"كوب 27": مكاسب وخسائر مصر من تنظيم مؤتمر المناخ

21 نوفمبر 2022
وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال ترؤسه المؤتمر، 18 نوفمبر (محمد عبد الحميد/الأناضول)
+ الخط -

حتى فجر أمس الأحد، ظلّت المشاورات جارية في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) في مدينة شرم الشيخ بمصر، التي انتهت إلى الاتفاق على إنشاء صندوق "الخسائر والأضرار"، يكرّس لتعويض الأضرار التي تتكبدها الدول الضعيفة جرّاء التغير المناخي. وعوّلت مصر بشدة على تنظيم المؤتمر من أجل تحقيق مكاسب سياسية ومالية، لكن بعد 14 يوماً من الفعاليات التي اختتمت أمس، يبدو أن كثيراً مما كانت تتوقعه لم يتحقق بالشكل المطلوب، على الرغم من بعض المكاسب.

وعلمت "العربي الجديد" أن الرئاسة المصرية كلّفت فريقاً خاصاً تقييم النتائج التي خرجت من المؤتمر، وتحديد حجم الخسائر والمكاسب، بالإضافة إلى تقييم عمل كل وزارة وجهة شاركت في الإعداد للمؤتمر، بما فيها وزارتا الخارجية والبيئة، في سبيل محاسبة "المقصرين".

كوب 27: تركيز على حقوق الإنسان

وشهد المؤتمر تركيزاً على قضية حقوق الإنسان في مصر والانتهاكات المرتكبة، إذ تحول المؤتمر من مناسبة للحديث عن المناخ إلى منتدى سياسي، وخصوصاً عقب المؤتمر الصحافي الذي عقدته سناء سيف، شقيقة الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، على هامش القمة، والذي كان له صدى عالمي واسع. وذهبت وسائل إعلام تابعة للنظام، للقول إن المؤتمر "تمّ خطفه من قبل النشطاء"، حتى إن شخصيات محسوبة أيضاً على النظام، دشنت حملة تطالب الأمم المتحدة برفض "خطف المؤتمر".

تحول المؤتمر من مناسبة للحديث عن المناخ إلى منتدى سياسي

وأكد خبراء الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، أن نشطاء المناخ والمجتمع المدني "تعرضوا للترهيب والمضايقة والمراقبة خلال قمة المناخ في شرم الشيخ"، وحثوا السلطات المصرية على ضمان سلامتهم ومشاركتهم الكاملة.

وقال خبراء الأمم المتحدة إنهم تلقوا تقارير عن تعرض النشطاء لاستجواب في المطار عند دخولهم مصر، ما أثار مخاوف من إساءة استخدام المعلومات التي جُمعَت عن أنشطة منظمات المجتمع المدني خلال "كوب 27". كذلك أعربوا عن قلقهم من أنه بمجرد تحول الأضواء عن مصر في ختام الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف، يمكن استهداف المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان والانتقام منهم، بسبب مشاركتهم في أثناء المؤتمر.

توقعات لم تتحقق

في موازاة ذلك، كانت مصر تتوقع أن تحصل بفضل مؤتمر المناخ على حزم من التمويل تساعدها في تجاوز الأزمة المالية الشديدة التي تواجهها نتيجة النقص الشديد في العملة الأجنبية، بسبب ارتفاع فاتورة استيراد المواد الأساسية نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. لكن ذلك لم يحدث بالشكل المتوقع، إذ إن معظم الاتفاقيات كانت "إطارية".

وأعلنت مصر توقيع عدد من الاتفاقيات لإقامة مشاريع تتعلق بالطاقة المتجددة والرياح والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بلغت 119 مليار دولار، إضافة إلى اتفاقيات إطارية عدة مع شركات طاقة عالمية لإنشاء 9 مشاريع لإنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بتكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 83 مليار دولار.

كذلك حصلت القاهرة على نحو 750 مليون دولار كدعم أميركي وألماني. وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال كلمته في قمة المناخ يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، تقديم 500 مليون دولار لمصر، للتحول إلى الطاقة النظيفة. كذلك قرّرت ألمانيا منح مصر 250 مليون يورو، منها 100 مليون يورو في صورة مبادلة ديون، ومنح تنموية بقيمة 50 مليون يورو، و100 مليون يورو تمويلات إنمائية ميسرة.

الاتفاقيات التي وُقّعت خلال المؤتمر تبقى "إطارية"

كذلك كانت مصر تتوقع أن يشكل مؤتمر المناخ العالمي فرصة لعرض قضيتها الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، والتوصل إلى حل يحفظ حقوقها في مياه النيل، لكن ذلك لم يحدث. وانحصرت القضية في تصريح مقتضب جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أثناء لقائه نظيره الأميركي على هامش القمة. وأكد السيسي "تمسك مصر بالحفاظ على أمنها المائي للأجيال الحالية والمقبلة من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وذلك وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف، ومن ثم أهمية الدور الأميركي للاضطلاع بدور مؤثر لحلحلة تلك الأزمة".

وعلى الرغم من حضور رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى مصر للمشاركة في أعمال مؤتمر المناخ العالمي، إلا أنه لم يلتقِ السيسي، لكنه استغل فرصة مشاركته في الترويج لسد النهضة الذي تبنيه بلاده. وقال أبي خلال كلمته أمام المؤتمر إنّ "من المتوقع أن يكون سد النهضة مصدراً حيوياً للطاقة للبلاد والمنطقة، وأنه لا يزال معدل الوصول إلى الكهرباء في البلاد أقل من 50 في المائة".

زخم سياسي في مؤتمر شرم الشيخ

في موازاة ذلك، شهدت مصر على مدى أيام المؤتمر زخماً سياسياً تجسد بحضور أكثر من 120 من قادة الدول، على رأسهم بايدن، ومشاركة نحو 30 ألف ناشط. واحتفى النظام المصري، ومن خلفه وسائل الإعلام التابعة له، بزيارة الرئيس الأميركي لشرم الشيخ، وتصريحاته خلال لقائه السيسي، التي أكد خلالها "اعتزازه بالعلاقة مع مصر". من جهته، أكد الرئيس المصري أن "الولايات المتحدة تعتبر مصر صديقاً وحليفاً قوياً تعوّل عليه في المنطقة"، معرباً عن "التطلع إلى تكثيف التنسيق والتشاور المشترك حول جميع القضايا الإقليمية والدولية".

وتجاهل الرئيس الأميركي الحديث عن ملف حقوق الإنسان في مصر، مكتفياً بالإشادة بدور مصر في "دعم الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط"، معرباً عن "تطلعه إلى تعزيز التنسيق والتشاور بين الجانبين بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية وقضايا المنطقة"، بحسب بيان رئاسي مصري.

كذلك حصل الرئيس المصري على اعتراف أميركي بالدور الذي تؤديه مصر في "ملف مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف"، حيث أشاد بايدن من جانبه بـ"نجاح الجهود الحاسمة في هذا الإطار وما تتحمله من أعباء"، وتأكيده "دعم الإدارة الأميركية لتلك الجهود"، وقوله إنّ مصر "تُعَدّ شريكاً مركزياً في التصدي لتحدي الإرهاب العابر للحدود".

ويرى مراقبون أنّ الأيام التي قضاها رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في شرم الشيخ، والتي التقى خلالها الرئيس المصري، وشهدت توقيع صفقات عدة بين دول عربية وإسرائيل، ساهمت في التخفيف من حدة الانتقادات التي كان من المتوقع أن يوجهها الرئيس الأميركي للإدارة المصرية.

المساهمون