتمال حصول انشقاقات داخلية في المعسكر الجمهوري، بما في ذلك ترشح متمرّد في الحزب مثل بيغز، وهو ما يمكن أن يعقّد عملية انتخاب مكارثي. وسبق أن أوضح الجناح المحافظ في الحزب أنه سيضع شروطاً قبل دعم مكارثي.

وفي تغريدة له عبر "تويتر"، لفت مكارثي إلى أنه إذا أصبح رئيساً للمجلس، فسيتخذ إجراء لإصلاح ما أفسدته نانسي بيلوسي بشدة. وأضاف أن عمل الجمهوريين في مجلس النواب سيبدأ على الفور بما يلي: "الوفاء بالتزامنا تجاه أميركا، وتحميل هذه الإدارة المسؤولية، وتوقيف جدول أعمال بايدن".

مسيرة مكارثي

ويتحدر الجمهوري مكارثي من بيكرسفيلد في ولاية كاليفورنيا، المعروفة بأنها أحد المعاقل الصلبة للديمقراطيين، إلى جانب إيلينوي ونيويورك. وهو ابن رجل إطفاء وجدّه كان مربي ماشية. نال بكالوريوس في العلوم في عام 1989 وماجستير في إدارة الأعمال في عام 1994، من جامعة كاليفورنيا. وتخلى عن الدراسة فترة قصيرة، بعد فوزه بمبلغ 5 آلاف دولار في اليانصيب في الولاية، ليؤسس مشروعاً تجارياً للوجبات السريعة، ثم استخدم العائدات للعودة إلى دراسته.

انتُخِبَ مكارثي لعضوية مجلس ولاية كاليفورنيا في عام 2002، وصار زعيم الأقلية هناك بعد أكثر من عام بقليل. ومكارثي كان عضواً في مجلس النواب بعد خمس سنوات، وصار أمامه طريق سلس إلى القمة، فأصبح نائب رئيس الحزب الجمهوري في عام 2009، و"سوط الأغلبية" (مهمته التأكد من عدم خروج الأعضاء عن موقف الحزب خلال التصويت على القوانين) في عام 2011، وزعيم الأغلبية بحلول عام 2014.

وإذا أصبح مكارثي رئيساً لمجلس النواب، فسوف يرث أحد أكثر المجالس انقساماً منذ أجيال، وستمتلئ منصته الداخلية بالمشاكل المعقدة. وسيتعين عليه أن يقرر مدى تعاون الجمهوريين في مجلس النواب، في ظل وجود الرئيس الديمقراطي جو بايدن في البيت الأبيض، وسيتعرض لضغوط من أولئك الذين ينتمون إلى يمين حزبه لدعم إجراءات العزل ضد مجموعة من المسؤولين، بمن في ذلك الرئيس.

وسيضطر مكارثي كذلك إلى تحديد مقدار الدعم الذي يستعد مجلس النواب لتقديمه إلى أوكرانيا، ذلك أن الأموال والأسلحة الأميركية أساسية لإبقاء الروس في مأزق طوال الصراع، ولكن كانت هناك دعوات من زملاء مكارثي الجمهوريين إلى قطع التمويل عن كييف، خصوصاً في ضوء تدهور الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة. ولمكارثي أفكار قريبة من الرئيس السابق دونالد ترامب، وكان من مؤيديه للترشح إلى الرئاسة في عام 2016، بحجة أنه سيكون قادراً على "لمّ شمل" الجمهوريين.

ووصفه الرئيس السابق بـ"كيفن الخاص بي". لكن مكارثي وبعد دعمه ترامب لفترة طويلة، عاد واعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 3 نوفمبر 2020، ودان اقتحام الكونغرس من قبل أنصار ترامب في 6 يناير/كانون الثاني 2021. وهو ما يجعله على مشارف معركة داخلية، تحديداً مع ترامب، الذي أعلن ترشحه، مساء الثلاثاء، للرئاسة الأميركية.

ويخشى مكارثي أن يتحول إلى ضحية لهجمات مستقبلية لترامب، كما حصل مع زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل. وربما يكون أكبر صداع لمكارثي هو اختيار المرشح الجمهوري المقبل للرئاسة. وفي حال تم الاتفاق الحزبي على ترشيح ترامب، فسيضطر للعمل معه، وهو ما يعني حكماً أن على الرجلين وضع الخلافات السابقة وراءهما.

وبالإضافة إلى ترامب، يثير حضور بيغز مخاوف مكارثي من مزاحمته على رئاسة مجلس النواب في 3 يناير المقبل. وسبق لمكارثي أن قال أمام مجموعة من الجمهوريين في 15 يونيو/حزيران 2016: "هناك شخصان أعتقد بأن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يدفع لهما: (دانا) روربيكر (وهو من أشد أنصار روسيا بين الجمهوريين)، وترامب".

داعم لإسرائيل

نفى مكارثي هذا الكلام لاحقاً. وبعد انتشار شريط عن المحادثة في مايو/أيار 2017، قال: إنها كانت محاولة سيئة للمزاح. نال مكارثي تبرعات من مجموعات مؤيدة لإسرائيل في انتخابات الكونغرس في 2018، وسبق له أن زار إسرائيل في عام 2010 برفقة 30 عضواً جمهورياً. وسبحوا في بحيرة طبريا.

وفي عام 2019، هدد باتخاذ إجراءات ضد النائبتين رشيدة طليب وإلهان عمر، اللتين انتقدتا إسرائيل بشدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأيّدتا مقاطعة إسرائيل. وقال: "إن لم يتخذ الديمقراطيون خطوات في هذا الصدد، فأعتقد أنكم سترون ما يمكنني فعله". لكن لم يقدم على شيء لاحقاً.

وأبدى دعمه في يناير 2020 لضمّ الضفة الغربية المحتلة، موجهاً رسالة تهنئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، بنيامين نتنياهو. ودافع مكارثي عن اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في 3 يناير 2020، ومنتقداً بيلوسي لـ"دفاعها عن سليماني". ومع أنه دافع عن قرار ترامب الانسحاب من أفغانستان، إلا أن مكارثي انتقد الطريقة التي فعل بايدن بها ذلك.

ولا يؤيد مكارثي أي قانون لتسهيل الهجرة أو إقامة المهاجرين غير النظاميين. كما أنه يعارض، كترامب، آراء العلماء حول التأثير البشري على المناخ العالمي، وعارض مراراً قوانين متعلقة بالبيئة وبتأثير الوقود الأحفوري على المناخ. وعدا ذلك، فإن أحداثاً عديدة ارتبطت باسم مكارثي؛ ففي تحقيق أجري في أكتوبر/تشرين الأول 2018 تلقت شركة "فورتكس للبناء"، المملوكة لويليام "بيل" واجس، صهر مكارثي، مبالع بلغت قيمتها 7.6 ملايين دولار منذ عام 2000، على شكل عقود فيدرالية.

وقامت الشركة بالعمل في مشاريع في محطة عسكرية في تشاينا لايك في منطقة بيكرسفيلد (مسقط رأس مكارثي)، وفي محطة عسكرية أخرى في مقاطعة كينغز في كاليفورنيا.

يخشى مكارثي أن يتعرّض لهجمات من ترامب كما حصل مع ماكونيل
 

وفي 23 أكتوبر 2018، اتهم مكارثي، في تغريدة على "تويتر"، الديمقراطيين الثلاثة، جورج سوروس وتوم ستاير ومايك بلومبيروغ، بـ"شراء الانتخابات المقبلة"، والمتعلقة بالانتخابات النصفية التي أجريت في 6 نوفمبر 2018. وجاءت تغريدته بعد يوم من رمي قنبلة صوتية على منزل سوروس.

وردّ ستاير على مكارثي بالقول إن "تغريدته معادية للسامية مباشرة، لأن الديمقراطيين الثلاثة يهود". حذف مكارثي التغريدة لاحقاً لكنه رفض الاعتذار.

وبصفته "ناشطاً" على وسائل التواصل الاجتماعي، ادّعى أن منصات التواصل، مثل "تويتر"، تفرض رقابة نشطة على السياسيين المحافظين ومؤيديهم. ودعا الرئيس التنفيذي السابق لشركة "تويتر"، جاك دورسي، إلى الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس حول هذه المسألة. لكنه عاد وأصبح صديقاً لإيلون ماسك، الذي استحوذ على "تويتر" أخيراً.

وسبق أن حث ماسك الناخبين الأميركيين على دعم المرشحين الجمهوريين في الانتخابات النصفية. جمع مكارثي ملايين الدولارات للجمهوريين الآخرين في السباقات الانتخابية في جميع أنحاء البلاد. ويدين العديد بمناصبهم له، وبعد عامين من الانتخابات الرئاسية، سيرغب الحزب في الظهور متحداً ضد الحزب الديمقراطي، تمهيداً لرئاسيات 2024.

(العربي الجديد، فرانس برس)