كولومبيا تصدّر مرتزقة تدربوا على القتال خلال عقود من النزاع المسلح

10 يوليو 2021
ينشط عسكريون كولومبيون سابقون في سوق المرتزقة في العالم (Getty)
+ الخط -

ينشط عسكريون كولومبيون سابقون في سوق المرتزقة في العالم، فيوظفون خبرة اكتسبوها على مدى عقود من القتال ضد مهربي المخدرات والمتمردين، لخوض معارك في اليمن وأفغانستان، ومراقبة خطوط أنابيب نفط في الشرق الأوسط، وصولاً إلى تدبير عملية اغتيال رئيس هايتي.

ويشتبه بأن 26 كولومبيا، قُتل اثنان منهم على الأقل وأوقف 15، شاركوا في اغتيال رئيس هايتي جوفينيل مويس، الأربعاء، في مقره في بور أو برانس، بحسب سلطات البلد. وسرعان ما أكدت بوغوتا أن 17 على الأقل من المهاجمين عناصر سابقون في جيشه.

ووجود المرتزقة في الدولة الصغيرة الواقعة في الكاريبي، يسلط الضوء على مشاركة جنود محترفين سابقين في السوق الدولية المربحة للمرتزقة، حيث الحضور الأكبر للشركات الأمنية الإنكليزية والفرنسية والبلجيكية والجنوب أفريقية.

وأوضح خورخي مانيا، الباحث في الظواهر الإجرامية في جامعة إيلينوي بولاية شيكاغو، لوكالة "فرانس برس"، أنه في كولومبيا "هناك خبرة كبيرة في مجال الحروب غير التقليدية (...) الجندي الكولومبي مدرّب، لديه خبرة قتالية، كما أنه يد عاملة قليلة الكلفة".

وكولومبيا، البلد البالغ عدد سكانه 50 مليون نسمة، والذي شهد نزاعاً مسلحاً داخلياً استمر عقودا، منجم لا ينضب من الجنود، إذ تعدّ قواته المسلحة 220 ألف عسكري، جميعهم مقاتلون شرسون معتادون على التحرك في محيط معاد، سواء لمكافحة عصابات تهريب المخدرات أو عناصر القوات المسلحة الثورية (فارك) سابقا، أو مقاتلي جيش التحرير الوطني، آخر مجموعة مسلحة لا تزال تنشط في البلد.

ويغادر آلاف الجنود صفوف الجيش كل سنة، سواء لتعذّر الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب، أو لاستبعادهم بسبب سوء سلوكهم، أو لإتمامهم عامهم العشرين في الخدمة.

وقال الكولونيل جون مارولاندا، رئيس "الجمعية الكولومبية للضباط المتقاعدين من القوات المسلحة"، في مقابلة أجرتها معه إذاعة "دبليو راديو" المحلية، إنه في كل سنة "يخرج ما بين 10 و15 ألف جندي من صفوف الجيش (...) إنها بيئة إنسانية من الصعب للغاية السيطرة عليها".

وأوضح أن العسكريين الذين يخرجون من الجيش هم بصورة عامة شبان معاشاتهم التقاعدية متدنية، ما يجعلهم "منفتحين على فرص اقتصادية أفضل".

ازدهار القطاع

واعتبر أن الوحدة الخاصة التي يشتبه بأنها نفّذت العملية في هايتي هي "نموذج" لتجنيد عسكريين كولومبيين سابقين كمرتزقة من قبل شركات خاصة لتنفيذ عمليات في الخارج. وأعلنت السلطات الكولومبية أن لديها معلومات عن أربع شركات ضالعة في العملية في هايتي، من دون كشف مزيد من التفاصيل.

وذكرت امرأة عرّفت عن نفسها أنها رفيقة أحد الكولومبيين الموقوفين في هايتي، فرانسيسكو إيلاديو أوريبي، الخميس، لإذاعة "دبليو راديو"، أنه تلقى اتصالا من شركة عرضت عليه أجرا قدره "2700 دولار في الشهر" للانضمام إلى الوحدة المسلحة.

وخرج الرجل من الجيش عام 2019، وكان موضع تحقيق في كولومبيا في قضية مقتل مدني حين كان عسكريا، في إطار فضيحة "الحالات الإيجابية الزائفة" المتعلقة بقتل 6400 مدني بين 2002 و2008 قدمهم الجيش على أنهم مقاتلون من حركات التمرد اليسارية. وكان العسكريون يحصلون على ترقيات وإجازات لقاء هذه النتائج "الإيجابية".

وفي مايو/أيار2011، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن طائرة تقلّ عشرات العسكريين السابقين الكولومبيين حطت في أبوظبي، للانضمام إلى قوات من المرتزقة يعملون لحساب الشركة الأمنية الخاصة الأميركية "بلاك ووتر" لمراقبة البنى التحتية في الإمارات العربية المتحدة. وبعد أربع سنوات، أوردت الصحيفة أن مئات الكولومبيين يقاتلون المتمردين الحوثيين في اليمن لحساب دولة الإمارات.

وأوضح خورخي مانيتا "حصلت فورة في هذا القطاع" منذ عشر سنوات، حين بدأت الولايات المتحدة تبديل قواتها في الشرق الأوسط بـ"شركات أمنية خاصة، لأن ذلك يتضمن كلفة سياسية أدنى على صعيد الخسائر، ويشكل نطاقا ملتبسا في القانون الدولي".

وبإزاء احتمال حصول انتهاكات لحقوق الإنسان، فإن "المسؤولية القانونية تكون على عاتق المرتكبين الماديين" وليس الدولة أو الشركات المتعاقدة معهم، بحسب الباحث.

(فرانس برس)

المساهمون