كواليس ولادة الحكومة اللبنانية و"بند تفجيري" على طاولة مجلس الوزراء

11 سبتمبر 2021
تقاطعات إقليمية ودولية حدثت في ظرف وجيز وحساس (Getty)
+ الخط -

أبصرت الحكومة اللبنانية النور بعد 13 شهراً من الصراع السياسي لتأتي بتركيبتها الوزارية - الحزبية مناقضة تماماً لمطالب الشارع الذي انتفض في 17 أكتوبر 2019 بوجه الطبقة السياسية. اليوم، يسأل اللبنانيون "ماذا في الكواليس؟ وكيف نضجت الطبخة الحكومية رغم تلويح رئيس البرلمان نبيه بري برفضها؟ علامات استفهام يطرحها مواطنون صاروا يشككون في العناوين السياسية التي قد تنقلب بين 24 ساعة من إيجابية إلى سلبية.

وغرّد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله برلمانياً) النائب إبراهيم الموسوي، "لعلّ أعظم ما جلبته سفينة السيد ليس المازوت، وإنما الحكومة! رب همة أنقذت أمة!"، قاصداً بذلك سفينة النفط الإيرانية التي أعلن عن إبحارها إلى لبنان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله.

في السياق، يقول النائب في "الوفاء والمقاومة" إيهاب حمادة، لـ"العربي الجديد"، إن "مجموعة عوامل داخلية وخارجية أدت إلى تشكيل الحكومة، ولا يخفى على أحد أن بواخر النفط الإيرانية كانت عاملاً أساسياً".

ويضيف: "لا يمكن نكران أن الأميركي أصبح مهتماً بتشكيل الحكومة، بعد التوجس الذي رافق إرسال بواخر النفط، والذي دفعه كذلك إلى رفع قيود عن سورية في موضوع استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى لبنان، عدا عن الخوف أيضاً لدى الأميركيين من التوجه شرقاً إلى الصين أو روسيا".

ويلفت حمادة إلى أن "هذه الأمور شكلت ضغطاً على الأميركيين الذين في الوقت نفسه مهتمون بالانتخابات النيابية وإجرائها بموعدها في مايو/ أيار المقبل لأنهم يراهنون عليها لتغيير وجه لبنان الرسمي ويريدون بالتالي تحقيق نوع من الاستقرار والهدوء في البلد خلال هذه المرحلة حتى يكون حاضراً للاستحقاق".

لكن المحلل والكاتب السياسي يوسف دياب يرى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة لم تؤلَّف بجهودِ القوى السياسية الداخلية التي أثبتت أنها عقيمة وغير قادرة على إنتاج سلطة، لأن مصالحها متضاربة وأطماعها كبيرة".

ويتوقف دياب عند العوامل الخارجية التي أدت إلى تشكيل الحكومة، آخذاً بالاعتبار "الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والإيراني إبراهيم رئيسي والذي عبّر ليس فقط عن موقف الإليزيه، بل أيضاً الاتحاد الأوروبي، وليس بعيداً كذلك عن الجوِّ الأميركي المتجه نحو تسوية ملفات المنطقة بشكل واسع".

وفقاً لذلك، يرى دياب أن "الحكومة ولدت نتيجة تقاطعات إقليمية ودولية وفي ظرف قصير وحساس، لذلك حصل الاتفاق خلال ساعات معدودة، وأسقطت الخطوط الحمراء والشروط التي كانت وضعتها القوى السياسية: رئيس الجمهورية ميشال عون ما عادت لديه مشكلة مع الثلث المعطّل، رغم أن البعض يقول إن هناك وزيراً ملكاً قد يكون أخذ الثلث المعطل من خلاله؛ الرئيس ميقاتي بدوره تحدث بداية تكليفه عن تشكيل حكومة اختصاصيين، ليتبين أنها حكومة القوى والأحزاب السياسية. كذلك كان يُحكى عن حكومة قريبة من الواقع العربي وتم تجاوز ذلك أيضاً بحيث إن الواقع الإيراني كان مرجحاً لهذه الحكومة".

من جهة ثانية، وبحسب المعلومات المقربة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فإنّ البيان الوزاري "لن يغدق الكثير من الوعود، وسيتضمن عدداً صغيراً من البنود، منها معالجة آثار انفجار مرفأ بيروت، الاستمرار بمواجهة جائحة كورونا، معالجة الحدّ الأدنى من الانهيار الاقتصادي والمالي والاجتماعي، وتأمين الحدّ الأدنى أيضاً من متطلبات اللبنانيين على صعيد المحروقات والكهرباء، والتحضير للانتخابات النيابية".

في المقابل، "لا حلّ للأزمة إلّا بالدخول في مفاوضات حقيقية وجادّة مع صندوق النقد الدولي، وكل بند من البنود الإصلاحية التي يضعها الصندوق هي مادة تفجير للحكومة على طاولة مجلس الوزراء"، يقول دياب، ويلفت إلى أن "كل فريق له مقاربته للتفاوض مع صندوق النقد وبشكل أساسي حزب الله وحركة أمل (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) باعتبار أن الشروط التي يفرضها لا تتماشى مع الشعبوية التي يطرحها هذا الفريق وتقوم على التوظيف في مؤسسات الدولة بالدرجة الأولى، ومن هذه الشروط مثلاً التي سيعترضون عليها، رفع الدعم، تحرير سعر صرف الليرة اللبنانية، تشحيل الوظائف بالدولة".

وكان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله قد أكد في أكثر من مناسبة وتصريح ضرورة مراجعة الشروط والخطوات المطلوبة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، مشدداً على أننا "لا نقبل تسليم رقابنا لصندوق النقد الدولي".

في الإطار نفسه، يقول نائب "حزب الله" إيهاب حمادة "موقفنا واضح من صندوق النقد الدولي؛ الشروط لن تكون على حساب اللبنانيين أو سيادة لبنان والقرار المستقل، في المقابل نحن نرحب بالتقديمات التي ليست على قاعدة التنازلات".

ويؤكد حمادة أننا "نرفض أي عنوان من عناوين مندرجات صندوق النقد في حال كان يقيد لبنان ويشكل ضغوطات على اللبنانيين من خلال سلة ضرائب، علماً أن حاكم مصرف لبنان حاك وفرض بالأمر الواقع مثلاً بعض بنود صندوق النقد، مثل رفع الدعم، ورأينا آثاره على المواطنين".

وبخصوص البيان الوزاري وما إذا كان موضوع صندوق النقد سيشكل مادة خلافية على صعيد "بند المقاومة"، يقول حمادة: "ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة أصبحت ثابتة ولا يمكن لأحد أن يفاوض عليها، أما في موضوع البيان الوزاري فيبنى على الشيء مقتضاه، والمعنيون باتوا يدركون ما يؤثر سلباً وإيجاباً على إنتاج الحكومة".

ويُعقد مجلس الوزراء يوم الاثنين في أول جلسة له ومن المتوقع أن يشكل لجنة لصياغة البيان الوزاري والذي على أساسه ستنال الحكومة الثقة. ومن المتوقع أن تنال الحكومة الثقة من غالبية الكتل النيابية وقد لا يمنحها إياها حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع وبعض النواب المستقلين.

المساهمون