31 أكتوبر 2020
+ الخط -

على بعد أيام فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يحاول المرشحان، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطي جو بايدن، حشد الناخبين، مع إدلاء أكثر من 87 مليون أميركي حتى الآن بأصواتهم في الاقتراع المبكر.

ومع عودة انتشار فيروس كورونا بضراوة في أرجاء الولايات المتحدة، وجّه ترامب في الأيام الأخيرة من حملته الانتخابية لوماً قاسياً للمسؤولين الحكوميين المعنيين بالتصدي للجائحة والعاملين في المجال الطبي.

وخلال حملته في الغرب الأوسط يوم الجمعة، ألقى ترامب أيضاً رسالة ختامية تعهد فيها بتحقيق انتعاش اقتصادي وتوفير لقاح للتصدي للجائحة التي أثقلت كاهل المستشفيات وتحصد أرواح ما يصل إلى ألف أميركي يومياً.

لكن باقة التفاؤل هذه كانت مرفقة بانتقادات قوية لمنافسه الديمقراطي جو بايدن وكثيرين غيره. وألقى ترامب اتهامات جزافاً، فقال إن الأطباء يجنون قدراً أكبر من المال عندما يموت مرضاهم، مواصلاً انتقادات سابقة لخبراء في المجال الطبي مثل الدكتور أنتوني فاوتشي كبير خبراء الأمراض المعدية في البلاد.

وقال الرئيس الأميركي للصحافيين إنه لا يشعر بالقلق من احتمال إصابة مؤيديه الذين يتوافدون على تجمعاته الانتخابية بالفيروس، رغم أنه مع أفراد من عائلته والعديد من موظفي البيت الأبيض صارعوا المرض في الأسابيع الأخيرة.

وانتقد ترامب المسؤولين الديمقراطيين في مينيسوتا لفرضهم قواعد التباعد الاجتماعي والتي جعلت تجمعه الانتخابي قاصراً على 250 شخصا، وقال "هذا شيء صغير لكنه شيء مروع".

وحذر ترامب الناخبين من أن بايدن سيمنع الأميركيين من الاحتفال بعيد الشكر وعطلات عيد الميلاد والمناسبات الأخرى إذا فاز بالمنصب.

ووجه ترامب انتقادات حادة لبايدن من مينيسوتا، قائلاً إنه سياسي فاسد، لم يفعل سوى خيانة الأميركيين لمدة 47 عاماً، وباعهم لجماعات الضغط، والصين، والدول الخارجية، لافتاً إلى أنه سيطعنهم في الظهر، لأنه يهتم فقط بقوته السياسية، وأنه سيستخدم تلك القوة لإثراء أصدقائه.

وتظهر استطلاعات الرأي أن ترامب (74 عاماً) يأتي خلف بايدن (77 عاماً) سواء على الصعيد العام أو في الولايات المتأرجحة التي ستقرر نتيجة انتخابات يوم الثلاثاء المقبل. ويقول الناخبون إن جائحة فيروس كورونا تمثل مصدر القلق الأكبر بالنسبة لهم.

من جهته، اتهم بايدن ترامب بالاستسلام في معركة التصدي للمرض الذي قتل ما يقرب من 229 ألف أميركي وأصاب نحو ثلاثة في المئة من السكان.

وفرضت حملته قيوداً حادة على حجم الحشود في المناسبات والتجمعات أو جعلت المؤيدين يلزمون سياراتهم. وألقى كلمة في ميلووكي أمس الجمعة، وهو يضع كمامة كثيراً ما كانت تنزلق عن أنفه.

وقال بايدن "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمزق أميركا هو أميركا نفسها، وهذا بالضبط ما يفعله دونالد ترامب".

أرقام قياسية لكورونا

وتشهد الولايات المتحدة ارتفاعاً قياسياً في حالات الإصابة بفيروس كورونا على نحو جعل المستشفيات على وشك بلوغ أقصى طاقتها ورفع عدد الإصابات الجديدة المسجلة يوم الجمعة لرقم قياسي عالمي للحالات اليومية بلغ 100 ألف حالة، قبل أربعة أيام فقط من الانتخابات.

وبلغ إجمالي عدد حالات الإصابة في الولايات المتحدة حتى يوم الجمعة تسعة ملايين، وهو ما يمثل نحو ثلاثة في المئة من عدد السكان، وتوفي ما يقرب من 229 ألفاً بالمرض منذ تفشي الجائحة في أوائل العام الحالي، وفقاً لإحصاء "رويترز" الذي تستند فيه للبيانات المعلنة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه البلاد المرحلة الأخيرة من حملة رئاسية صاخبة هيمنت عليها جائحة فيروس كورونا، أعلنت السلطات الصحية الأميركية يوم الجمعة تسجيل 100233 إصابة جديدة بمرض كوفيد-19 الناجم عن الفيروس في الأربع والعشرين ساعة السابقة.

وبالرقم المسجل يوم الجمعة تكون الولايات المتحدة قد بلغت مستوى قياسياً آخر للإصابات الجديدة لخامس مرة في الأيام العشرة الماضية، متجاوزة الرقم السابق البالغ 91248 المسجل في اليوم السابق.

ويمثل الرقم أيضاً أعلى عدد للإصابات في دولة ما بالعالم منذ بدء الجائحة، إذ تجاوز الرقم القياسي الذي سجلته الهند للإصابات اليومية والذي بلغ 97894 في سبتمبر/ أيلول.

واستمرّ تسارع وتيرة الإصابات في الولايات المتحدة كما يتضح من البيانات المعلنة يوم الجمعة، وأبلغت 12 ولاية على الأقل عن تسجيل رقم قياسي بها للإصابات الجديدة.

وتوفي أكثر من ألف مصاب بالمرض يوم الخميس، وهي ثالث مرة يتجاوز فيها عدد الوفيات اليومية بالفيروس ذلك الرقم هذا الشهر، ومن المتوقع أن تستمر الأعداد في الزيادة. وأودى كوفيد-19 بحياة 926 مصابا على الأقل يوم الجمعة.

تجمعات انتخابية

ويتوجه ترامب اليوم السبت إلى ولاية بنسلفانيا التي لم تشهد حتى الآن قفزات كبيرة في حالات الإصابة بكورونا كتلك التي تهدد قدرة المستشفيات في ويسكونسن وغيرها من الولايات الأخرى الحاسمة. ومع ذلك توفي نحو 8700 شخص في الولاية جراء المرض هذا العام.

وسيتوجه بايدن إلى ميشيغن برفقة الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان بايدن نائباً له خلال رئاسته.

وكان ترامب قد فاز في كل من بنسلفانيا وميشيغن بفارق ضئيل في فوزه المفاجئ بالرئاسة عام 2016. وتظهر استطلاعات الرأي التي أجرتها رويترز/إبسوس أن بايدن يتقدم على ترامب بخمس نقاط مئوية في بنسلفانيا وتسع نقاط في ميشيغن، وهاتان الولايتان رئيسيتان للفوز بالانتخابات.

وللمرة الأولى منذ بدء الحملة، سيصعد بايدن على المنصة مع الرئيس السابق باراك أوباما في تجمعين على نسق "درايف إن" في مدينتي فلينت وديترويت في ولاية ميشيغن. وسيكون المغني ستيفي ووندر ضيفاً خلال الأمسية.

وتضم هذه الولاية الواقعة في شمال شرق البلاد 16 من كبار الناخبين من أصل 270 يحتاجها أي مرشح لدخول البيت الأبيض.

ومنذ أسبوع، يضع باراك أوباما شعبيته في خدمة نائبه السابق مع عقد عدة تجمعات انتخابية في فلوريدا وبنسلفانيا خصوصاً.

وسيجول دونالد ترامب اليوم السبت في ولاية بنسلفانيا الأساسية في البلاد، حيث من المقرَّر أن يعقد ثلاثة تجمعات انتخابية. وكان الرئيس فاز بولاية بنسلفانيا أيضاً بشق الأنفس في مواجهة هيلاري كلينتون العام 2016.

إقبال قياسي

ويتوقع المحللون أن يكون إقبال الناخبين على التصويت في انتخابات الرئاسة الأميركية قياسياً بالنظر إلى وجود رئيس تختلف حوله الآراء على بطاقة الاقتراع وجائحة فتاكة تلقي بظلالها على دور الحكومة في تخفيف العبء.

وأدلى ما لا يقل عن 87 مليون أميركي بأصواتهم بالفعل سواء بالحضور الشخصي أو عبر البريد وفقاً لمشروع الانتخابات في جامعة فلوريدا، وهو ما يعادل 63 في المئة من إجمالي الإقبال لعام 2016.

وزعم ترامب مراراً وتكراراً من دون دليل أن بطاقات الاقتراع عبر البريد عرضة للتزوير، وقال في الآونة الأخيرة إنه يتعين الأخذ بالنتائج المتاحة في ليلة الانتخابات فقط. وفي سلسلة من المقترحات القانونية سعت حملته إلى تقييد الاقتراع الغيابي في جميع أنحاء البلاد.

وغرّد عبر "تويتر" الجمعة قائلاً: "الانتخابات يجب أن تنتهي في 3 نوفمبر وليس بعد أسابيع".

وتظهر بيانات التصويت المبكر أن عدد الديمقراطيين الذين صوتوا بالبريد أكبر بكثير، بينما من المتوقع أن يشارك الجمهوريون بأعداد أكبر يوم الثلاثاء.

ويحذر مسؤولون في عدة ولايات منها بنسلفانيا وويسكونسن من أن فرز جميع بطاقات الاقتراع بالبريد قد يستغرق أياماً، مما يؤدي إلى احتمال أن تظل البلاد لعدة أيام في حالة من عدم اليقين إذا كانت النتيجة تتوقف على تلك الولايات.

ووضع ترامب جدولاً مزدحماً للتجمّعات الانتخابيّة التي يخطّط لإجرائها، في حين تتسارع كذلك حملة بايدن التي لطالما كانت تحافظ على هدوئها.

المساهمون