كوابيس السوريين

19 مايو 2023
تظاهرة ضد الأسد في إدلب، إبريل الماضي (عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

النيّات عادة لا تخضع للمحاسبة. لكنها لخبرة السوريين مع نظامهم منذ 1970، تُطلق عندهم عنان المخيلة الجمعية، وسؤالهم عما إن كانوا "يستحقون" نهاية ما لكوابيسهم المرعبة، كرعب سجون تدمر والمزة وكركون الشيخ حسن، وبقية الباستيلات الأسدية، أو كرعب أمهات تسكنهن آمال بألا يكون مصير أحبتهم كمصير ضحايا حفرة التضامن، وبقية الحفر على امتداد 12 سنة.

حفاوة عودة الأسد الابن إلى جامعة الدول العربية تفرك الملح في جروح لم تندمل بعد. مئات آلاف المكلومين تُغيب صور أحبتهم المخفيين قسراً، ويُغيب مستقبل ملايين المهجرين، تحت خيام العار "الوطنية" والذل في عنصرية وبلادة "الجوار"، وربط انتهازي لـ"حق العودة" بفتح خزائن العرب لتمويل الأسرة الحاكمة في دمشق.

ربما هو زمن حضيض الشعارات، التي ظلت "ماركة مسجلة" عربياً عن اللاجئين الفلسطينيين، وعن "حق العودة" وتقرير المصير وإقامة دولة الحرية والكرامة.

ما هو مؤكد في الروايتين السورية والفلسطينية، أن الثانية على مدار 75 سنة أثبتت لأحفاد العصابات الصهيونية ضراوة الذاكرة ودورها في استحالة المستقبل إلا لأصحابه الأصليين. في الأولى، السورية، وما يجب أصلاً أن تمر 7 عقود لإثباتها، يصعب محو ذاكرة السنوات الماضية، والتي اختزنت لعقود بالوراثة المعنى الأصيل لتسخير "مملكة الأسد" للعصابات والمذابح والقتل الجماعي، لافتعال بدائل عن سورية الأصلية.

فرش السجاد الأحمر لبشار لأسد، هو مسح الدم عن يديه، وتفاخر الهاتفين من الرعية في 2012 بحقيقة سورية النحيفة المتخيلة: "لا عرب ولا عربان... فلتحيا إيران"، وليس سوى مقدمة مأمولة لديه ولدى أمراء حربه بتتويج "حافظ جونيور" مستقبلاً على عرش المملكة الأسدية، وبتعديل "دستوري" بعد بضع سنوات، على مقاس "راعي كل شيء".

كل آمال النظام الرسمي العربي لتمرير الجمل من ثقب إبرة الحائك الحقيقي لسجادة خدعة "وقف الإغراق بالكبتاغون"، و"إبعاد الإسلاميين عن السلطة"، ستصير كبقية قائمة بوفيه الأوهام، والتي برع حافظ الأول بتوريثها لبشار، والأخير لحافظ الثاني.